علمت صحيفة "الجمهورية" من مصادر بعبدا، أنّ "رئيس الجمهورية ميشال عون وضع ملاحظاته على مسودة التشكيلة الحكومية الّتي قدّمها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ولديه اسئلة فيما يتعلق بالمعايير التي اعتمدها ميقاتي في التركيبة، لجهة تغيير عدد من الوزارات دون سواها ووزراء دون سواهم، ويرى عون أن لا توازن في التشكيلة بعد التعديلات التي أجراها؛ فالتدبير طاولَ طوائف ولم يطل غيرها".

وأشارت المصادر إلى أنّ "الملاحظات التي وضعها رئيس الجمهورية تتعلق بالتغيير والمبادلة التي اجراها ميقاتي، وسؤاله لماذا طاوَل تدبيره وزيراً دون آخر، فرئيس الجمهورية كذلك لديه ملاحظات على بعض الوزراء الموجودين في الحكومة ويحقّ له ان يُدلي بها"، مؤكّدةً أنّ "اللقاء اليوم بين الرئيس عون وميقاتي هو للتداول في الصيغة، وستليه لقاءات اخرى".

في السياق، لفت مصدر سياسي رفيع مطلع على الاتصالات الحاصلة حول تشكيل الحكومة، لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "ميقاتي لا يستطيع إلا ان يأخذ ويعطي مع رئيس الجمهورية للتوافق على تشكيلة"، متوقّعًا أن "لا يعطيه جواباً على الملاحظات في لقاء اليوم، انما سيأخذ هذه الملاحظات لدرسها".

وأوضح أنّ "ميقاتي بوَضعه تشكيلة حكومية سريعاً، يكون قد فتح "الردّة"، وبالتالي نحن دخلنا في بازار تأليف ربما يطول وربما لا، لا احد يمكنه التكهّن، لكن نستطيع القول ان العمل على التشكيلة الحكومية بات على نار ليست متوسطة لا تصل الى درجة الحماوة"، مُقِرًّا أنّ "بغضّ النظر عما يقال من صعوبة تشكيل حكومة في هذه الظروف، فإنّ هذا الامر ليس مستحيلا، ويمكن ان يتوصّل الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية الى حل. فلننتظر ونرى الى ايّ مدى هناك ارادة لتشكيل حكومة جديدة".

ورأى المصدر أنّ "هذا الامر لم تظهر فيه حماسة واهتمام لا داخليا ولا خارجيا، فلا احد يدفع في اتجاه تشكيل حكومة حتى الآن، والرئيس المكلف يعلم ان هذا الموضوع ليس سهلاً فهو رمى "العديلة"، اي الحِمل، ويدرك تماماً ان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لن يقبل بالتنازل عن وزارة الطاقة، لكن مجرد ان يبدأ بتعميم مفهوم انّ "الطاقة" يمكن ان لا تكون للتيار، فهذا خرق في حد ذاته، وما قام به ميقاتي هو مقصود، وانه يعلم انّ الطاقة هي حياة او موت بالنسبة الى التيار وهناك اشكالية كبيرة حولها؛ وهو اراد ان يخاطب المجتمع الغربي اكثر منه في الداخل ليقول انه قادر ان يتحمّل هذه المسؤولية".

صندوق تَعاف

ذكرت مصادر نيابية لـ"الجمهورية"، انّ "ميقاتي طرح أثناء مشاركته في جلسة لجنة المال والموازنة أمس، افكاراً جديدة لم تكن واردة في خطة التعافي"، مبيّنةً انه "طُلب منه تقديم هذه الأفكار مكتوبة لدراستها جيداً قبل إعطاء ردّ نهائي عليها". وكشفت أنّ "ميقاتي اقترح إنشاء صندوق تَعافٍ لمعالجة مشكلة الودائع المصرفية، على أن يتم تمويله من شهادات الإيداع ورساميل المصارف وفائض النمو".

وأفادت بأنّ "الطابع الانشائي والشعبوي لا يزال طاغياً على غالبية المداولات والمداخلات"، منبّهةً إلى أنّ "وضع البلد المستمر في الانهيار لم يعد يتحمّل مواصلة هذا النوع من المقاربات النظرية، ويكفي ان تبقى المعالجات حتى الآن كلاماً بكلام فيما كل شيء يتداعى من حولنا"، ومشددة على انه "حان الوقت للانتقال الى حلول عملية توقف الانهيار والنزف، والّا "فالبلد عم بيروح بين أيدينا".

واعتبرت المصادر انه "لا يجوز ربط كل الملفات الداخلية الحيوية بالقضايا الكبرى الشائكة والمعلقة"، مشيرة الى ان "الداخل يملك هامشا واسعا للمبادرة في اتجاه حل بعض الازمات، إذا امتلك الارادة التي لا تزال مفقودة للأسف الشديد".

وزراء الخارجية العرب

بموضوع اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب، الذي تستضيفه بيروت غداً السبت، لمناسبة ترؤس لبنان هذه الدورة، أوضحت مصادر معنية لـ"الجمهورية" انه "ليس هناك من جدول أعمال لاجتماعات المجلس، فهي جلسة تشاورية، ويمكن لأي وزير ان يقدّم عرضاً عن اولويّات بلاده في سياساتها البينية بين العرب وتجاه القضايا العربية والدولية الكبرى".

