الاكثر دقة وحساسية من سائر الاستحقاقات هو استحقاق ​ترسيم الحدود​ البحرية بين لبنان و​اسرائيل​. وجديد هذا الملف، بحسب ما قال معنيون به لـ"الجمهورية"، انّ "عودة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت مؤكدة اعلامياً، انما واقعياً لا يمكن تأكيدها او استبعاد حصولها. فحتى الآن لم نتلقّ اي اشارة ترجّح أياً من الاحتمالين".

ولفتت المصادر الى ان "لا جديد يُذكر على صعيد المواقف، فحتى الآن لا توجد اي اشارات لتحريك هذا الملف الى الامام، او يؤكد ما اذا كانت الامور ذاهبة نحو العودة الى طاولة الحوار غير المباشر في الناقورة بإدارة الامم المتحدة وتحت علمها وبمشاركة الوسيط الاميركي. فبعد زيارة هوكشتاين الى اسرائيل سمعنا الشيء وعكسه، فمن جهة تعالت بعض الاصوات السياسية وتحدثت عن ايجابيات وقرب توقيع الاتفاق بين لبنان واسرائيل، ومن جهة ثانية تعالت اصوات اخرى تقول عكس ذلك وتُرجّح بقاء الامر مراوحاً في التعقيدات. وتبعاً لذلك، طرحَ لبنان موقفه بالتمسّك الكامل بالحقوق والحدود والبحرية، ولو كانت الايجابية موجودة لدى الجانب الاسرائيلي لكان هوكشتاين في بيروت اليوم قبل الغد".

وردا على سؤال عما اذا كان هوكشتاين سيعود الى بيروت خلال اسبوعين؟ قالت المصادر: "هذا ما سمعناه كلاميا، انما واقعيا لا شيء مؤكد حتى الآن".

على ان الانظار مشدودة وسط هذا الجو المشحون بعلامات الاستفهام الى ما ستقدم عليه اسرائيل بداية شهر ايلول المقبل، وهو الموعد التي سبق وحدّدته لبدء استخراج الغاز من حقل "كاريش"، وضمن المنطقة التي يعتبرها لبنان منطقة متنازعاً عليها.

وقَلّلت بعض المستويات السياسية من احتمالات التصعيد، خصوصا ان اسرائيل تبدو متجهة لتأجيل موعد استخراج الغاز من كاريش ربما الى ما بعد شهر ايلول، في اشارة الى ما أعلنته وزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الهرار عن انّ استخراج الغاز سيبدأ عندما تكون الشركة على أتمّ الاستعداد، متجاوزة بذلك موعد ايلول ولم تقاربه كوعد حاسم.

الّا ان مصادر مواكبة ابلغت الى "الجمهورية" قولها انه "لا يمكن الركون لأي موقف اسرائيلي، وبالتالي فإن عدم بلوغ تفاهم على الترسيم من الآن وحتى ايلول المقبل قد يجعل المنطقة وكأنها تقترب من قنبلة موقوتة حيث لا يمكن من الآن تقدير ما قد يحصل، خصوصا مع التهديدات المتبادلة سواء من الاسرائيليين الذين لَوّحوا بردّ قاس على اي تعرّض لاعمال استخراج الغاز من حقل كاريش، او من قبل "حزب الله" الذي هدّد بمنع الباخرة التي استقدمتها اسرائيل من القيام بأي عمل في هذا الاطار، طالما ان لا اتفاق على الترسيم يؤكد الحق الكامل للبنان بمياهه وحدوده وثرواته".

النيات الاسرائيلية ما تزال غير سليمة

وفي السياق، كشف مصدر وزاري واسع الاطلاع لـ "اللواء" ان لبنان ابلغ الوسيط الاميركي انتظاره للرد، كاشفاً انه على الرغم من الكلام المعاد عن حصول تقدم في زيارة آموس هوكشتاين الاخيرة، الا ان النيات الاسرائيلية ما تزال غير سليمة.

ولم يستبعد المصدر الوصول الى مواجهة بين حزب الله واسرائيل في حال لم يتم التوصل الى اتفاق، مشيراً الى وجود معلومات عن امكانية ذهاب اسرائيل الى خوض عملية عسكرية محدودة ومن ثم الذهاب الى تسوية حتى لا يقال انها تنازلت في الترسيم، مشدداً على ان المقاومة سيكون ردها قاسياً وستفاجئ اسرائيل بحجم الصواريخ التي ستنهال على اجزاء واسعة من اراضيها، وبالتالي لن تتركها تحقق هدفها.

وفي السياق الحكومي استبعد مصدر وزاري لـ "اللواء" حصول اي تقدم على مستوى التوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حول توليفة حكومية، مشدداً على ان الافق في هذا المجال مقفل نهائياً، مشيراً الى ان الخارج ايضاً لم يعد يهتم بهذا الاستحقاق، وهذا يلاحظ من خلال اي موقف دبلوماسي يحث المسؤولين على تأليف حكومة على غرار ما كان يحصل في مرات سابقة، لافتاً الى ان الاستحقاق الرئاسي ايضاً محاط بالكثير من الضبابية حول امكانية حصوله في موعده.

الفراغ

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ "الجمهورية": احتمالات الفراغ الرئاسي اكبر بكثير من احتمالات انتخاب رئيس الجمهورية. وثمّة مشكلة ستبرز اعتبارا من 1 تشرين الثاني المقبل، وتتجلّى في كيفية ادارة الدولة في ظل خُلو سدة الرئاسة، وحكومة تصريف اعمال، وهل يحقّ لمثل هذه الحكومة ان تُناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته ومغادرته رئاسة الجمهورية. هذا الامر سيخلق ارباكات، ويُخشى من سجالات قانونية ودستورية لا تنتهي.

وعبرت المصادر عن تفهّمها لمواقف الاطراف الداخليين وخصوصا في الجانب المسيحي والماروني تحديدا من الاستحقاق الرئاسي، والحدة التي تبرز بين حين وآخر بين بعض الاطراف الفاعلة مسيحياً، وقالت: هذا امر طبيعي يرافق كل استحقاق رئاسي.

الا ان المصادر عينها لفتت الى انّ اطراف الداخل يبالغون كثيرا في قدرتهم على التأثير في الاستحقاق الرئاسي. فلا اسماء مرشحة حتى الآن، وإنّ المرشحين المفترضين، وعلى وجه الخصوص الجَديين منهم، ينتظرون تطورات هذا الملف، ويبدو انهم يرفضون الدخول في هذه المعمعة، التي تتبدّى في انّ القوى السياسية مستغرقة في ما تسمّى "ملهاة المواصفات"، حيث ان كل طرف يحدد مواصفات الرئيس الذي يريده، مُتناسين ان هذا الاستحقاق وكما تحكمه اعتبارات داخلية هو محكوم في العادة باعتبارات خارجية اقليمية ودولية لم تتّضِح معالمها بعد، وبالتالي فإنّ ما يجري في لبنان ربطا بالاستحقاق الرئاسي هو لزوم ما لا يلزم، وفي احسن حالاته لعب في وقت ضائع لا يقدّم ولا يؤخّر.