أكّد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، أنّ "اللّقاء مع "حزب الله" حصل لأنّ الحزب مكوّن أساسي من مكوّنات البلد، ولا يمكننا استبعاده، فهذا الأمر غير منطقي"، مشيرًا إلى "أنّني طرحت عدّة أسئلة على محاوري حتّى يتمكّنوا من نقلها إلى الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، ولم أحصل على إجابة حتّى الآن. كما أعربت عن رغبتي في إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت المناسب. ولكن مجرّد أنّ نصر الله قد دعا في أحد تصريحاته الأخيرة إلى تشكيل حكومة تتمتّع بالصّلاحيّات اللّازمة، أستنتج أنّ الانتخابات الرّئاسيّة من المرجّح أن تستغرق وقتًا".

ولفت، في حديث إلى صحيفة "لوريان لو جور"، إلى أنّ "العقبة الرّئيسيّة هي رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" الّنائب جبران باسيل، اللّذين لن يسهّلا الأمور. وقد فرض هذا الثّنائي ضريبةً باهظةً علينا"، مبيّنًا "أنّني في هذا الموضوع، أتناقض تمامًا مع رأي رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، الّذي وصف ميشال عون بـ"الرّئيس الضّعيف". فإذا كان ضعيفًا وجعلنا نتحمّل كثيرًا، فماذا لو كان قويًّا؟".

وركّز جنبلاط على أنّ "المشكلة أنّ باسيل مستمرّ في فرض نفسه في كلّ المجالات، ليس فقط على مستوى الولاية الرّئاسيّة، ولكن أيضًا وقبل كلّ شيء، على مستوى وزارة الطاقة والمياه. إنه يمنع إنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء الّتي يطالب بها المجتمع الدولي كجزء من الإصلاحات. وحتّى لو تمّ تشكيل هذه الهيئة، فهناك خطر من أن يشلّها أزلام باسيل".

وفسّر أنّ "كلّ ما أحاول فعله هو فصل القضايا الرّئيسيّة، مثل مسألة سلاح "حزب الله" أو مسألة ترسيم الحدود ومشكلة شبعا، عن مسائل الإصلاح والانتعاش الاقتصادي، الّتي هي أكثر أهميّة في الوقت الحالي. حتّى لو تمّ الاتّفاق غدًا مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، فإنّ باسيل سيواصل ​سياسة​ الشّلل الّتي ينتهجها، موضحًا أنّ "بدون إنشاء شركة وطنية لإدارة القطاع وبدون صندوق سيادي للنفط، سيكون له السيطرة على الشركات المعنية. فجميع البلدان التي لديها الحد الأدنى من الاحترام لصندوق ثروتها السيادية، بدءًا من النرويج، مروراً بالكويت أو السعودية أو الجزائر إلى إيران، لديها مجتمعها الوطني".

وعن تفضيله لفكرة الرّئيس التوافقي، شدّد على أنّ "لا على الإطلاق، ما قلته أمام محاوري هو أننا لا نريد رؤساء بسمات سياسية. دعونا نحاول العثور على رئيس قادر على إدارة الأزمة وليكن لديه أيضا خلفية اقتصادية ومالية". أما عن شخصية تكنوقراطية لرئاسة الجمهورية، قال: "نعم، ولكن مع خلفية سياسية دون أن تأتي بالضرورة من أي حزب".

وعمّا إذا كان "حزب الله" يقبل بالتكنوقراط، أجاب جنبلاط بـ"لا أعلم، سألت المعاون السياسي حسين خليل عدّة أسئلة. لقد أجابني على نقطة واحدة فقط، وهي أن الخلاف على مسار الحدود البحرية لا يرتبط بأي حال بالمحادثات الجارية حول الملف النووي الإيراني. أما بالنسبة إلى الأسئلة الأخرى، فيجب أن يعرضها على أمين عام الحزب قبل أن يجيب علي. لكن في رأيي، سيكون حزب الله قادرا على التسامح مع رئيس تكنوقراطي، طالما أنه لا يحاول أن يكون استفزازيا ويقوم بإحياء القضايا الخلافية مثل تنفيذ القرار 1559، وهذا لا يعني أنه يتعين علينا التوقف عن الحديث عنها، على الرغم من أنني لا أعتقد أن هذا مفيد جدًا لأن تنفيذها لا يعود إلينا".