ولفتت إلى أنّ "المناقشات لن توفّر ملفاً اقتصادياً او دبلوماسياً وامنياً إقليمياً ودولياً، ولذلك ستشمل الازمة السورية من جوانبها المختلفة، وما يجري في فلسطين المحتلة والقدس تحديدا كما بالنسبة الى الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمتَي الغذاء والطاقة العالميين، وتداعيات كل هذه الملفات على الدول العربية وسبل مواجهتها للتخفيف من آثارها السلبية التي طاوَلت دولاً عدة في مختلف القارات".

هذه أسباب اعتراض "التيار الحر" على تشكيلة ميقاتي

أكّد قيادي في "التيار الوطني الحر"، في حديث إلى "الجمهورية"، تعليقاً على التصور الحكومي الذي سلّمه الرئيس المكلّف إلى رئيس الجمهورية، انّها "تشكيلة مفصّلة على قياس ميقاتي حصراً، وهي تؤشر إلى استخفاف تام بوضع اليد من جهة وبقواعد التشكيل السليم من جهة أخرى". وركّز على أنّ "ميقاتي كان يعلم في قرارة نفسه انّ عون لا يمكنه أن يقبل تشكيلته الهجينة، ولكنه رفعها فقط من باب ان يوحي بأنّه أدّى قسطه للعلى، وانّ الكرة أصبحت في ملعب عون، وذلك في محاولة للتشاطر وإحراج الرئيس والتيار".

ووجد أنّ "ميقاتي أراد من خلال استبدال وزير الطاقة الحالي وليد فياض بشخص آخر هو وليد سنو، استفزاز عون والتيار، واستدراجهما إلى رفض التشكيلة لهذا السبب على نحو أساسي، وبالتالي إظهارهما امام اللبنانيين بمظهر من يتحمّل مسؤولية عرقلة ولادة الحكومة، نتيجة تمسكهما بالاستحواذ على حقيبة الطاقة؛ في وقت يستمر البلد في الانهيار والتحلل".

وأعلن القيادي أنّ "التيار لم يعد متمسّكاً بوزارة الطاقة، وما صرّح به النائب آلان عون في هذا السياق يعكس موقف قيادة التيار وليس اجتهاداً شخصياً، لكن المطلوب في الوقت نفسه ان تكون هناك مداورة في الحقائب الأخرى من دون أي احتكارات، وان يتمّ اعتماد معايير موحّدة في التشكيل بعيداً من الاستنسابية التي تحكّمت بالطرح المرفوع من ميقاتي الى عون".

وذكر أنّ "من غرائب التشكيلة المقترحة، انّ ميقاتي لجأ الى استبدال وزير المال يوسف خليل بشخص أكثر وضوحاً في انتمائه السياسي الصريح وهو ياسين جابر. وعمد كذلك الى إعطاء جورج بوشكيان حقيبة الاقتصاد بدل الصناعة، علماً انّ بوشكيان خاض الانتخابات وفاز بمقعد نيابي عن حزب "الطاشناق"، اي انّه أصبح يُصنّف كشخصية حزبية، في حين انّ ميقاتي يوحي ظاهرياً بأنّه يريد حكومة تكنوقراط لا وجود للسياسيين والحزبيين في صفوفها".

كما شدّد على أنّ "من الضروري ان تكون هوية الحكومة المفترضة واضحة، فإما انّها تكنوقراط، وتشمل هذه القاعدة الجميع، وإما انّها سياسية ويسري ذلك على اختيارات الجميع. أما ان يؤتى بوزراء حزبيين لإرضاء بعض القوى وتوضع قيود على قوى أخرى فهذه استنسابية مرفوضة".

وتساءل القيادي: "إذا كان ميقاتي قد استبعد وزير المهجرين عصام شرف الدين عن لائحته الحكومية، لأنّ "الحزب الديمقراطي" برئاسة طلال أرسلان خسر الانتخابات النيابية، فلماذا لا يعمّم هذا المعيار ويشكّل حكومته ككل، استناداً الى قاعدة احترام نتائج العملية الانتخابية وتسييلها في وعاء الأحجام والأسماء؟ "الّا إذا كان المطلوب انو تطلع القصة براس المير لوحدو".

ورأى أنّ "أفضل مقاربة هي التي تنطلق من محاكاة نتائج الانتخابات في التشكيل"، متسائلاً: "ما نفع الانتخابات النيابية، وأي جدوى لها إذا كانت حصيلتها لن تؤخذ في الاعتبار عند تأليف اول حكومة بعد إجرائها؟". وأشار إلى أنّ "الأفضل من حيث المبدأ تدعيم الحكومة الجديدة ببعض الوزراء المسيّسين، لتعزيز مناعتها وقدرتها في مواجهة الملفات والتحدّيات الصعبة"، نافيًا أن "يكون التيار قد اقترح تعيين 6 وزراء دولة سياسيين".