لا شكّ أن قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمعلومات التي نشرت مؤخراً تشكّل دليلاً قاطعاً على تورّط الاخير في جرائم اختلاس وتبييض أموال، الى حدّ أن أحد المراجع القضائية الكبرى في البلاد تكاد لا تصدّق أن القضاء اللبناني لا يزال يقف متفرجاً في هذا الملف، وحتى لم يصل الى الادعاء عليه رُغم كثرة الأدلة التي بدأت تخرج الى العلن...

في كانون الثاني الماضي أرسل القضاء السويسري مراسلة الى القضاء اللبناني تحدث فيها عن اختلاس سلامة وشقيقه رجا لأموال، أي بحسب القانون يتحدث عن سرقة مال عام، يومها تحدثت سويسرا عن أن رياض سلامة نظّم عمليات "اختلاس" أموال بما يقدر بأكثر من 300 مليون دولارعلى نحو مضرّ بمصرف لبنان من خلال توقيعه على عقد مقدّم من شركةFORRY ASSOCIATED LTD في جزر فيرجين البريطانية، ويبدو أن الأموال قد تحوّلت الى حسابات في سويسرا قبل غسلها بسبل شتى، منها تحويلات من حساب الى آخر مع تغيير صاحب الحق الاقتصادي أو الاستثمارات في العقارات في سويسرا والخارج، ولاسيما بريطانيا أو الاستثمارات في السندات المالية في سويسرا أو الخارج... لماذا نعود الى هذه النقطة؟.

يعود مرجع قضائي مطّلع على ملف التحقيقات في قضية رياض سلامة الى المستندات وحركة الحسابات التي نشرت مؤخراً لسلامة، ويشير الى أن "الأخير كان يعمل بالطريقة التالية: الأموال تخرج من مصرف لبنان الى شركة Forry التي يملكها ورجا بعدها تعود الأموال الى حساباته ليقوم بتحويلها الى حسابات رياض سلامة الذي يشتري العقارات فيها".

يشير المرجع القضائي الى أنّ التحقيقات في أوروبا باتت متقدّمة، ولكن وفي اطار التعاون القضائي اللبناني-الاوروبي يحتاج الاوروبيون الى مزيد من الادلة لا يملكونها ويطلبونها من القضاء اللبناني، وتحديداً حركة حسابات حاكم مصرف لبنان لتحديد كيف وصلت الأموال أي 300 مليون دولار (التي تحدث عنها القضاء السويسري في مراسلته في كانون الثاني 2020) الى لبنان وعادت وخرجت من المصارف اللبنانية، وكيف تمت هذه العملية؟ والى أين ذهبت الأموال؟، مؤكدا أن "هذه "القطبة المخفية" التي ينتظر القضاء الأوروبي تحديدها ولم يستطع بعد".

"القصّة بين القضاء اللبناني والدول الاوروبية متعلّقة بحركة حسابات رياض سلامة". هذا ما يؤكده المرجع، لافتا الى أن "القضاء اللبناني لم يسلم القضاء الأوروبي أي شيء يتعلّق بهذا الموضوع وهذا مطلبهم الأساس، واليوم ومع تعطيل الهيئة العامة فإن العمل بملف سلامة توقّف حكماً، ويسأل ما الذي يمنع أعلى سلطة قضائيّة في لبنان من التحرّك"؟.

"وهل يعقل أن يتعطّل العمل في المحاكم نتيجة فتوى وجود قضاة اصيلين فقط دون أن ينص القانون عليها؟ وما الهدف من تعطيل عمل المحاكم وتوقف ملف بحجم ملف سلامة"؟.

"لا تحقيق بملف سلامة في لبنان". هكذا يختصر المرجع القضائي المشهد، ليذهب أبعد من ذلك، ويقول "القضاء اللبناني لم يلجأ حتى للادعاء عليه رغم أن التحقيق انتهى منذ حوالي ثلاثة أشهر، واليوم وحتّى لا يدعي القاضي زياد أبي حيدر لجأ سلامة الى طلب كفّ اليد، والمحاكم معطّلة نتيجة تعطيل عمل الهيئة العامة، وهذا كلّه يؤثر على التعاون اللبناني الاوروبي لأنه عندها لا يستطيع القضاء اللبناني تسليم القضاء الاوروبي ما يطلبه نتيجة توقف المحاكم".

في المحصّلة يقف القضاء اللبناني على مفترق طريق، فهل تحصل أوروبا على حركة حسابات رياض سلامة التي تطلبها؟!.