يُسابق رئيس حزب القوات ​سمير جعجع​ الوقت قبل انطلاق جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، فهو يشعر بوجود فرصة لانتخاب رئيس قبل الدخول في مرحلة من الفراغ الرئاسي الطويل، لذلك حثّ المعارضة على الاتفاق على إسم لمواجهة مرشح 8 آذار، أي سليمان فرنجية الذي وبحسب معلومات "النشرة" لن ينتظر كثيراً ليُعلن أنه مرشّح للرئاسة، ويبدأ عمله كمرشح من خلال الحديث عن برنامجه الإنتخابي، وإطلاق سلسلة من الجولات السياسية على القوى لعرض برنامجه وحثّهم على تبنّي ترشيحه.

إن هذه المعطيات، معطوفة على ملفّ ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، والذي دخل مرحلة حساسة للغاية، يُفترض بحسب القراءات أن تنتهي على خير بالنسبة للبنان، جعلت جعجع يستعجل إعلان دعم قائد الجيش جوزاف عون الى الرئاسة.

منذ أيام قليلة أعلن جعجع، دعمه لقائد الجيش ل​رئاسة الجمهورية​، "إذا تبيّن أن حظوظه متقدمة"، كاشفاً "إنّ التواصل بين أطراف المعارضة بدأ للتفاهم على موقف من استحقاق الرئاسة".

رغم عدم إعلان عون لترشّحه الى الرئاسة بعد، اعلن جعجع دعمه، وهذا ما تقرأه مصادر سياسيّة رفيعة في فريق 8 آذار بأنّه محاولة لسدّ الطريق على فرنجيّة، عبر ترشيح قائد الجيش الذي بنظر جعجع يحظى بدعم أميركي كامل.

تُشير المصادر الى أن رئيس حزب "القوات" فضّل فتح المعركة باكراً لاستقطاب الدعم الخارجي لعون، على اعتبار أن خيار وصوله الى الرئاسة يبقى أفضل من خيار وصول فرنجيّة، بالنظر الى عدم وجود أيّ حظوظ لوصول جعجع نفسه الى بعبدا، ويريد الأخير محاولة حسم مسألة الرئاسة قبل إنجاز ترسيم الحدود الذي باعتقاده سيذهب الفضل فيه الى حزب الله الّذي رفع سقف التفاوض وفرض الترسيم.

قال جعجع للخارج بأن قائد الجيش يحظى بالقبول من بعض القوى، وبحال ضغطت الجهات الخارجيّة قد تسمح بوصول عون، الذي يُعتقد أنه سينال أيضاً رضى وبركة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يتناول الملف الرئاسي أسبوعياً، ويطالب برئيس من خارج الاصطفافات السّياسية وخارج المحاور، ويُفهم من طلبه هذا رغبته بوصول شخصيّة تشبه قائد الجيش الحالي.

حتى بالنسبة الى المعارضة، فإنّ طرح عون قد يلقى دعم نواب التغيير، لذلك يمكن اعتبار قرار جعجع ضربة موفّقة في معركة الرئاسة، إذا ما نظرنا إليها بهذا السياق، لكنها ضربة قد تحمل نتائج عكسيّة بحال مقاربتها بعيون "التيار الوطني الحر" الذي دون أي شك قد يجد نفسه أقرب الى فرنجيّة منه الى قائد الجيش، خاصّة أن دعم رئيس تيّار "المردة" لن يكون مجانياً بل من خلال صفقة سياسية كاملة، أما دعم قائد الجيش فلن يكون بمقدوره تقديم أي شيء بالمستقبل.

يمكن القول أنّه حتى اللحظة بدأت المنافسة تنحصر أكثر فأكثر، ما يُعطي انطباعاً بأن الانتخابات ستكون جدّية في إنتاج رئيس، إلا بحال تدخّلت جهات خارجيّة لفرض التأجيل بانتظار تسويات، عادة ما يكون لبنان آخر المؤثّرين فيها.