أجندة الكرملين العدوانية والتوسعية لا تزال كما هي في أوكرانيا: ففي 20 تموز، اعترف الوزير لافروف بنوايا روسيا للاستيلاء على المزيد من الأراضي الأوكرانية. لا زالت روسيا ترفض الدبلوماسية وتركز على الحرب والإرهاب.

الهجمات العدوانية الروسية في أوكرانيا باتت غير مجدية إلى حد كبير، على الرغم من استمرار الهجمات البرية المحدودة المترافقة مع القصف العنيف والهجمات الصاروخية والضربات الجوية على طول خط المواجهة، لا سيما في منطقة دونيتسك، أصبح من الواضح أن خطط الكرملين في أوكرانيا ستفشل.

تتمتع روسيا بتفوق عددي وكمّي كبير، خاصة في المدفعية. على الرغم من ذلك، تمكن المدافعون الأوكرانيون من فرض التوازن على الجبهة، بفضل الأسلحة الحديثة عالية الدقة التي يوفرها الشركاء الغربيون، والتي تُستخدم بشكل فعال لتدمير القواعد اللوجستية الروسية ومخازن الذخيرة ومراكز القيادة. لدينا إمكانات كبيرة يمكننا مدّ قواتنا على الجبهة بها، ولا سيما في منطقة خيرسون، ويمكن إلحاق خسائر جديدة كبيرة بالمحتلين؛ في مواجهة خسائرها الفادحة (39700 قتيل حتى 25 تموز)، تواصل روسيا التعبئة الخفية. فقد أمر الكرملين المقاطعات الروسية بتشكيل كتائب "تطوعية" لإرسالها إلى أوكرانيا. تبحث الشركات العسكرية الروسية الخاصة في تعبئة القوى العاملة والسجناء في بيلاروسيا؛ ولإدراكها أنها لن تكسب الحرب في ساحة المعركة، لجأت روسيا إلى إرهاب الدولة. الهجمات الصاروخية الروسية الضخمة، أكثر من 3000 صاروخ منذ بداية الحرب، تقتل العشرات من المدنيين بعيدًا عن خط المواجهة. هذه الجهود لترويع الأوكرانيين وإضعاف عزيمة شركاء أوكرانيا لا قيمة لها. بل على العكس من ذلك، سيكون لها تأثير معاكس.

توقعات الكرملين بأن "التعب من الحرب" سيضعف الدعم المقدم لأوكرانيا لا أساس لها: في الاجتماع الرابع لمجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا الذي عقد في 20 تموز، صرح عدد من الدول بشكل مباشر أن لا تعب من الحرب في أوكرانيا ولن يحدث شيء من هذا القبيل في المستقبل.

روسيا تشكل تهديداً لجميع الدول الديمقراطية في العالم. ما يسمى بـ "الموقف المحايد" من قبل بعض الدول لا يؤدي إلا إلى تحفيز المعتدي لمواصلة هجماته.

لا تتوقف روسيا عن بذل جهودها لجر القوات العسكرية البيلاروسية مباشرة إلى المعركة. تنشر وسائل الإعلام الروسية والبيلاروسية أخبار مزيفة تدعي أن "أوكرانيا تستعد لمهاجمة بيلاروسيا".

أوكرانيا وشعبها فقط من سيقررون متى وكيف ستنتهي الحرب وكيفية التوصل إلى السلام مع روسيا. يعتقد 89٪ من المواطنين الأوكرانيين أن الحرب يجب أن تنتهي بالتحرير الكامل للأراضي الأوكرانية داخل الحدود المعترف بها دوليًا.

بالنظر إلى جميع الجرائم التي ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا، فإن استمرار المفاوضات مع روسيا أمر مستحيل حاليًا. فقط عندما نوجّه ضربات مدمرة لقوات الاحتلال في ساحة المعركة ويدرك الكرملين أنه لن ينتصر في هذه الحرب، سيكون لأوكرانيا موقف تفاوضي قوي بما يكفي للدخول في محادثات جوهرية.

عضوية الناتو من شأنها ان تكون أفضل ضمان أمني لأوكرانيا. لن نحيد عن هذا الطريق. وإلى أن يحدث ذلك، تحتاج أوكرانيا إلى الضمانات الأمنية الفعالة والملزمة قانونًا، والتي من شأنها أن تمنع العدوان الروسي وتسمح بتعافي أوكرانيا الاقتصادي بعد الحرب.

تُعيّن روسيا إداراتها الاحتلالية، وتفرض جوازات سفر روسية، وتقوم بتجنيد الرجال الأوكرانيين في القوات المسلحة الروسية، وتُعد العدة لاجراء استفتاءات وهمية لتبرير المزيد من ضم الأراضي المحتلة موقّتًا.

ولضمان التكامل الاقتصادي للأراضي المحتلة مؤقتًا مع روسيا، تفرض إدارة الاحتلال الروبل الروسي، وتقيّد المدفوعات بالعملة المحلية، وتفتح فروعًا للبنوك الروسية، مما يقوض نشاط النظام المصرفي الأوكراني.

يتم فرض التعليم باللغة الروسية وفقًا للمعايير الروسية. في بعض المناطق المحتلة، يُمنع التدريس باللغة الأوكرانية، بل يمنع أيضًا التواصل باللغة الأوكرانية. المعلمون الأوكرانيون الذين يرفضون التعاون مع سلطات الاحتلال يتعرضون للاضطهاد الشديد.

سيطرت روسيا على مراكز البث التلفزيوني والإذاعي (الأبراج) ومنعت البث التلفزيوني والإذاعي الأوكراني. بدلاً من ذلك، تقوم روسيا بتأمين البث التلفزيوني والإذاعي الروسي ولشبه جزيرة القرم لاستخدامها في التضليل الإعلامي والدعاية. تستخدم روسيا أيضًا بشكل غير قانوني موارد الترددات الراديوية الأوكرانية لهذه الأغراض.

من خلال التشويش على الاتصالات الخلوية الأوكرانية وإتلاف البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية، تقوم قوات الاحتلال باستبدال مشغلي الهاتف المحمول الأوكرانيين بتلك التي تشغلها روسيا، وفرضت في نفس الوقت القواعد التشريعية الروسية فيما يتعلق بتوفير خدمات الهاتف المحمول.

تم إيقاف خدمات الإنترنت والهاتف الثابت الي كانت تقدمها شركة "JSC Ukrtelecom" في منطقة خيرسون. كما تم استخدام المعدات لإعادة توصيل البنية التحتية للاتصالات في المنطقة بشبكات شبه جزيرة القرم المحتلة وروسيا.

في الوقت الذي يقوم به الكرملين بتدمير البنية التحتية المدنية ويمنع إجلاء المدنيين من الأراضي المحتلة إلى الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في أوكرانيا، يمارس الترحيل القسري للمواطنين الأوكرانيين إلى أراضي روسيا وبيلاروسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة. حجم هذه الجريمة كبير جدا: تم الإبلاغ عن نقل أكثر من 2،45 مليون أوكراني (قسرًا أو بشكل مستقل أو من خلال الإجلاء الروسي تحت ضغط الظروف) إلى روسيا وشبه جزيرة القرم، وتم اجلاء ما يقرب من 300000 أوكراني من خلال الممرات الإنسانية.

يواصل سكان المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا مقاومة الاحتلال بضراوة. لا يقبل المواطنون الأوكرانيون ما يسمى بـ"العالم الروسي"، الذي لا يجلب إلا الموت والدمار والخوف. يقوض النشاط النضالي المتزايد جهود روسيا لفرض سيطرة متماسكة على الاراضي المحتلة.

نريد تحرير جميع الأراضي المحتلة (حاليًا، ما يقرب من 20 في المئة من أراضي أوكرانيا تتضمن 2621 بلدة محتلة). لن يكون من الملائم وقف إطلاق النار أو فرض منقطة منزوعة السلاح أو فك ارتباط: لا نريد إقامة منطقة "صراع مجمّد" آخر أو منح روسيا مهلة للاستعداد للغزو القادم.

سجلت وكالات إنفاذ القانون الأوكرانية حدوث أضرار أو تدمير لأكثر من 31200 من مرافق البنية التحتية المدنية، بما في ذلك أكثر من 24300 مبنى سكني ومنزل وطريق وجسر، وحوالي 1500 مؤسسة تعليمية وأكثر من 240 مؤسسة طبية و3100 شبكة مياه وكهرباء.

