بعد الزيارة التي قام بها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان، كان الجميع بإنتظار الرد الذي سيعود به من إسرائيل، خصوصاً أن المفاوضات كانت قد باتت محكومة بإطار زمني هو بداية شهر أيلول المقبل، على قاعدة أن لبنان، بعد التهديدات التي كان أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله قد أطلقها، بات يتمسك بمعادلة منع الإستخراج من حقل كاريش قبل الوصول إلى إتفاق.

من بيروت كانت وجهة الوسيط الأميركي تل أبيب، التي زارها مباشرة بعد إنتهاء لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، إلا أن المفاجآة كانت بما نُقل عن المسؤولين الإسرائيليين، لناحية طرح فرضية تأجيل استخراج النفط والغاز من كاريش لتجنّب التصعيد، على أساس أن الإتفاق مع لبنان يتطلب تقديم تنازلات كبيرة، لا يمكن الذهاب إليها قبل الإنتخابات البرلمانيّة الإسرائيليّة، المقرّرة في شهر تشرين الثاني المقبل.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الجانب اللبناني كان قد استفاد، في الفترة الماضية، من مجموعة من نقاط القوة التي تنطلق بشكل أساسي من عامل الوقت، أبرزها الحاجة الأوروبية إلى غاز شرق البحر المتوسط قبل بداية فصل الشتاء، بالإضافة إلى معادلة القوة التي ذهب إليها "حزب الله"، على أساس أنّ أي تحرك من قبله يعني وقف كل المشاريع التي تصبّ في هذا الإتجاه.

إنطلاقاً من ذلك، تقرأ هذه المصادر طرح تلّ أبيب وقف الإستخراج من كاريش، حيث ترى أنه يضعف موقف المفاوض اللبناني، نظراً إلى أن العودة إلى المفاوضات، بعد الإنتهاء من الإنتخابات الإسرائيلية، تعني إبعاد ورقة الحاجة الأوروبية من المعادلة، بينما وقف الإنتاج من الحقل المذكور يعني عدم قدرة "حزب الله" على المبادرة العسكرية.

هنا، ترى المصادر نفسها أن البحث من المفترض أن يتناول نقطتين أساسيتين: الأولى هي إمكانية أن تعوض تل أبيب الحاجة الأوروبية من الحقول الأخرى التي لديها، أيّ ما كان من المقرر أن يتم إستخراجه من كاريش، أما الثانية فهي موقف شركة "Energean"، التي قد تطالب الجانب الإسرائيلي بتعويضات مالية عن هذا التأخير، في حال لم يتم التوافق معها على ذلك.

في حال لم يكن لدى الجانب الإسرائيلي أضرار إقتصادية كبيرة من هذا القرار، بالنسبة إلى النقطتين المذكورتين في الأعلى، فإن السؤال الذي يطرح نفسه ينبغي أن ينتقل إلى الجانب الآخر، أي لبنان، الذي حكماً سيكون متضرراً من هذه المعادلة، في ظل الرهانات التي كانت معقودة للإنتهاء من هذا الملف في وقت قريب.

في هذا السياق، تذهب مصادر سيّاسية، عبر "النشرة"، إلى الحديث عن فخ جديد يتم نصبه من الجانب الإسرائيلي، في حال قرر فعلاً تأجيل الإستخراج من كاريش ضمن معادلة المماطلة في المفاوضات مع لبنان، نظراً إلى أنّه في هذه الحالة سيعود إلى رمي الكرة في ملعب المسؤولين اللبنانيين، الذين قد يواجهون ضغوطاً أوروبيّة كبيرة، في حال لم تكن تل أبيب قادرة على الإلتزام بتأمين ما هو مطلوب منها من الغاز، بالإضافة إلى خسارتهم ورقة عامل الوقت التي كانوا يتمسكون بها.

بالإضافة إلى ذلك، تشير هذه المصادر إلى نقطة أساسية قد لا يتنبه لها البعض، تكمن بأن إحتمال العودة إلى المفاوضات في شهر تشرين الثاني، تعني من حيث المبدأ أن لبنان سيكون في مرحلة فراغ رئاسي، قد يكون من الصعب، في الوقت الراهن، تصور الأجواء المحلّية خلالها، لا سيّما إذا ما ذهب بعض الأفرقاء إلى نظرية عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية، ما يعني عدم وجود من هو قادر على إبرام الإتّفاق، مع العلم أنّ هناك من يطرح فرضيّة أن المطلوب عدم الوصول إلى إتفاق في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.

في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى سؤال يُطرح يتعلق بموقف "حزب الله" من مثل هذا السيناريو، لناحية التراجع عن قرار التصعيد في حال عدم الوصول إلى إتفاق قبل شهر أيلول، طالما أن تل أبيب لم تذهب إلى الإستخراج من كاريش، مع العلم أن "قوننة" أي تحرك من جانبه تتطلب الذهاب إلى إعادة الخط 29 إلى الواجهة من جديد، من خلال إقرار المرسوم المتعلق به وإيداعه الأمم المتحدة.