لفت عضو تكتّل "الجمهوريّة القويّة" النّائب ​رازي الحاج​، إلى أنّ "​لبنان​ في مأساة وضحيّة جريمة منظّمة، أساسها الانقضاض على منطق السّياسات العامّة وسوء حوكمة في السُلطة التّنفيذيّة، ويترافق هذا الانقضاض مع تحالفٍ عميقٍ بين المافيا والميليشيا لضرب هويّة لبنان وأسسه الميثاقيّة ومؤسّساته الدّستوريّة".

وأوضح، في مؤتمر صحافي من مجلس النوّاب، أنّ "ما نحن بصدد مقاربته اليوم، قضيّتين سياسيّتين بوجهٍ إنسانيّ، وليس العكس، وحديثي عن قضيّة ​اللاجئين الفلسطينيين​ و​النازحين السوريين​، اللّتَين، وعلى تمايزٍ في كلٍّ منهما يتلاقيان في تعميق مأساتهم مليون ونصف مليون نازح سوري، و300 ألف لاجئ فلسطيني، ومعهم ​الشعب اللبناني​".

وركّز الحاج على أنّ "هذا يقتضي لمرةٍ جديّة الخروج عن العشبويّة والخفّة والخبث والأجندات المتناقضة، والعودة إلى منطق السّياسات العامّة العلميّة، الّتي تخلّت عنها الحكومات المتعاقبة منذ عقود، لصالح منهج منظومة لا علاقة لها بمصلحة لبنان ولا بحقوق اللّاجئين والنّازحين".

وأشار إلى أنّ "العودة إلى منطق السّياسات العامّة العلميّة، يُثبت أنّ الحلول موجودة لكن ثمّة غاياتٍ في نفس أكثر من يعقوب، تريد إبقاء هاتين القضيّتَين في مربّع المزايدات السّياسيّة وشدّ العصب الغرائزي، ويشيح النّظر عن ارتكاباتٍ وخطايا بحقّ تبنّي معادلة ذهبيّة هي "كرامة اللّاجئين والنّازحين تحت سيادة الدولة مع أولويّة العودة".

وتوجّه إلى ​الحكومة اللبنانية​ ورئيس الجمهوريّة، سائلًا: "لِمَ حتّى الآن لم تُطبّق مفاعيل إنهاء اتّفاق القاهرة، وبالتّالي يُسحب السّلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيّمات، ولا حاجة للتّجزئة في هذه المسألة، إذ أنّ التّجزئة جعلت سيادة الدّولة أسيرة حسابات إقليميّة لا علاقة لها لا بالأمن القومي، ولا بالمصلحة الوطنيّة العُليا يأيّ صِلة؟ لِمَ حتى الآن لم تُعِدّ الحكومة اللّبنانيّة ومَن سبقها، ملفًا دبلوماسيًّا متكاملًا في ما يُعنى بحقّ عودة اللّاجئين الفلسطينيّين، بحسب ما تصفه القرارات الدوليّة وفي مقدّمها القرار 194، وماذا عن خيار تقاسم الأغباء المنصوص عنه في القانون الدّولي؟".

‌كما تساءل: "لِمَ حتى الآن لم يوقّع لبنان على اتفاقيّة مقرّ مع وكالة غوث وتشغيل اللّاجئين الفلسطينيّين (UNRWA)، بما يحدّد بوضوح حدود الحقوق والواجبات بين كلِّ منهما في كلّ القطاعات؟ لِمَ حتّى الآن لم يتمّ تنظيم وحلّ الإشكالات القائمة في ملفّ الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة والعامّة الّتي تقوم عليها ​المخيمات الفلسطينية​؟ و‌لِمَ حتّى الآن لم يتمّ العمل على تزويد اللّاجئين الفلسطينيّين ببطاقات لاجئ ممغنطة بدل تلك الزرقاء، والّتي هي غير قابلة للضّبط ومنع التّزوير، ثمّ هل تمّ توحيد القيود ما بين ​الدولة اللبنانية​ بكل مؤسّساتها و​الأونروا​، لكي يُبنى على الشّيء مقتضاه أي سياسة عامّة ودبلوماسيّة لحقّ العودة؟".

