قبل أيام، كان الحديث عن إحتمال إعادة تفعيل قنوات الإتصال، الهادفة إلى تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، يعتبر مضيعة للوقت، نظراً إلى أن غالبية القوى السياسية الأساسية كانت قد سلمت بخيار بقاء حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة ​نجيب ميقاتي​، على قاعدة أن الوصول إلى تفاهم جديد يعد من المستحيلات.

أول من أمس، برزت تطورات جديدة قادت إلى اللقاء الذي جمع بين عون وميقاتي أمس، أبرزها قد يكون تصاعد المسار الذي يوحي بأن البلاد مقبلة على خلاف دستوري كبير، يتعلق بقدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية عند إنتهاء ولايته، لا سيما بعد أن تبنى "​التيار الوطني الحر​" هذا الطرح، في حين كان ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ قد ذهب قبل ذلك إلى الحديث عن أن "وجود حكومة كاملة الصلاحيات لا يفرضه منطوق التوازن بين المؤسسات الدستورية فقط، بل منطق التوازن بين أدوار المكونات الميثاقية أيضاً".

في هذا السياق، تفضل مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، على عدم الذهاب بعيداً في الرهان على إمكانية الوصول إلى تفاهم على تشكيل حكومة جديدة، حيث تشير إلى أن الأمور في ​لبنان​ تبقى دائماً مفتوحة على كافة الإحتمالات، لكنها تشدد على أن الذهاب إلى ​الفراغ الرئاسي​ في ظل حكومة تصريف أعمال قد يقود إلى ما يمكن وصفه بـ"المرحلة التأسيسية"، نظراً إلى السجالات التي ستكون مفتوحة على هذا الصعيد، وتضيف: "السؤال الأساسي يبقى حول ما إذا كان ذلك سيمر بهدوء أم على وقع تطورات أكثر خطورة"؟.

حتى الساعة، تلفت المصادر نفسها إلى أن المعطيات المتوفرة تؤكد صعوبة الوصول إلى إنتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية ولاية عون، لا سيما أن الإنقسام بين الفريقين المسيحيين الأساسيين، أي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، يفتح الباب أمام مجموعة من السيناريوهات الصعبة، أبرزها إحتمال الذهاب إلى سياسة التعطيل المتبادل لجلسات الإنتخاب، من دون إهمال تداعيات إتفاق باقي القوى على شخصية جديدة لا تحظّى بموافقة أي منهما.

في هذا الإطار، الوقائع الراهنة على المستوى الرئاسي تؤكد أن الذهاب إلى الفراغ الرئاسي سيفتح الباب أمام طرح البحث عن أن التسوية المطلوبة يجب أن تكون أكبر من الإتفاق على إسم الرئيس المقبل، في مقابل الكثير من علامات الإستفهام التي تطرح، حول ما إذا كان ذلك سيقتصر على الإتفاق على إسم رئيس الحكومة.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المطلعة، عند هذه النقطة تبرز العديد من الإحتمالات التي قد تقود إلى تعقيد المشهد أكثر، منها أن تكون البلاد، في الفترة الفاصلة عن موعد نهاية ولاية عون، على موعد مع مجموعة من التطورات التي تصب في إتجاه الفوضى، الأمر الذي بدأت العديد من الأوساط تحذر منه، من دون تجاهل إحتمال أن يقود ملفّ ​ترسيم الحدود​ البحريّة إلى مواجهة عسكريّة مع ​إسرائيل​.

في قراءة هذه المصادر، لا يمكن فصل كل ذلك عن الإنهيار القائم على مستوى كافة مؤسسات الدولة، في حين طرحت في الأشهر الماضية مجموعة من الأفكار عن التوجه نحو الدعوة إلى عقد مؤتمر يتعلق بالأوضاع المحلّية، كان من المتوقع أن تقود باريس ذلك بعد الإنتهاء من الإنتخابات النيابية، على أساس الذهاب إلى تعديلات دستوريّة تعالج بعض الثغرات، منها تحديد مهلة تأليف لرئيس الحكومة المكلف، وأخرى لرئيس الجمهورية تتعلق بالدعوة إلى الإستشارات الملزمة.

في المحصّلة، قبل أيام مرّت إشارة من السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتيري، خلال زيارته إلى الرابطة المارونيّة، مرور الكرام، حين أعرب عن تفاؤله بأن اللبنانيين يستطيعون بإمكاناتهم الفكرية إبتكار صيغة جديدة تنقذ نظامهم التعدّدي المميّز، فهل يكون الفراغ الرئاسي، على وقع خلاف حول الصلاحيّات، هو المقدّمة، أم أن تشكيل الحكومة، في الفترة الفاصلة، سيحد من التداعيات الخطيرة، من دون تجاهل إحتمال ضعيف يتعلق بإمكانية التوافق على رئيس جديد قبل نهاية العهد الحالي؟!.