في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، من المفترض أن يكون ​لبنان​ على موعد مع مجموعة من الاستحقاقات الهامة، من ​ترسيم الحدود البحرية​ مع ​إسرائيل​ إلى الإنتخابات الرئاسية، وصولاً إلى الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، من دون تجاهل احتمال أن تسجل البلاد المزيد من التدهور على مستوى الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية.

في جميع هذه الاستحقاقات تبدو الصورة ضبابيّة، أيّ أنّ الأمور مفتوحة على كافة الاحتمالات، لا سيما أن الصورة غير واضحة أيضاً على مستوى الملفات الخارجية، خصوصاً الإقليمية منها، التي تؤثر على الواقع اللبناني.

في مثل هكذا أوضاع، ينتظر الجميع عادة، سواء كانوا من الحلفاء أو الخصوم، مواقف رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، نظراً إلى أنها تحمل معها الكثير من المؤشّرات، لا سيّما أنّ الرجل يوصف بأنّه الأكثر قدرة على قراءة التحولات الكبرى.

من هذا المنطلق، تقرأ مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، الخطوات التي يقوم بها "البيك" في المرحلة الراهنة، خصوصاً تلك المتعلقة بالسعي إلى إعادة فتح قنوات الإتصال المباشرة مع "​حزب الله​"، على اعتبار أنه في غيابها كان يحافظ على تلك التي يؤمّنها صديقه وحليفه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا يمكن اليوم الحديث عن إعادة تموضع أو انعطافة يقوم بها رئيس "الاشتراكي"، لا سيما أنه لم يظهر ما يؤكّد أنه في هذا الوارد، من دون تجاهل أن الخلافات بين الجانبين حول العديد من الملفات الأساسية كبيرة، لكنها في المقابل تعتبر أن ما يقوم به يؤشر إلى تحولات كبيرة بات يلاحظ ملامحها الأولى.

التوصيف الدقيق، من وجهة نظر المصادر نفسها، هو أن جنبلاط يعتبر أن المرحلة الحالية خطرة، قد تقود إلى تسوية أو مواجهة، وبالتالي من المفترض عدم الذهاب إلى تموضعات مسبقة، قد يدفع ثمنها من يراهن على احتمال دون الآخر، نظراً إلى ذلك قد يقوده إلى خسارة كبيرة.

في هذا الإطار، تعود المصادر المتابعة بشكل أساسي إلى الاستحقاق الرئاسي لشرح حقيقة ما يحصل، حيث تلفت إلى أنّ الصورة العامة توحي بوجود من يريد أخذ البلاد إلى مواجهة بين فريقين، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان أجواء الانقسام التقليدي بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، بالرغم من أنّ الكثير من المعطيات الأخرى تلعب دوراً حاسماً في هذا الاستحقاق.

وتوضح هذه المصادر أنّه في ظلّ التوازنات القائمة ليس هناك من فريق قادر على حسم المعركة، الأمر الذي يفرض الذهاب إلى تسوية جديدة تنتج رئيساً للجمهورية، بغض النظر عن الاسم، لكن في الفترة الفاصلة عن هذه المرحلة الكثير من الأمور قد تتبدل، فالإنتخابات قبل اتفاق ترسيم الحدود لن تكون كما لو بعده، من دون تجاهل احتمال الذهاب إلى مواجهة عسكرية، وما يحمله ذلك معه من تداعيات.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنه بناء على ما تقدم ليس هناك ما هو محسوم بالنسبة إلى مختلف الاستحقاقات المنتظرة، الأمر الذي دفع رئيس "الإشتراكي"، في المرحلة الراهنة، إلى العودة إلى معادلته الشهيرة: "عند صراع الدول الكبرى احفظ رأسك"، على أن يحدد بعد ذلك الموقف الذي يناسبه.