اعتبر رئيس الحكومة الأسبق ​فؤاد السنيورة​، بمناسبة الذكرى 16 لصدور القرار الدولي ​1701​، أن "واقعة يوم 14 آب 2006 لا ينبغي أن ينساها اللبنانيون أو يتجاهلوها. ففي ذلك اليوم، بدأ سريان قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أوقف ​العدوان الإسرائيلي​ على لبنان بعد أن جرى التمهيد لذلك بالقرار الذي أصدره مجلس الوزراء اللبناني بالإجماع مستندا إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني وورقة النقاط السبع بشأن انتشار ​الجيش اللبناني​ في كامل منطقة الجنوب، وبعد غياب عنها دام لأكثر من ثلاثين سنة، والتي كان محظورا فيها على الجيش اللبناني الانتشار على أرضه".

ورأى أن "هذا القرار حمى لبنان وحسم أمر السيادة في الجنوب اللبناني لمصلحة الدولة اللبنانية في مواجهة عدوانية وأطماع العدو الإسرائيلي. هذا فضلا عن أن هذا القرار أعاد التذكير والتأكيد على ​القرار 1559​ القاضي بمنع السلاح غير الشرعي على الأرض اللبنانية، والقرار 1680 الداعي إلى ترسيم حدود لبنان".

وأشار السنيورة، إلى أن "النضال والتحرك السياسي والدبلوماسي الذي قادته الحكومة اللبنانية آنذاك متسلحة بنجاحها في ممارسة قدر عال من المسؤولية الوطنية والحكومية، وفي الحفاظ على وحدة اللبنانيين وتضامنهم واحتضانهم لبعضهم بعضا، وأيضا في دعم صمودهم في وجه العدوان الإسرائيلي، وفي تصديهم له بشجاعة وفعالية، ويؤازرها في ذلك الأشقاء ​العرب​ وأصدقاء لبنان في العالم، وهو الذي أدى أيضا بدوره إلى وقف الحرب، وثبت سيادة الدولة اللبنانية على أرضها كلها".

وتابع: "كذلك، فقد نجحت الحكومة اللبنانية بعد ذلك في جهودها المثابرة في إطلاق وتنظيم وتمويل أوسع وأكبر عملية إعادة إعمار وبناء ما دمره العدوان في الجنوب و​الضاحية الجنوبية​ لبيروت وسائر أنحاء البلاد من بنى تحتية ومرافق عامة وتعليمية وصحية وخدماتية. كذلك نجحت الحكومة في توفير التمويل والتنظيم والإدارة الحازمة والمنضبطة لإعادة إعمار وبناء وترميم أكثر من 115 ألف وحدة سكنية، وهو ما تم إنجازه في فترة قياسية، وبحيوية متقدمة، بفضل الدعم العربي السياسي والمالي الكبير وفي مقدمتهم من دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها ​السعودية​، وكذلك أيضا بأموال الدولة اللبنانية. هذا علما أنه، وخلال شهور قليلة، وقبل نهاية العام 2006، عاد المهجرون إلى بلداتهم وقراهم، وفتحت المدارس أبوابها، ورابط الجيش اللبناني على الحدود".

ولفت رئيس الحكومة السابق، إلى أن "إعادة قراءة هذه التجربة بكل دروسها يجب أن تدفع اللبنانيين إلى التمسك بمسلمة أساسية تنطلق من أن قرار الحرب والسلم باعتباره قرارا يختص بالمصير الوطني، يجب أن يكون منوطا حصرا بالدولة اللبنانية بما أنها هي الجهة الدستورية والسياسية والقانونية التي تجمع كل جوانب الشعب اللبناني وتمثلهم والتي يمكنها أن تقرر باسمهم وتتحمل المسؤولية نتيجة قراراتها، كما وبإمكانيتها على تجميع كل الإمكانيات والطاقات المتاحة، العسكرية والبشرية والمالية التي يجب أن توضع بكنف وإمرة هذه الدولة لمواجهة العدو الإسرائيلي".

وذكر أن "هذا القرار عكس في جانب منه وعيا وطنيا لبنانيا وعربيا ودوليا، وتماسكا في مواجهة العدوان حماية للبنان ومصالحه الوطنية العليا وحياة مواطنيه وكرامتهم".

وقارن السنيورة بين الأمس واليوم، "حيث نجح لبنان سابقا في اكتساب الدعم والرعاية العربية والدولية، بما ساعده ومكنه من الخروج من تلك المحنة الطاحنة والرهيبة. بينما، وفي المقابل، ها هو لبنان اليوم يتخبط في خضم أزمة وطنية وسياسية وانهيارات اقتصادية ومالية وإدارية ومعيشية كبرى حولت غالبية الشعب إلى خط الفقر وما دون. كذلك، وفي المقابل أيضا، ما يزال الجانب المعروف يسعى لإحداث المزيد من المتاعب للمواطنين اللبنانيين وللوطن والدولة، ومن بينها توريط لبنان في مواجهات ومخاطر عسكرية لا قبل للبنان بمواجهتها أو تحملها بينما هو يبحث عن طريق لا يجدها للعودة الى كنف أسرته العربية، وإلى المجتمع الدولي الداعمين والمتفهمين لمشكلات لبنان واللبنانيين والداعمين لتنفيذ الإصلاحات الضرورية، ولتوفير مقتضيات استعادة الدولة اللبنانية لدورها وهيبتها، واستعادة الحياة الوطنية والكريمة المستقرة والآمنة للبنانيين".

واعتبر أنه "في المرحلة الحالية والمقبلة أحوج ما نكون لاحترام هذا القرار وما يعنيه ترسيخا، وتعزيزا للشرعية اللبنانية والدعم لها في وجه كل الأطماع، والحيلولة دون الافتئات على الدولة اللبنانية في دورها وسلطتها وقرارها الحر. سيبقى لبنان، رغم كل المحن والاستيلاءات، قويا وسيدا وحرا بعيشه المشترك، وبالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وبشرعيته العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي طليعتها القرار الرقم 1701".