ورأى "أنّنا يجب أن نفصل المشاكل الكبيرة عما هو أكثر إلحاحا. دعونا أولا نحاول حل مشكلة الكهرباء، ومشكلة تزويد المازوت، وتخفيض البطالة، وإعادة هيكلة البنوك، وتبني الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار، لا يزال هناك حوالى 10 مليارات دولار من الاحتياطيات. ماذا ننتظر لوقف هذا السقوط؟ إلى جانب ذلك، أعتقد أن حزب الله ليس بعيدًا عن هذا المنطق لأنه لن يكون قادرًا على تحمل مسؤولية الانهيار التام".

وعن اعتبار رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيسا جامعا، أفاد بـ"أنني شخصيا لا أعتقد ذلك، لكن هذا القرار سيؤول في النهاية إلى كتلة "اللقاء الديمقراطي"، التي ستتخذ الموقف الذي تراه مناسبا. أعرف سليمان فرنجية الجد جيدا، لقد كان حليفنا. أنا أعرف الحفيد جيدا أيضا. لكنني سأقول إن علاقته الخاصة مع الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن تكون عقبة".

وعما إذا ما كان سيقترح أسماء مرشحين للرئاسة، أشار إلى "أنّني لن أجرؤ. سوف يتم وصفي بالخائن. تحدث جعجع عن الخيانة في مؤتمره الصحافي يوم الإثنين الماضي، لقد أصبحت كلمة سهلة بالنسبة له".

وعما اذا كانت الجسور مقطوعة بينه وبين "القوات"، أكّد أنّ "أبدا، لكن لدي رأيي ولديهم رأيهم. أنا لا أشاطرهم الرأي حول حقيقة أن رئيس الدولة المستقبلي يجب أن يكون رئيس تحدي". وتوجّه إلى "الأغلبية الجديدة التي تضم 13 نائبا، والتي قاومت مثلي ضغط المحور الإيراني السوري"، سائلًا: "هل سنتمكن من الاتحاد حول برنامج واحد؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه. لأنه إذا بقيت المعارضة مجزأة كما هي الآن بحلول أوائل تشرين الأول، فماذا يمكننا أن نفعل بينما المعسكر المعارض موحّد ويمكنه بسهولة انتخاب رئيسه؟".

وعن زيارة رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أعلن "أنّنا على الموجة نفسها مع البطريرك الراعي. يؤيد الحوار لأنه يتفهم تعقيدات المشاكل اللبنانية. لم أعلمه مسبقا بلقائي مع الحزب. ذهب تيمور إلى منزله ليخبره بمبدأ الحاجة إلى الحوار. حتى لو كانت لدينا خلافات جوهرية مع حزب الله، مرة أخرى لا يمكننا استبعاده من الحوار"، لافتًا إلى أنّه "عندما تتحدث القوى العظمى مع بعضها البعض - إيران والولايات المتحدة عبر أوروبا والسعودية وإيران في بغداد - ألا يحق لنا في لبنان التحدث مع بعضنا البعض؟".

وعن موضوع الحياد، ذكّر بأنه "تم تطوير هذا المفهوم في الخمسينيات من القرن الماضي من قبل ريمون إده (العميد السابق للكتلة الوطنية). لم يكن والدي كمال جنبلاط بعيدًا عن هذا المنطق. ثم غيّر رأيه عندما حدث الغزو الثلاثي (فرنسا وبريطانيا العظمى وإسرائيل) لمصر عام 1956. ولا يمكن تطبيق هذا المفهوم على لبنان بينما تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأراضينا. لا علاقة له بحزب الله". وركّز على "أنّني لا أؤمن بهذا المفهوم، ولم أفعل ذلك منذ عقود. أنهى الغزو الروسي لأوكرانيا حياد دولتين، فنلندا والسويد. سويسرا هي الوحيدة الحيادية اليوم. من الواضح أنه يمكننا الاستمرار في الحديث عن الحياد، لكن يكاد يكون من المستحيل تطبيقه عندما يكون هناك وحش يسمى إسرائيل".

وعن سبب عدم إرساله تيمور جنبلاط إلى جعجع؟"، أوضح "أنّني لا اعتقد انه سيزوره في منزله، ولا حتى الى ميشال عون في ظل هذا الوضع الذي نحن فيه. وبالنهاية وبعد كل شيء، فإن جعجع هو الذي ادى الى انتخاب ميشال عون".