عزّز الضغط العسكري المكثف الذي تمارسه الصين، رغبة تايوان في امتلاك أسلحة ضخمة، مثل سفن حربية ومقاتلات، ما فاقم خلافاً بين تايبيه وواشنطن بشأن شراء الأسلحة، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

ونفذ الجيش الصيني، هذا الشهر تدريبات دامت أسبوعاً واعتُبرت سابقة، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان. ومنذ ذلك الحين، يواصل الجيش الصيني مناورات جوية وبحرية يومياً قرب الجزيرة.

ويعتبر مسؤولون حكوميون وعسكريون تايوانيون، أن هذا الأمر يشكّل دليلاً على أن الاستراتيجية المفضلة لبكين لا تتمثل في غزو بلدهم، ولكن إرغامه على الخضوع للسيطرة الصينية من خلال الضغط العسكري، من دون الانجرار إلى حرب.

وقال مسؤولون إن هذا الأمر يعني أن على واشنطن أن تعدّل سياستها في دفع تايوان لمنح الأولوية للأسلحة الرخيصة والصغيرة والسريعة الحركة، مثل صواريخ "ستينجر" المضادة للطائرات، والتي تُعتبر ضرورية لمقاومة غزو شامل محتمل للجزيرة، علماً أن الولايات المتحدة هي أبرز مزوّد لتايوان بالأسلحة.

وأشار مسؤول حكومي تايواني بارز إلى أن سفناً حربية صينية "تندفع" كل يوم إلى "خط الوسط" ​​لمضيق تايوان، إضافة إلى سفينة على الجانبين الغربي والشرقي لـ"قناة باشي"، بين تايوان والفلبين، و"وجود منتظم" بين تايوان وجزيرة "يوناجوني" اليابانية.

وقال: "السفن الحربية المتوسطة والضخمة، ضرورية للردّ على هذه السفن التي تزن 500 طنّ... في هذا الوضع، يصعب جداً الحديث ببساطة عن ضرورة إبدال منصاتنا الضخمة القديمة بقوارب وصواريخ صغيرة ومتحرّكة. إذا ركّزتَ فقط على الدفاع الساحلي، فإن الأمر الوحيد الذي يمكنك مواجهته هو عندما يهاجم (الصينيون) الشاطئ".

وفي ضوء مخاوف أميركية متزايدة من أن الصين قد تهاجم تايوان خلال السنوات الخمس المقبلة، تحاول واشنطن إرغام تايبيه على إعطاء الأولوية للأسلحة "غير المتكافئة"، وهي منظومات تستغلّ ضعف الخصم بدلاً من محاولة مضاهاة نقاط قوته.

وبدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هذا العام، رفض طلبات قدّمتها تايوان لشراء منظومات ضخمة ومكلفة، بحجة أنها لن تكون فعالة في ردع غزو صيني.

ووافقت حكومة الرئيسة التايوانية تساي إينج وين في البداية على هذا المسار، رغم مواجهتها مقاومة في قطاع الدفاع.

لكن مسؤولين لفتوا إلى وجوب إعادة تقييم الاحتياجات الدفاعية الأكثر إلحاحاً للجزيرة، في ضوء ما وصفته تايبيه وواشنطن بأنه محاولة صينية لتغيير الوضع القائم حول تايوان، بحسب "فايننشال تايمز".

وقال شو هسياو هوانغ، وهو باحث بـ"معهد أبحاث الدفاع والأمن الوطني"، وهي مؤسّسة فكرية تدعمها وزارة الدفاع التايوانية: "تُظهر العمليات الأخيرة للجيش الصيني كيف يختلف وضع تايوان عن الحرب الأوكرانية. نحتاج لتعزيز دفاعاتنا غير المتكافئة وتلك التقليدية".

واعتبر الجيش الصيني أن تدريباته "دمّرت" خط الوسط​​، الذي كان عازلاً غير رسمي، باتت مقاتلاته تعبره الآن يومياً، مشيراً إلى أنه يعتزم تنفيذ دوريات منتظمة قرب تايوان.

وتشعر تايبيه بقلق من أن هذا "الوضع الجديد" سيساعد بكين في دعم مطالبها بالسيادة على الجزيرة. وقال مسؤول عسكري في هذا الصدد: "إن لم نواجه هذه المحاولات لتقييدنا، فقد يمكّنهم ذلك من إرغامنا على التوحيد في مرحلة ما".

وتجري حكومة تساي مراجعة للتدريبات الأخيرة التي نفذها الجيش الصيني، وتعتزم مناقشة النتائج مع واشنطن.

وقال المسؤول التايواني البارز: "من دون استباق النتيجة، تختلف وجهات نظرنا وآراء الولايات المتحدة بشأن ما يشكّل بالضبط (أسلحة) غير متكافئة، ومقدار غير التكافؤ الذي نحتاجه. تحظى الولايات المتحدة بخبرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن احتياجاتنا قد تكون مختلفة، مع الأخذ بالاعتبار التدريبات الأخيرة للصين".

ليس ثمة ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تخطّط لتعديل نهجها في مبيعات الأسلحة لتايوان. ونقلت "فايننشال تايمز" عن مسؤول بارز بالإدارة الأميركية قوله إن الضغط العسكري الذي مارسته الصين أخيراً "عزّز سياستنا بشكل مطلق... والحاجة إلى التأكد من أن لدى (التايوانيين) ما يكفي من هذه القدرات غير المتكافئة، لردع أي نوع من التهديد من الصين".