شكلت جريمة اغتيال مسؤول الارتباط والعلاقات العامة في قوات الامن الوطني الفلسطيني في لبنان العميد سعيد علاء الدين "ابو نادر العسوس" في مخيم عين الحلوة، مفاجأة من العيار الثقيل للاوساط الفلسطينية كافة، في توقيتها واستهدافها وكيفية تنفيذها، وفتحت الابواب على مخاوف جدية من عودة مسلسل الاغتيالات الى المخيّم بعد مرحلة من الهدوء والاستقرار الأمني.

الجريمة تعتبر الثانية في غضون أشهر قليلة، اذ جرى اغتيال العنصر في قوات "الامن الوطني الفلسطيني" محمد المبدا في سوق الخضار في المخيم في 3 نيسان الماضي، وقد جرى كشف الجناة وتسليمهم الى مخابرات الجيش اللبناني بعد ايام قليلة عليها، ما ترك ارتياحا كبيرا لدى ابناء المخيم، بعد سلسلة من الاغتيالات الدامية الماضية لم ينل المجرمون فيها عقابهم العادل.

في القراءة الاولية، تجمع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، على اعتبار ان الاغتيال هدفه توتير الوضع الامني في المخيم وايقاع الفتنة بين بعض القوى وفتح جراح الماضي الدامية، غير ان "فتح" استوعبت هول الصدمة وافشلت اولى اهدافها،الفتنة بالانجرار الى اشتباك عبثي يخلط الاوراق ويضيع مسار التحقيقات، فعضّت على جراحها، ضبطت عناصرها، وأكّدت انمرتكبي الجريمة هم عناصر مأجورة تعمل لأجندات مشبوهة تستهدف النيل من أمن واستقرار مخيماتنا في إطار مسلسلها الدموي باستهداف قيادة وكوادر "فتح" والأمن الوطني، التي تشكل صمام أمان في وجه الفتن والمخططات التآمرية على قضيتنا ومشروعنا الوطني، بهدف زعزعة أمن واستقرار أهلنا ومخيماتنا والجوار اللبناني.

ثاني خطوات "فتح"، اصرارها على كشف الجناة وانزال القصاص بهمووضع الجريمة في اطارها الحقيقي السياسي او الانتقامي او غيرهما، فباشرت جمع المعلومات والادلة سريعا بالتنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني التي تولت كامل التحقيق عمليا، فجرى مراجعة كافة كاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة سعيا وراء كشف خيوطها والاستماع الى عدد من الشهود، فتبين ان الجريمة وقعت اثناء قيام العميد "العسوس" بأداء صلاة العشاء، إذ دخل مجهول مقنع باحة منزل صديقه حيث كان متواجدا، واطلق عليه رشقاً نارياً من سلاح حربي، فأصابه بـ3 طلقات بالرأس والعنق، بينما اصابت 4 طلقات الجدار قربه، قبل ان يفرّ الجاني الى جهة مجهولة ويتوارى عن الانظار.

وأبلغ مسؤول فتحاوي بارز "النشرة"، ان الجريمة لن تمر دون عقاب، وان التحقيقات تجري بسرية تامة وتتركز على كل الاحتمالات والاتجاهات، رغم تعقيداتها وغموضها لأنّها حصلت في ظل اجواء الوحدة التي جسّدها "عين الحلوة" وقواه في التعامل مع العدوان الاسرائيلي على غزة ومشاركة حركة "فتح" في الوقفات التضامنية الشاجبة"، مؤكدا ان "لا عودة لسياسة الإغتيالات في ظلِّ هذا التوافق والادانة الواسعة للجريمة"، وقد ترجمت الوحدة مجددا في مشاركة كافة القوى سواء في صلاة الجنازة او موكب التشييع المخيم او الاحتفال التأبيني في قاعة الموصلي في صيدا.

ويعتبر العميد "العسوس" واحدا من المقربين للسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وهو مكلف رسميا من قيادة فتح والامن الوطني بمهمة الارتباط مع الاجهزة الامنية اللبنانية في اطار التعاون والتنسيق المشترك لقطع دابر اي فتنة تستهدف المخيم والجوار اللبناني، كما انه يحظى بمحبة واحترام كافة القوى السياسية الوطنية والاسلامية على حد سواء، متواضع يلتصق بالناس ومشاكلهم ويبادر الى عمل الخير، ويتمتع بشكبة علاقات واسعة من دون ان تكون له خصومة سياسية او اعداء لذلك كان يتنقل بحرية داخل المخيم وفي بعض الاحيان بلا مرافقة شخصية.

"فتح" على لسان امين سرها في لبنان فتحي أبو العردات أكّدت أنَّ اغتيال "أبو نادر" الذي كان مثالاً في العطاء والتضحية لخدمة قضية فلسطين وشعبها، لن يوقف مسيرتها، وقال "المسيرة مستمرة رغم كل الصعوبة والقسوة، واغتيال "أبو نادر" هو محاولة اغتيال للأمن الفلسطيني في لبنان، لذلك نؤكد على الوحدة الوطنية الفلسطينية وتلاحمنا مع شعب لبنان الشقيق لصون الامن والأمان"، كاشفا أن مرتكبي هذه الجريمة النكراء هم محط متابعة من خلال التحقيقات، مشدّدًا على أن هذه العناصر المأجورة تعمل لأجندات مشبوهة تستهدف النيل من أمن واستقرار مخيماتنا عبر استهداف قيادات وكوادر حركة "فتح" وقوات الأمن الوطني الفلسطيني.

بينما أمين سر "القوى الإسلامية"الشيخ جمال خطاب، دان الجريمة الحاقدة والشنيعة والتي تستهدف ضرب الأمن والأمان في مخيمات اللجوء في لبنان، داعيا إلى تغليب لغة العقلوالمضي قدما في اماثة اللثام عن تفاصيل الجريمة التي تهدف ايضا الى ايقاع الفتنة، وقال نحن حريصون على الوحدة وتجاوز القطوع الامني وفي ذات الوقت كشف الجناة ومعاقبتهم".

وقد شهد المخيم خلال السنوات الماضية مرحلة دامية من الاغتيالات السياسية التي طالت مسؤولين فتحاويين بشكل رئيسي، ابرزهم العميد طلال الأردني (25 تموز 2015)،العقيد جميل زيدان (10 اذار 2014)، المقدم عماد السعدي (الأول من تشرين الثاني 2012)،الضابط مسعد حجير (25 تشرين الاول 2013)،العنصر في قوات "الامن الوطني الفلسطيني" محمد المبدا (3 نيسان 2022)،فيما قتل عدد آخر في اشتباكات المخيم على خلفيّة عمليات اغتيال او محاولات، وقد شكلت القوى السياسية القوة المشتركة الفلسطينية بإمرة العقيد عبد الهادي الاسدي ومازالت تقوم بمهامها الامنية، كما شكلت "هيئة العمل المشترك" في لبنان بجهود من رئيس حركة "أمل" رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري كإطار جامع لكافة القوى الفلسطينية الوطنية منها والاسلامية.