تراجع نصيب الفرد اللبناني من الدخل القومي الإجمالي إلى مستويات تلامس الفقر، للمرة الأولى منذ 25 عاماً، بفعل الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالبلاد، ما دفع البنك الدولي لتصنيف لبنان ضمن فئة "بلد ذي دخل متوسّط أدنى"، وذلك بعد أن كان "بلداً ذا دخل متوسّط أعلى".

وصنّف البنك الدولي اقتصادات العالم ضمن 4 مجموعات ذات دخل: منخفض، ومتوسط أدنى، ومتوسط أعلى، ودخل مرتفع. وصُنف لبنان هذا العام ضمن فئة "بلد ذي دخل متوسط أدنى"، وهي المرتبة الثالثة في المؤشر التي تسبق الدخل المنخفض. وأوضح البنك في تصنيفه الصادر مطلع الشهر الجاري أنّه "للعام الحادي عشر على التوالي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد في لبنان في عام 2021، وشهدت البلاد أيضاً انخفاضاً حادّاً في سعر الصرف". وعادة ما تؤثر عوامل مثل النمو الاقتصادي والتضخم وأسعار الصرف والنمو السكاني، على مستوى نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.

وقالت مصادر مالية إن هذا التصنيف ناتج بشكل أساسي عن تراجع الناتج المحلي من 55 مليار دولار سنوياً في عام 2018، إلى 22 مليار سنوياً في هذا الوقت، لافتة في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" أن التراجع بلغ 6 في المائة عن العام الماضي؛ لكن الانخفاض الكبير حصل في عام 2020، حين تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية بالعملة الصعبة "يوروبوندز"، معتبرة أن ذلك التخلف كان بمثابة "منعطف خطير في مؤشرات لبنان المالية بين المعالجة والانهيار". وقالت: "طبيعي أن يتراجع متوسط دخل الفرد مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي»، ما وضع لبنان في مصاف "الدول التي تميل إلى الفقر".

وقالت المصادر إن مجموعة عوامل ساهمت في منع المؤشر من التدهور أكثر إلى مستويات أكثر فقراً، تتصدرها التدفقات النقدية الخارجية، والمساعدات الدولية المخصصة للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب دينامية القطاع الخاص الذي يتسم بالحيوية والقدرة على التكيف مع الأزمات والظروف المستجدة. وقالت المصادر إن لبنان "شهد تنمية في الصادرات والصناعات المحلية، ما خفف من عجز ميزان المدفوعات بالعملة الصعبة، واستطاعت الصناعات المحلية التي تشمل مواد غذائية وكيميائية مثل أدوات التنظيف والأدوية، أن تغطي جانباً من الواردات الأجنبية التي تقلص بعضها بسبب عجز اللبنانيين عن الإنفاق".

ولا ترى مصادر مالية مطلعة على الحركة السياسية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة التعافي المالي، أنه من الصعب تجاوز تلك المؤشرات، جازمة في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" بأن مشكلة لبنان "سياسية، ويمكن أن تُحل المشكلات المالية في حال عولجت سياسياً"، قائلة إن "الفرصة قائمة للإمساك بمفاتيح النمو في حال توفرت الإرادة السياسية".

وأوضحت المصادر أنه "رغم كل الأزمات، لم يفقد لبنان فرصه، ويستطيع أن يرفع المؤشر إلى المراتب الأعلى بدعم دولي"، مضيفة: "ثمة تعويل على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتعزيز الثقة الاستثمارية بالاقتصاد اللبناني، وتوفير الأهلية للحصول على قروض دولية تساهم في زيادة النمو، إلى جانب دينامية القطاع الخاص". وقالت إن اقتصاد لبنان "صغير نسبياً، فقد تم التدهور بسرعة؛ لكن التعافي يمكن أن يكون سريعاً أيضاً".

أبوصعب وكنعان يقاطعان اجتماعات التيار

اشارت مصادر نيابية لـ "اللواء" الى تباينات داخل قيادات التيار مع باسيل، ظهرت بقوة بعد نتائج الانتخابات النيابية، وكشفت دعم باسيل لنواب من فريقه اللصيق على زملائهم في اللوائح نفسها، ما ادى إلى فوارق كبيرة بالاصوات بينهم،ما انعكس سلبا على علاقاتهم ببعض ومع مؤيديهم على الأرض.

ولاحظت المصادر غياب نائب رئيس المجلس النيابي الياس ابو صعب عن الاجتماعات الدورية للتيار منذ انتخابه نائبا لرئيس المجلس، في حين ان النائب ابراهيم كنعان، يحضر بصورة متقطعة.

بري وميقاتي

وفي هذه الاجواء، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أمس رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وجرى خلال اللقاء "عرض للأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية"، بحسب المعلومات الرسمية.

وفيما غادر ميقاتي من دون الإدلاء بتصريح، ربطت مصادر مطلعة اللقاء بقضيتين: الاولى تتعلق بما آلت إليه الاتصالات والمشاورات في شأن تأليف الحكومة، والثانية تتعلق بالموقف الذي اعلنه ميقاتي ووزير الخارجية الذي اعترض على "المسيّرات" فوق حقل كاريش.

وعلمت "الجمهورية" ان بري وميقاتي اتفقا على ان يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة عامة بعد عطلة عيد الاضحى​ لمناقشة واقرار مشاريع القوانين المهمة المطلوبة داخلياً ودولياً في اطار خطة التعافي وخارجها، ومنها ​قانون ​الكابيتال كونترول والسرية المصرفية​ وفتح اعتمادات إضافية بالإضافة الى ​خطة التعافي​ ومشروع قانون موزانة 2022 في حال انجزت لجنة المال والموازنة درسه حتى ذلك الحين.

المفاوضات والمسيّرات

وعلى صعيد ملف ترسيم الحدود والمفاوضات و"مسيّرات" الحزب فوق كاريش وردود الفعل الداخلية والخارجية عليها، قالت مصادر لبنانية بارزة لـ"الجمهورية" ان الموقف الذي اعلنه ميقاتي وبوحبيب بعد اجتماعهما امس الاول، وعلى رغم قول البعض عنه انه "متطور" والبعض الاخر انه "غير كاف"، إنما "يؤكد تصميم لبنان واصراره على متابعة مفاوضات الترسيم غير المباشرة مع اسرائيل واستمرار الوساطة الاميركية لإيصالها الى الاتفاق الذي يضمن حقوق لبنان ومصالحه في التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما".