على وقع دخول "​حزب الله​" القوي على خط ملفّ ترسيم الحدود البحريّة، في الفترة الماضية، كانت بعض الأوساط المحلّية تطرح أكثر من سيناريو حول ما يمكن أن تذهب إليه المفاوضات على هذا الصعيد، خصوصاً أن التهديدات العسكريّة، التي أطلقها أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، كان من الواضح أنها حركت الإتصالات بشكل أكبر من الماضي.

في الأسبوعين الماضيين، كان هناك في لبنان من يفتح الباب أمام طرح مجموعة من الأسئلة الهامّة، المتعلّقة بإمكانيّة أن توافق ​الولايات المتحدة​ للذهاب إلى إتفاق حول ترسيم الحدود البحريّة، يكرس معادلة أنّ قوّة "حزب الله" العسكريّة هي التي فرضت إحترام حقوق لبنان في هذا المجال، نظراً إلى أنّ التعاطي مع مطالبه، قبل ذلك، لم يكن بالجدّية نفسها.

في هذا الإطار، تشير مصادر مطّلعة، عبر "النشرة"، أن تكرار الحزب تحديد مهلة زمنية للإنتهاء من المفاوضات، وضع الجانبين الأميركي وال​إسرائيل​ي أمام أمر واقع لا يمكن تجاهله، يقوم على صعوبة البدء بعمليات الإنتاج، التي من المقرر أن تكون في شهر أيلول المقبل، قبل الوصول إلى إتّفاق مع لبنان، نظراً إلى أنّ الشركات العالميّة لن تقبل العمل تحت وقع مواجهات عسكريّة كبرى.

في المقابل، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ الجميع يدرك، في ظل الحرب القائمة في أوكرانيا، حاجة كل من إسرائيل وأميركا وأوروبا إلى عدم حصول أيّ تأخير في عمليّات الإنتاج، نظراً إلى أنّ هذا الأمر سيصبّ في صالح الجانب الروسي على مستوى المواجهة الكبرى على الساحة الدوليّة، الأمر الذي يؤكّد دقّة إختيار توقيت التصعيد من جانب الحزب، على قاعدة أن الأفرقاء الآخرين هم "المحشورين"، لا سيما أن لبنان لم يبدأ بالأعمال الفعلية.

على مدى الأشهر الماضية، تحديداً منذ لحظة بدء الحديث عن وصول سفينة "إنرجان باور" إلى ​حقل كاريش​، كان هناك مخاوف حقيقيّة من أن يعمد الأميركي والإسرائيلي إلى إدخال لبنان في مفاوضات طويلة الأمد، تستمر فيها تلّ أبيب في العمل مقابل إنتظار بيروت التسوية، ولاحقاً تمّ الحديث عن مخاوف أخرى متعلّقة بحصول لبنان على إتفاق ترسيم بالتزامن مع إستمرار "الفيتو" على عمل الشركات.

بناء على ذلك، تشدّد المصادر المطّلعة على معادلة الترسيم والإستخراج، الّتي كان قد انتقل إليها "حزب الله" في خطابه، حيث لم يعد يكتفي بالمطالبة بالوصول إلى إتفاق على ​ترسيم الحدود البحرية​، بل يريد أيضاً منح الشركات "الإذن" بالعمل في البحر اللبناني، لكن كل ذلك لم يمنع الإنتقال إلى مستوى جديد من المخاوف بدأت معالمه بالظهور في الأيام الماضية، بالرغم من أنه كان حاضراً في الأذهان منذ البداية.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن المستوى الجديد من المخاوف ينطلق من معادلة حصول لبنان على ما يريده من إتفاق ترسيم الحدود البحرية، الأمر الذي من المفترض أن يتضح خلال الأيام المقبلة، بالتزامن مع إرتفاع مستوى التوتّرات المتعلّقة بالملفّات الداخليّة، التي قد تكون مرتبطة بملفّات أخرى منها الإنتخابات الرئاسيّة على سبيل المثال، على قاعدة أن ذلك يفتح الباب أمام الإستفادة من "تحييد" الجبهة الجنوبيّة مقابل إستمرار الضغوط التي تستهدف الحزب بشكل أساسي.

في الختام، تعود هذه المصادر للتأكيد أن المطلوب مراقبة التطورات المحلّية بشكل دقيق، في الشهر المقبل تحديداً، خصوصاً بعد بروز مجموعة من عوامل التفجير التي تتزايد يوماً بعد آخر، في ظلّ تحذيرات يتمّ التداول بها من توتّرات أمنيّة متنقّلة، قد تكون مرتبطة بالأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة.