بحث الرّئيس الأَميركيّ جو بايدن مع الشّيخ محمّد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإِمارات العربيّة المُتّحدة، الأُسبوع الماضي، وأَثناء زيارته بايدن جدّة لحُضور "قمّة جدّة للأَمن والتّنمية"، في "مجموعةٍ مِن الفرص والتّحديات الإِقليميّة والعالميّة الّتي تتطلّب تنسيقًا وثيقًا بَيْن البلدَيْن كشريكَيْن استراتيجيَّيْن".

وفي قراءةٍ لهذا الحدث غير العاديّ، والّذي يرسم ملامح العلاقات الثُّنائيّة بين البلدَيْن، إِذ يحمل في طيّاته، ما أَشار إِليْه بيانٌ للبَيْت الأَبيض، تلا اللّقاء، عن أَنّ "الزّعيمَيْن أَكّدا التزامهما تعميق التّعاون الأَمنيّ الواسع الّذي جعل كلا البلدَيْن أَكثر أَمانًا، وساهم في شكلٍ رئيسيّ في السّلام والاستقرار الإقليميَّيْن"... يبدو أَنّ التّقدير الأَميركيّ للإِمارات، في شأن تشييد أُسُس العلاقات الدّيبلوماسية مع إِسرائيل و"تعميق التّعاون مع الدُّول الأُخرى في المنطقة"، سيسمحُ لها في هذا الدَّور المحوريّ، على اعتبار أَيضًا أَنّ دولة الإِمارات هي الدَّولة الوحيدة في الشّرق الأَوسط الّتي نشرت قُوّاتها العسكريّة إِلى جانب الجيش الأَميركيّ في كُلّ تحالفٍ أَمنيٍّ دوليٍّ تُشارك فيه الولايات المُتّحدة مُنْذ درع الصّحراء... وكذلك عاصفة الصّحراء (1990-1991)... مِن دون أَنْ ننسى التّعاون الأَميركيّ-الإِماراتيّ، الوثيق والمُستمرّ، مُنْذ عُقود، في "المهمّة المُشترَكة لمُكافحة الإِرهاب والتطرُّف العنيف".

تعميق رَوابط إِقليميّةٍ

وعلى خطٍّ مُوازٍ، يسعى "التّحالُف المُتجدّد"، وَفقًا للمُعْطَيات الجديدة في المنطقة الشّرق أَوسطيّة، إِلى إِقامة علاقاتٍ اقتصاديّةٍ وتجاريّةٍ وشعبيّةٍ جديدةٍ بَيْن إِسرائيل والإِمارات والبحرَيْن والمَغرب وكذلك في تعميق الرّوابط بَيْن هذه الدّول ومصر والأُردن، مِن خلال أُطُرٍ جديدةٍ للتّعاون!.

وبالعَودة إِلى لقاء بايدن – بن زايد، فقد جدّد الرّئيس الأَميركيّ التزامه دعمه "الدّفاع عن الإِمارات ضدّ الأَعمال الإِرهابيّة وغيرها مِن الأَعمال العدائيّة، مثل الهجمات الّتي استهدفت مَواقع مدنيّةً في الإِمارات في كانون الثّاني 2022، فيما يعتزم الرّئيسان تسريع المناقشات لتعزيز هذه العلاقات التّاريخيّة وتكثيفها. كما والتزما "مُواصلة التّعاون الوثيق الّذي أَدّى إِلى الهدنة في اليمن"، الّتي دخلَت أُسبوعها الخامس عشر... على الرُّغم مِن التّهديدات الّتي ما زالت تنطلِق مِن اليمن، كما ومِن أَماكن أُخرى... وأَهميّة ضمان أَنْ تمتلك الإِمارات "أَفضل الوسائل وأَنجعها، للدّفاع عن وطنها وشعبها".

حلّ الدّولتَيْن والملفّ العراقيّ

وكذلك عرض الرّئيسان لأَهميّة حماية آفاق حلّ الدَّوْلتَيْن، مع التّشديد على أَن تعود "فوائِد اتّفاقات إِبراهيم" بالمنفعة على الفلسطينيّين. وأَكّدا كذلك دعمهُما العراق، مُرحّبَيْن على خطٍّ آخر بِـ "الاتّفاقات التّاريخيّة لربط شبكة كهرباء العراق بشبكات دُوَل مجلس التّعاون الخليجيّ"، إِضافةً إِلى مشاريع أُخرى تزيد مِن اندماج العراق في المنطقة الكُبرى!.

تعاونٌ تجاريٌّ

وفي الشّأن التّجاريّ، تُعتَبر الإِمارات واحدةً مِن أَسرع الشّراكات الاقتصاديّة الأَميركيّة نُموًّا على مُستوى العالم، وأَكبر شريكٍ تجاريٍّ للولايات المُتّحدة في الشّرق الأَوسط، ومُستثمرًا مُهمًّا في الاقتصاد الأَميركيّ... كما وتدخُل إِسرائيل، في هذا الملفّ أَيضًا، على الخطّ، مِن خلال اتّفاقات التّجارة الحُرّة الأَخيرة، المُوقّعة مع إِسرائيل والهند وإِندونيسيا، إِضافةً إِلى الاستثمارات الجديدة في الأُردن ومصر.

شراكاتٌ تعليميّةٌ وثقافيّةٌ

وثمّة شراكاتٌ تعليميّةٌ وثقافيّةٌ وصحيّةٌ بَيْن الولايات المُتّحدة والإمارات، يتجلى بعض مظاهرها، بالتزامٍ إِماراتيٍّ طويل الأَمد، بأَمن الطّاقة العالميّ كمَوْردٍ مَوْثوقٍ ومسؤُولٍ، كما وبدفع العمل المُناخيّ، بتطوير تقنيّات الطّاقة النّظيفة.

نموذج للشّراكات

وقد تشهد الفترة المُقبلة، إِطلاق اتّفاقاتٍ في شأن المياه والطّاقة الشّمسيّة بَيْن إِسرائيل والأُردن باستثماراتٍ إِماراتيّةٍ وأَميركيّةٍ، كنموذَج للشّراكات المُستقبليّة في المنطقة.

قُوّة تغيير ومُواطَنة!

كما وأَقرّ بايدن بأَهميّة الإِمارات "كقُوّةٍ للتّغيير والمُواطَنة العالميّة"، وأَثنى على "ريادتها في تعزيز التّعايش الدّينيّ، وتحدّي الكراهية الدّينيّة، مِن خلال مُبادراتٍ مثل (دار العائلة الإِبراهيميّة) و(مركز الهداية)"... وكذلك شدّد بايدن وبن زايد، على "المكانة الاستثنائيّة للإِمارات باعتبارها مَوْطنًا مُتسامِحًا لأَكثر مِن 200 جنسيّةٍ وديانةٍ، تتعايش في سلامٍ.

جُهوزيّةٌ إِماراتيّةٌ

إِنّ كُلّ المُعطيات، تُؤشّر إِلى أَنّ دولة الإِمارات كاملةُ الجُهوزيّة لتأدية دورٍ محوريٍّ، يُساهم في نقل المنطقة إِلى ضفّةٍ أُخرى!.