توقعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن يصادق وزراء مالية مجموعة السبع، التي تضم الديمقراطيات الغنية، على خطة لوضع سقف لسعر النفط الروسي، والالتزام بتنفيذها.

واعتبرت الصحيفة، أن الخطوة المرتقبة من شأنها أن "تفتح جبهة جديدة في الجهود الغربية غير الناجحة إلى حد كبير حتى الآن، في خفض عائدات النفط الروسي إذ لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تراجع الحرب في أوكرانيا".

وأشارت إلى أن مسؤولي المجموعة لا يزالوا يحاولون الإجابة على العديد من الأسئلة المعقدة بشأن طريقة تحديد الحد الأقصى للسعر الذي سيتم تحديد السقف عنده، خاصة أن النفط والغاز لا يزالا يمثلان مصدراً مهماً لروسيا ويشكلان حوالي نصف إيرادات البلاد.

ويعمل المسؤولون الغربيون منذ شهور على إيجاد طريقة لخفض التدفقات المالية مع الاحتفاظ بما يكفي من النفط الروسي في الأسواق العالمية لمنع حدوث قفزة جديدة في أسعار الطاقة المرتفعة بالفعل.

الصحيفة أوضحت أن الخطة التي ناقشها المسؤولون خلال الصيف، تتضمن "حظر دول المجموعة تمويل وتأمين شحنات النفط الروسي ما لم يتم بيع النفط بأقل من السعر المحدد".

وبحسب صندوق النقد الدولي، تشكل هذه الدول أكثر من 30% من الاقتصاد العالمي، ومسؤولة عن تأمين أكثر من 90% من حركة الشحن العالمية، وفقاً لمركز أبحاث "بروجيل".

ونقلت الصحيفة عن نائب وزيرة الخزانة الأميركية، والي أديمو، قوله في مقابلة، إن "هدفنا هنا هو إنشاء هيكلية تصريح تسمح للنفط الروسي بالتدفق، ولكن تخفض عائداته".

وأضافت أن المسؤولين يحاولون إيجاد توازن بين الحد من العائدات الروسية، والحفاظ على توفير حافز لروسيا لبيع نفطها، على أن تطبق الخطة أيضاً على باقي المنتجات البترولية، مثل زيت الوقود، الذي يمثل أحد الصادرات الروسية الرئيسة.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إنه تم تداول النفط في نيويورك، الأربعاء، بسعر حوالي 90 دولاراً للبرميل، فيما يُباع الخام الروسي بالفعل بخصم يزيد عن 20 دولاراً للبرميل.

وكانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، بدأت في الربيع الترويج لفكرة الحد الأقصى للسعر وسط مخاوف من أن تتسبب خطة الاتحاد الأوروبي لحظر استيراد وتأمين معظم النفط الروسي، التي أُقرت في حزيران، في ارتفاع الأسعار بوتيرة متسارعة.

وحذرت يلين من أن خطة الاتحاد قد تفاقم معدلات التضخم وتدفع بالاقتصاد العالمي إلى هوة الركود، في الوقت الذي تضمن فيه قدرة الكرملين على تعويض انخفاض المبيعات عن طريق رفع الأسعار.

ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين أوروبيين يتشككون في جدوى الخطة في التأثير في الأسعار، كما يعتقد مسؤولون رفيعوا المستوى بوزارة الخزانة الأميركية أن الأسواق تقلل من شأن التأثير الذي يمكن أن يتركه حظر الاتحاد الأوروبي على أسعار النفط العالمية، حيث تظهر التقديرات الداخلية أن سعر النفط الخام قد يرتفع إلى 140 دولاراً تقريباً للبرميل.

وتدخل عقوبات الاتحاد الأوروبي على الخدمات التأمينية والمالية للنفط الروسي، حيز التنفيذ في 5 كانون الأول المقبل.

وبموجب خطة الحد الأقصى للسعر، سيتم رفع حظر التأمين الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ما يسمح للشركات الغربية بمواصلة تقديم خدمات مالية لشحن وبيع النفط الروسي خارج الولايات المتحدة وأوروبا بالسعر المحدد.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هناك اختلافات مهمة لا تزال بين أعضاء مجموعة السبع بشأن الاقتراح، إذ تختلف وجهات نظر مسؤولين بشأن عدد الدول من خارج المجموعة التي يجب أن تنضم إلى الحد الأقصى للسعر حتى يكون قابلاً للتطبيق.

وقالت الصحيفة: "نظراً لأن دول مجموعة السبع نفسها تتحرك لحظر استيراد النفط الروسي بشكل كامل، فإن الخطة تعتمد على استعداد المشترين العالميين الآخرين، في إفريقيا وآسيا وأماكن أخرى، للالتزام باقتراح الحد الأقصى للسعر، ومن ثم تتعين موافقة هذه الدول، أو الشركات التي تعمل بها، على الحد الأقصى للسعر لقبول واردات النفط الروسي على السفن التي يؤمنها الغرب".

وأضافت: "لكن يبقى الدعم من خارج مجموعة السبع غير مؤكد، إذ يرى المسؤولون والمحللون أن فرصة إقناع الصين بالالتزام بالخطة محدودة للغاية، ويبدو من غير المرجح أيضاً أن توافق الهند التي ارتفعت مشترياتها من النفط الروسي من صفر قبل الحرب إلى مليون برميل يومياً، على الخطة".

وكشفت الصحيفة أنه قبل بدء حظر التأمين من قبل الاتحاد الأوروبي، بدأت الهند بالفعل استخدام طرق بديلة لشراء النفط الروسي الذي لا يشمله التمويل أو التأمين الغربيين.

وحث المسؤولون الأوروبيون مجموعة السبع على كسب دعم المشترين الآخرين للنفط الروسي، بما في ذلك تركيا ومصر وجنوب إفريقيا، قبل المضي قدماً في الخطة، لكن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن تضامن هذه الدول في البداية "أقل أهمية" لأن سقف السعر سيشجع في جميع الأحوال، المشترين الآخرين على الضغط من أجل الحصول على مزيد من التخفيضات من موسكو، وقد يؤدي وضع حد أقصى للسعر أيضاً إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة لروسيا، ومن ثم إقدامها على تطوير طرق أخرى للشحن، بحسب الصحيفة.

وتابعت الصحيفة: "ويتساءل بعض حلفاء الولايات المتحدة، وكذلك ممولي وتجار النفط عما إذا كانت روسيا ستواصل بيع النفط تحت هذا السقف، خاصة وأنها قلصت إمداداتها من الغاز الطبيعي لأوروبا هذا العام، ما أدى إلى قلة الواردات وارتفاع الأسعار".

ونقلت الصحيفة عن بعض المحللين توقعاتهم بأن تتخذ روسيا خطوات مشابهة في ما يتعلق بالنفط في حال مضى الغرب قدماً في خطة الحد الأقصى للأسعار.

لكن مسؤولين أميركيين أعربوا عن اعتقادهم بأن روسيا ستواصل بيع النفط بأسعار أقل، ولن تخاطر بتقليل إنتاجها وغلق الآبار التي قد يصعب إعادة فتحها في بعض الحالات.

وقال مسؤولون أوروبيون، إن الاتحاد الأوروبي لا يزال يناقش مشكلات تتعلق بتنفيذ الخطة، إذ "تفتقر الكتلة إلى سلطة عقابية مركزية كتلك التي تمتلكها الولايات المتحدة"، ما يترك الأمر لكل دولة من الدول الأعضاء على حدة لتشجيع شركات التأمين والصيرفة على البقاء في السوق، وعدم ترك العمل خوفاً من مخالفة القواعد، وفق الصحيفة.