زعم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخرا أن تغيير الوضع الراهن القائم في تايوان منذ أكثر من40 عاما قادم من بكين وليس من الولايات المتحدة. إذا نظرنا إلى السياسات والإجراءات التي تبنتها الصين والولايات المتحدة تجاه مسألة تايوان خلال السنوات الماضية، فنستطيع أن نحكم مدى صحة هذا التصريح.

من جانب، لطالما التزمت الصين بمبدئين أساسيين لحل مسألة تايوان، وهما إعادة التوحيد السلمي و"دولة واحدة ونظامان". على الرغم من الصعوبات والعقبات التي واجهتها خلال العقود الماضية، لا تزال الصين تسعى جاهدة من أجل إعادة التوحيد السلمي. أحرزت العلاقات عبر المضيق تقدما كبيرا تحت قيادة وإرشاد الحزب الشيوعي الصيني، وجلبت التبادلات المتزايدة والتعاون الأوسع والتفاعلات الأوثق فوائد ملموسة للمواطنين عبر المضيق، وخاصة تايوان.

كان حجم التجارة عبر المضيق 46 مليون دولار أميركي فقط في عام 1978، ليرتفع إلى 328.34 مليار دولار أميركي في عام 2021، بزيادة أكثر من 7000 ضعف.

ظل البر الرئيسي الصيني أكبر سوق تصدير لتايوان لمدة 21 عاما متتاليا، الأمر الذي كان يجلب فائضا كبيرا إلى تايوان كل عام.

كما يعد البر الرئيسي الصيني أكبر وجهة استثمار خارج الجزيرة لرجال الأعمال في تايوان، وبحلول نهاية عام 2021، بلغ عدد المشروعات التي استثمر فيها رجال أعمال تايوان في البر الرئيسي الصيني 123781 مشروعا باستثمارات فعلية بلغت 71.34 مليار دولار أميركي.

كان عدد تبادل الأفراد عبر المضيق أقل من 50 ألف شخص في عام 1987، أما في عام 2019 فارتفع ذلك العدد إلى حوالي 9 ملايين شخص. وفي السنوات الثلاث الماضية وبسبب الوباء، أصبح الاتصال عبر الإنترنت هو الشكل الرئيسي للتواصل والتفاعل بين المواطنين على جانبي المضيق.

تسعى الصين جاهدة إلى إعادة التوحيد السلمي بكل إخلاص وتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق ذلك.

ومن جانب آخر، دعمت الولايات المتحدة وشجعت القوى الانفصالية "لاستقلال تايوان" من خلال الارتقاء العلني بالعلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، وزيادة مبيعات الأسلحة، وصياغة مشاريع القوانين المتعلقة بتايوان التي تقوض سيادة الصين.

في السنوات الأخيرة، خففت الولايات المتحدة إلى حد كبير القيود المفروضة على التبادلات الرسمية بينها وتايوان، حيث زادت تلك التبادلات بشكل كبير وارتفعت مستوياتها بشكل ملحوظ، مخترقة تعهد الولايات المتحدة بالحفاظ على علاقات غير رسمية فقط مع تايوان. وخير المثال على ذلك هو الزيارة الأخيرة لرئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، لتصبح أعلى مسؤول أميركي يزور تايوان منذ 25 عاما، مما أدى بشكل مباشر إلى تصعيد التوترات في مضيق تايوان.

واصلت الولايات المتحدة بيع الأسلحة والمعدات العسكرية لتايوان، وتجاوزت القيمة الإجمالية لتلك الصفقات 70 مليار دولار أميركي. خلال فترة الإدارة الأميركية الحالية وحدها، بلغت مبيعات الأسلحة إلى تايوان أكثر من 1.1 مليار دولار أميركي.

تواصل الولايات المتحدة اعتماد مشاريع القوانين المتعلقة بتايوان وتنفيذ "الولاية القضائية طويلة الذراع" من خلال القوانين المحلية.

تواصل الولايات المتحدة تشجيع ودعم تايوان في توسيع ما يسمى بـ "الفضاء الدولي" لتايوان ومشاركتها في أنشطة المنظمات الدولية مهاجمة القرار 2758 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

تشجع الولايات المتحدة تايوان على فك الارتباط بالبر الرئيسي اقتصاديا، بما في ذلك تقليل الاعتماد التجاري على البر الرئيسي، وتقليل التعاون الاقتصادي مع البر الرئيسي، وتقييد التعاون عبر المضيق في مجال العلوم والتكنولوجيا.

لذلك يمكن ملاحظة أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي قال فيها إن "الصين غيرت بشكل أحادي الوضع الراهن في مضيق تايوان" تزييف للحقائق، إن هدف الولايات المتحدة هو محاولة خلق صراع على أبواب الصين من خلال تايوان لتحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في إعاقة تنمية الصين، وهذا الغرض واضح وضوح الشمس للعالم.

إن إعادة توحيد الوطن الأم من خلال الوسائل السلمية هو أمر في مصلحة الأمة الصينية، بما في ذلك مواطنو تايوان، وهو الأكثر ملاءمة لتنمية الصين المستقرة طويلة الأجل. كما أنه الخيار الأول للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية لحل مسألة تايوان.

تحتفظ الصين بخيار اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بما في ذلك استخدام القوة لمنع التدخل الخارجي وجميع الأنشطة الانفصالية، ويعتبر خيار القوة هو الملاذ الأخير إذا استوجب الأمر ذلك. إن إعادة التوحيد السلمى عبر المضيق لن يعود بالنفع على الأمة الصينية فحسب، بل وسيعود بالنفع على جميع شعوب العالم والمجتمع الدولي.

*صحافية صينية