حدثت مأساة مروعة أخرى هذا الشهر، هذه المرة في فينيتسا. أسفر الهجوم الصاروخي الروسي عن سقوط 26 قتيلاً و 90 جريحًا بينهم 3 أطفال. لقي ما مجموعه 358 طفلاً مصرعهم نتيجة العدوان المسلح للاتحاد الروسي في أوكرانيا. أصيب أكثر من 1042 طفلا في أوكرانيا خلال خمسة أشهر من العدوان المسلح الشامل الذي يقوم به الاتحاد الروسي. ما يقرب من 800000 مواطن أوكراني فقدوا منازلهم، ولا تشمل هذه الأرقام الأراضي المحتلة التي لا يمكننا الوصول إليها. المستوى الحقيقي للدمار أعلى من ذلك بكثير. كما تم زرع ألغام في مساحات شاسعة من الأراضي.

كما دمرت روسيا أو تسببت بأضرار ل129 موقعًا للتراث الثقافي و149 مبنى دينيًا في أوكرانيا (لغاية 22 تموز). وهذا يمثل جريمة حرب بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1954.

تنتهك القوات الروسية بشكل منهجي قواعد القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في أوكرانيا: فروسيا تنفذ الهجمات المتعمدة والعشوائية على المدنيين وتستخدم الرهائن كدروع بشرية؛ فضلا عن الإعدامات والاغتصاب والتجنيد الإجباري والاختطاف والهجمات على الكوادر الطبية والمرافق الطبية واستخدام الأسلحة المحظورة وما إلى ذلك.

يجب على روسيا الالتزام الصارم بأحكام القانون الإنساني الدولي والتوقف عن استخدام أسرى الحرب الأوكرانيين لأغراضها السياسية الخاصة. على عكس القوات الروسية، تمتثل القوات المسلحة الأوكرانية لأحكام القانون الدولي الإنساني، والذي يتضمن تعليمات محددة: وقد أقر بذلك خبراء آلية موسكو التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في تقريرهم.

في نهاية المطاف، سيُحاسب جميع الجناة الروس الذين يرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. إنها مسألة مبدأ.

بدأت وكالات إنفاذ القانون الأوكرانية تحقيقاتها في 25 ألف جريمة حرب وجريمة عدوان ارتكبت منذ 24 شباط. هذه التحقيقات تشمل التحقيق في مقتل أكثر من 6300 (بما في ذلك 358 طفلاً) وجرح 8000 مدني (من بينهم 686 طفلاً). وهذه الأرقام، التي تتزايد يومياً، لا تشمل الأراضي المحتلة التي لا يستطيع ضباط إنفاذ القانون الوصول إليها.

تنتهك روسيا بشكل صارخ القانون الدولي (بما في ذلك من خلال مهاجمة السفن المدنية والبيئة الأوكرانية) ومن خلال انتهاكها لسيادة أوكرانيا عن طريق فرض قوانينها وجوازات السفر والعملة والتعليم ورموز الهاتف في الأجزاء المحتلة من أوكرانيا). منذ عام 2014، انتهكت روسيا حوالي 400 معاهدة دولية، دولتانا طرف فيها.

نحث جميع الدول على النظر في الانضمام إلى المحكمة الخاصة التي بادرت اليها أوكرانيا لمعاقبة القيادة العسكرية والسياسية الروسية على جريمة العدوان.

تحظى الحرب التي شنها الكرملين بدعم واسع من المجتمع الروسي الذي يتقاسم المسؤولية عنها. يجب الاعتراف بروسيا قانونيًا وسياسيًا كدولة راعية للإرهاب، والقوات المسلحة الروسية كمنظمة إرهابية.

يجري تحقيق منفصل في جريمة الإبادة الجماعية. فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقها الكامل بناء على طلب 43 دولة التي انضمت إلى فريق التحقيق المشترك لأوكرانيا وليتوانيا وبولندا. أنشأ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة المجموعة الاستشارية فيما يتعلق بالجرائم الرهيبة، والتي تقدم المساعدة لمكتب المدعي العام الأوكراني في التحقيق في الجرائم الروسية في أوكرانيا. في الأول من تموز من هذا العام، قدمت أوكرانيا مذكرتها إلى محكمة العدل الدولية في القضية المرفوعة ضد روسيا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. في 21 تموز، قدم أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار بشأن الاعتراف بأفعال روسيا في أوكرانيا على أنها إبادة جماعية.

تسعى روسيا إلى تدمير اقتصاد أوكرانيا، وجعلها "دولة فاشلة" غير قادرة على مقاومة ضغطها وتأثيرها. كل يوم من الحرب يزيد الوضع سوءاً.