وفي قضيّة النّازحين السوريّين، سأل الحاج: "لِمَ حتى الآن لا أرقام موحّدة لدى مؤسّسات السّلطة التّنفيذيّة، وماذا عن تصنيف هؤلاء بين نازحين وعمّال، ولِمَ تمّ تجاهل هذا التّصنيف القانوني حتى السّاعة؟ لِمَ حتى الآن تجاهلت الحكومة اللّبنانيّة ومن سبقها توقيع بروتوكول تعاون مع المفوّضيّة العليا لشؤون اللّاجئين (UNHCR)، وإذا كان الجواب أنّ هذا يحوِّل لبنان إلى بلد لجوء، فإنّ جوابًا مماثلًا لا علاقة له لا بالمنطق القانوني، ولا بمنطق السّيادة، وبروتوكول تعاون أساسيّ لتحديد الحقوق والواجبات، وبحث سياسة عودة للنّازحين؟".

وتساءل: "لِمَ رفض طرح إنشاء مراكز إيواء موقّتة حدوديّة داخل ​سوريا​، وتحت رعاية الأمم المتحدة، ممّا يسهِّل العودة، هل رفض الطرح للإبقاء على التهريب بارتياح، وعلى حدودٍ مفتوحة لحركة "حزب الله" بارتياح أيضاً، عدا ذلك فَلتُجِبنا الحكومة؟ لِمَ لَم تطلب الحكومة اللّبنانيّة من خلال وزارة الخارجية والمغتربين من مجموعة الدّعم الدّوليّة الخاصّة بلبنان، وضع مسالة عودة النّازحين السوريّين من لبنان في أجندة جلسات مجلس الأمن، ولِمَ أيضاً لم تطلب أن يكون لبنان عضوًا مراقبًا في مسار جنيف، انطلاقًا من عدم قدرته من بعد على تحمّله هذه الأعباء، وهو كان طلب متأخِّرًا أن يكون عضوًا مراقبًا في مسار أستانة الّذي انتهى إلى فشل ذريع؟".

‌إلى ذلك، سأل الحاج: "لِمَ لَم تطرح الحكومة اللّبنانيّة على جامعة الدول العربية سيناريو دبلوماسيًّا للعودة، تسانده فيها المجموعة العربيّة في الأمم المتحدة وتحديدًا في مجلس الأمن في خياره، بدل الكلام من فوق السّطوح العديم الجدوى، أولم يكن الأجدى مثلًا طرح فكرة إنشاء مراكز إيواء أيضًا في مناطق عازلة حدوديّة؟ وما هي خطّة الحكومة اللّبنانيّة لموازنة المساعدة للمجتمعات المضيفة للنّازحين؟".

وشدّد على أنّ "في محصّلة هذه الأسئلة، من الواضح أنّ السّلطة التّنفيذيّة تحترف الشّعارات الشّعبويّة، وبعض القوى السّياسيّة المعروفة الارتباطات تحترف المزايدات، في وقت مأساة الشعب اللبناني تزيد، الأعباء الاقتصاديّة- الاجتماعيّة- الماليّة تتفاقم، ومأساة النازحين السوريّين الفعليّين أيضًا عميقة".

أكّد أنّ "هناك خطرين كبيرين يتهدّدانا، الأول تفتيت الهويّة اللّبنانيّة، والثّاني تفتيت الهويّة السّوريّة، وهذا لا يخدم أبدًا مستقبل شعبَين وذاكرة شعبَين تألّما وما زالا. عودة النازحين إلى سوريا أولويّة"، مبيّنًا أنّ "المنظومة السّياسيّة في تحالف المافيا- الميليشيا استعملت مصطلح النّازحين فيما هو خطأ، إذ إنّ النّزوح هو داخل الدولة، وكلّ تبرير غير ذلك يبقى في إطار الديماغوجيا".