لفت نائب رئيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" العلّامة الشّيخ علي الخطيب، إلى أنّه "حينما يُبتلى الوطن بالفساد، فساد الحاكم وفساد النظام وفساد الإدارة، ويصبح المواطنون نهبًا لهؤلاء الفاسدين، تصبح عمليّة الإصلاح ضروريّة، يتحمّل مسؤوليّتها جميع النّاس وجميع المواطنين، وعندما يصبح الوطن جماعات وطوائف يستحيل الإصلاح".

وأكّد، أنّ "الوطن ليس مساحةً جغرافيّةً، ولا مأوى ولا مكانًا نولد فيه ولا أرضًا لها مناخ خاص، بل علاقات إنسانيّة قائمة على أسس صحيحة ذات مضمون سياسي يحفظ الحدّ الأدنى من الكرامة الإنسانيّة لمواطنيه، والحريّة السّياسيّة والعقائديّة، وكفاية العيش والقوة في مواجهة العدو الطّامع". وأشار إلى أنّه "حينما يفقد الإنسان واحدًا من هذه العناصر، ينتهي الوطن، تنتفي الإنسانيّة، تسيطر النّزاعات الفرديّة والعنصريّة وينتهي الدّور والحماية من العدو ومن المتربّصين به شرًّا؛ وهذا أخطر اوجه الفساد الّتي تصيب الأمم والجماعات والأوطان".

وتساءل الشّيخ الخطيب، "ما الّذي يُمكّن الفساد في الأمم ويعمّمه، سوى سكوت النّاس ودخولهم في منظومة أصحاب المصالح، وقبولهم بهذا الواقع والمغريات الّتي تُقدّم لهم، وعدم إنكارهم ومعارضتهم ورفضهم للخضوع لهذا المنطق، الّذي يستغلّ ضعف نفوسهم وحاجتهم والتخلّي عن عزّتهم وكرامتهم؟".

وشدّد على أنّ "النظام اللبناني أثبت فساده وفشله، لأنّه يقوم على تقسيم المواطنين إلى مجموعات طائفيّة عنصريّة خائفة، تندفع لا شعوريًّا للحفاظ على مصالحها الخاصّة، تمنع من الإصلاح وتسهّل الفساد وتمنع الاتّفاق حتّى على مفهوم المواطنة والسّيادة".

وركّز على أنّ "هذه المنهجيّة وهذه العقليّة أدّت إلى هذا الانهيار الشّامل، الّذي يساعد الحصار الخارجي لإخضاع لبنان للإرادة الإسرائيليّة، وتخلّيه عن أوراق القوّة الّتي يتملكها لصالح العدو الإسرائيلي، وفي مقدّمتها المقاومة الّتي استطاعت أن تحرّر القسم الأكبر من الأراضي اللّبنانيّة المحتلّة، وردعته عن ممارسة الاعتداء على سيادته، وهي تمثّل اليوم إلى جانب الجيش اللبناني واحتضان الشعب اللبناني ورقة القوّة الّتي يمكنه بها أن يستعيد سيطرته على ثرواته البحريّة، والاستفادة منها للخروج من حالة الحصار والانهيار".

كما سأل الخطيب: "ما هي مقوّمات الوطن والدّولة غير الشّعب والمؤسّسات؟ وماذا تبقّى من هذه المقوّمات؟ المؤسّسات فاسدة منهارة، الشعب جائع محاصَر من قِبل الطّغمة الحاكمة، طغمة الاحتكارات هي الحاكم الحقيقي والمسيطر الّذي يفرض إراداته على اللّبنانيّين، هو الّذي يفرض شروطه وقوانينه الخاصّة، والنّظام ليس إلّا حامٍ لمصالح هذه الطبقة وليس لمصالح النّاس".

وبيّن أنّ "النّاس منهوبون تؤكَل أموالهم، وليس هناك سلطة تحمي حقوقهم، الدّيمقراطيّة الّتي لا تحمي مصالح النّاس وكرامتهم هي ديمقراطيّة مزيّفة مخادعة كاذبة، القضاء مسيّس، بعضه فاسد ومطيّف وبعضه مقموع ، حتّى السّلطات الأمنيّة والعسكريّة تمنع من تطبيق القانون وحماية البلد وملاحقة العملاء في عمليّة لإفساد الثّقافة الوطنيّة؛ والمصارف أصبحت عبارة عن صندوق تجمع فيه الأموال لتنهبه هذه المجموعة الحاكمة صاحبة الاحتكارات".

وأوضح أنّ "الإدارة فاسدة وأصحبت عبارة عن مصيدة لنهب المواطنين لصالح هذه الطّبقة الفاسدة، تُنشأ الجمعيّات من قِبل سفارات خارجيّة تقبض الأموال باسم أصحاب الحاجة والفقراء من اللّبنانيّين، ولا يُعلم كيف تستخدم هذه الأموال. الانتخابات عبارة عن تدخّلات خارجيّة ورشاوي، تشترى بها ذمم المواطنين، تستغلّ بها حاجة المواطنين وجوعهم، فاسدون يطلقون شعارات حماية الفساد الأخلاقي والمطالبة بتشريعات قانونيّة"، متسائلًا: "ماذا بقي من الوطن؟ هذا هو النّظام اليزيدي لكنّه بلبوس الديمقراطية".

إلى ذلك، توجّه الخطيب إلى اللّبنانيّين، قائلًا: "هذا هو واقعنا اليوم، كيف يمكن الخروج من هذا الفساد الشّامل؟ كيف يمكن حماية النّاس وكراماتهم؟ كيف يمكن أن نطبّق قانونًا وكيف يمكن أن نحمي البلد، طالما بقيت هذه العقليّة هي الحاكمة؟"، ورأى أنّه "ليس هناك من سبيل سوى الحوار بين اللّبنانيّين إن كنّا نريد أن نبني دولةً وأن نبني وطنًا، أن نحافظ على كرامة الانسان، أن نحمي مصالح لبنان، أو أنّكم تختارون الانتحار. من يحمي الفساد لا يناسبه أن يكون هناك قانون، من يريد استباحة المال العام".