من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا بمقدار الثلث في عام 2022. لقد أدى الغزو الروسي إلى إتلاف أو تدمير ما يصل إلى 30٪ من البنية التحتية لأوكرانيا بتكلفة 100 مليار دولار أميركي. الأضرار الشاملة للبنية التحتية وخسارة الأرباح والاستثمارات تصل إلى 750 مليار دولار أميركي.

تبذل حكومة أوكرانيا قصارى جهدها للحفاظ على اقتصاد أوكرانيا واقفا على قدميه (من خلال دعم النازحين من مناطق الحرب، وتجاوز العوائق البيروقراطية، وإطلاق برامج الإقراض للأعمال التجارية، وإيجاد سكن ووظائف جديدة للنازحين داخليا). في المناطق المحررة، يتم إعادة البنية التحتية الحيوية والمناطق السكنية.

إعادة إعمار أوكرانيا هي مهمة مشتركة تقع على عاتق العالم الديمقراطي بأسره وأكبر مساهمة ممكنة في الحفاظ على السلام العالمي. نحن ممتنون للبلدان المستعدة لتولي الاهتمام بالمناطق أو المدن أو الصناعات المتضررة من الحرب في أوكرانيا.

في مؤتمر إنعاش أوكرانيا في لوغانو، قدمنا خطتنا الوطنية لإعادة الإعمار. على المدى القصير، نحتاج إلى 17.4 مليار دولار أمريكي لإعادة بناء البنية التحتية الاجتماعية في الأراضي المحررة، وندعو شركائنا للانضمام إلى هذه الجهود من خلال خطة التعافي السريع لأوكرانيا.

نرحب ترحيباً حاراً بالمساعدات المالية السخية (حوالي 13 مليار دولار أمريكي لغاية 21 تموز) والمساعدة الفنية الدولية. هذه مساهمة من شركائنا في أمنهم لأن الدفاع عن أوكرانيا يمنع روسيا من افتعال حروب وأزمات جديدة. تعتبر تقديم المنح أولوية، حيث لا ينبغي أن تتحمل أوكرانيا عبء الديون المتزايد كونها في حالة حرب دفاعية.

يُعد تحرير التجارة والنقل والطاقة وزيادة الصادرات الأوكرانية عنصرًا حاسمًا في الانتعاش بعد الحرب. نتوقع أن تبقى القرارات المتخذة في هذا الصدد من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة وأستراليا سارية بعد نهاية الحرب.

يجب على روسيا أن تدفع ثمن جرائمها بالكامل: يجب أن تصبح أصولها المصادرة حول العالم المصدر الرئيسي لتمويل الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا. يجب أن يبدأ هذا التعافي بالفعل الآن، دون انتظار انتهاء الحرب.

أوضحت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أنه على عكس المزاعم الروسية، فإن العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي ودول أخرى ليست مسؤولة عن تزايد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، لأنها تستبعد كلاً من الغذاء والأسمدة. إن الحرب العدوانية الروسية غير المبررة ضد أوكرانيا، وخاصة تدمير البنية التحتية اللوجستية لأوكرانيا وكذلك حصار موانئ البحر الأسود الأوكرانية، هي التي تؤدي إلى تفاقم وضع امدادات الغذاء في الأسواق العالمية.

في 22 تموز، تم التوقيع على مبادرة النقل الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية. تهدف المبادرة إلى تسهيل الملاحة الآمنة لتصدير الحبوب والمواد الغذائية ذات الصلة والأسمدة من موانئ أوديسا وتشرنومورسك ويوجني. وفقًا للمبادرة، ستكون جميع الأنشطة في المياه الإقليمية الأوكرانية تحت سلطة ومسؤولية أوكرانيا. نحن ممتنون للأمم المتحدة وتركيا لوساطتهما في هذا الاتفاق.

بعد أقل من 24 ساعة من توقيع المبادرة، هاجمت روسيا ميناء أوديسا بالصواريخ، مما قوّض التزاماتها. في حالة عدم تنفيذ الاتفاق، سيتحمل الكرملين المسؤولية الكاملة عن أزمة الغذاء العالمية.

نتوقع من جميع الدول، بما في ذلك لبنان، الامتناع عن شراء الحبوب والاغذية التي سرقتها روسيا من المناطق المحتلة في أوكرانيا. تُستخدم ناقلات البضائع التي ترفع معظمها أعلامًا روسية وسورية لنقل مثل هذه الحبوب والأغذية من الموانئ البحرية الأوكرانية المحتلة في سيفاستوبول وبيرديانسك.

*سفير أوكرانيا في لبنان