نَحنُ مِن لبنانَ، وَلَنا قِمَمُ جِبالِهِ مَرتَعَ إندفاعِنا، مُنبَسِطاًطوبى في فَوضى الجُغرافيا المُلتَهِبَةِ.

صَليبُ الأمَمِنَحنُ.ذَبيحَةُ المَذبَحِنَحنُ، وَنَحنُ مَذبَحُ الفِداءِ، وَقَد حَقَّقناهُ: دَمُنا المِهراقُ لِعالَمٍ مُيَمَّمٍ شُطورَ التَلَطِّيَ بالتَهَرُّبِ تارَةً وَبالعَمى أطواراً، لأَطوارٍ صَمَّاءَ. وَكَلِمَتُنا الله، تَتَكَلَّمُ عَن نَفسِها بِوَجهِ إستيطانِ النُكرانِ وَفَراغِ التَنَكُّرِ وَدَمارِ الرَفضِ.

مَرفوضونَنَحنُ لأنَّنا نَحنُ.

وَمرفوضونَ نَحنُ لأنَّنا هوَ. لبنان.

ها الشَرقُالذي كانَ بيلاطُسُهُيُكَرِّسُ وَيُثَبِّتُ بيلاطُسيِّينا يُحارِبُهُ بِنا. وَها الغَربُ الذي كانَ يَهوَذُهُيُثَبِّتُوَيُكَرِّسُ يَهوَذيِيِّنا يَدفُنُه بِنا.

هوَ لأنَّهُ نَحنُ.

وَنَحنُ لأنَّنا هوَ. لبنان.

أجَل! ها هُما يَلتَقيانِ لا عَلى أمرٍ سِوى تَحريمِهِ فينا، وَتَحريمِنا فيهِ. فالشَرقُ مُتحالِفٌ في بَطانِيَّةِ ريائِهِ، وَالغَربُ في باطِنِ خُبثِهِ، لِيَحكُما عَلَينا... بالمَوتِ الآتي مِنهُما.

لَكنَّهُهوَ سِرُّنا وَنَحنُ مُجازَفَتُهُ، مُذ كانَ شَرقٌ وَنَحنُ فيهِ. وَهوَ مٌجازَفَتُنا وَنَحنُ سِرُّهُ مُذ كانَ غَربٌ وَنَحنُ فيهِ. بَينَ المَحجوبِ فيهِ، والمَنظورِ مِنَّا، ما جاهَدنا إلَّا لِدَحضِ عيائِهِ من إنسانيَّاتٍ لا تُجازِفُ وَهي مُنهارَةٌ.

لأجلِهِ نَرتَقي الى السَماءِ، حينَ الإنتِماءٌ زَحفٌ مَشدودٌ مِن مُعتَقَلٍ الى مٌعتَقَلٍ، وَمِن تَحقيقٍ الى تَهديدٍ، لأيِّ مُستَقوٍ بِرَفعِ إصبَع.

وَلأجلِهِ نُباعُ، بأبخَسَ مِن جِزيَةٍ، وَما لَناإلَّا هوَ قانونَ إعتِرافِنا، فَما بَلَغَ النَوى مِنَّا مَذَلَّةً.

وِلأجلِهِ نواجِهُطُغاةً وأشباهَطُغاةٍ، فَتُمَزِّقُنا أنيابُ وحوشِهِم، وَتُطرَحُأشلاؤنا دُروسَإمبراطوريَّاتٍ قاتِلَةٍ، جاحِدَةٍ، فاسِقَةٍ.

فَنَحنُ بُشراهُ نَبقى لإثباتِهِ، وَخيارُنا أن لَيسَ سِواهُ لَنا، وَلَيسَ سِواهُ قَناعَتُنا. مَعاً نَبقى البُرهانَأن لا غَلَبَةَ لِظُلمٍ مَهما تَجَبَّرَ واستَحالَ سُلطَةً، وَلا سُلطَةَ لِظالِمٍ مَهما عَنُفَت بِتِبادُلِ إضطِهاداتٍ. وَلا نُضاهى لأنَّنا لا نَنهَزِم، وَهوَ بِنا لا يُضاهى لأنَّه لا يُدفَنُ.

عُمقُإنتِمائِناأن لأَجلِ آجالِ الحُرِيَّةِ كُنَّا وَبَقينا وَسَنَكونُ. لا نِهايةَ لَنا، شاءَ مَن شاءَ وأبى مَن أبى، لأنَّنا حاجَةُ الأرضِ الى إستيلادِ البِداياتِ، كُلَّ مَرَّةٍ تَبلُغُإنحِطاطاتُ الوجودِدَنايا الإندِحارِ.

وَمَن نَحنُ؟

ألا فَلتَكتُب دِماؤنا، على صَفحاتِ الدُهورِ:

نَحنُ مَسيحييُّو لبنان، الذين هو، مُستَحيلونَ في أيِّ إكتِفاءٍ. مُنذُ البَدءِ كانَ فينا، وَفينا في البَدءِ كانَ. لَنا سُخطُنا عُصيانَ اهواءِذَوي السُلطانِ وَتَجارِبِهِ. وَحينَ المُحالُ أساسٌ، نَحنُ لِلبنانَ تَكوينٌ مُحَقَّقٌ بإعجابٍ وَمأخوذٌ بإستِعذابٍ.

أما أدرَكَت مَشارِقُالعالَمِ في إقصائِها الآخَرَ، المُختَلِفَ، أنَّنا، لأنَّنا هِبَتُهُ، لا قَضاءَ يَقضي عَلَينا؟

وأما أدرَكَت مَغارِبُالعالَمِ في تَدجينِها ألآخَرَ، المُختَلِفَ، أنَّنا، لأنَّنا هِبَتُهُ، لا قَوَّةَإخافَةٍ قادِرَةٍ على إقتلاعِنا مِنهُ؟

فَلتَتَأبلَسُأيُّ وَحشِيَّةٍ، نَحنُ لَهُ وَبِهِ، كُلُّ غَلَبَةٍ. وَما قُدرَتُنا إلَّا بِهِ، فَلا قُدرَةَ بَعدُ سِواهُ.

لا! لَيسَت صَحارى المَشارِقَ مُخاصَمَتُنا، فَمِنَّا وجوبُ سِفرِإرتقائِها لِسُموِّ الخالِق.

لا! لَيسَت في المَغارِبَ لَنا إرتِهاناتُ الإستِعمارِ، فَبِحياتِنا حَصادُها مِن زؤانِ حِنطَتِها، وَخَلاصُها.

لا! لَيسَ العالَمُ، الذي يَستَبسِلُ في الإرعابِ حَدَّ إخضاعِ الله–وَهوَ أشَدُّإيلاماً مِن دَفنِهِ مَرَّةً وَحيدَةً، نِهائِيَّةً–،يَستَغني عَنَّا، فَنَحنُ الذينَ نَختَلِقُ الرَونَقَ لِكُسوفِهِ، لأنَّنا قَرَّرنا أن نَثبُتَ في حُضورِ الألوهَةِ لأجلِ تَحقيقِ إنسانيَّةِ الإنسانِ.

نَحنُ،هُنا، في لبنانَ، مُستَقبَلُ الله، وَهذِهِ مُخاطَرَتُنا الأكَبرُ، لأنَّهاتؤَجِّجُ خَفَقاناً يَصرُخُ: "أبانا!" وَهوَ مُدرِكٌأنَّ هذا الآبَ لَيسَإلَّا الله!.

*الصورة المرافقة مائيّة للرسام غازي توتونجي