من حق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الطبيعي أن يهاجم العهد ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وكذلك حزب الله، كما فعل بالأمس في قداس الشهداء الذي أقامته القوات في معراب.

ومن حق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي أن يرعى القداس وأن يوفد ممثلاً عنه كما أوفد بالأمس المطران أنطوان نبيل العنداري، وفي الأساس هي ليست المرة الأولى التي يرعى فيها الراعي قداس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب.

ولكن ليس من حق البطريرك الراعي أبداً أن يسمح بحصول ما حصل في معراب بعد القداس.

نعم ليس من الطبيعي والمألوف أبداً أن تسكت بكركي عن ما حصل وما قام به عدد من الآباء والكهنة بعد القداس وتحديداً خلال إلقاء رئيس القوات كلمته السياسية.

فخلال إلقاء جعجع كلمته النارية والتي هاجم فيها بشكل أساسي رئيس الجمهورية الحالي ورئيس التيار الوطني الحر، بقي المطران عنداري ومعه عدد كبير من الكهنة والآباء على الكراسي المخصصة لهم بينما كان بإمكانهم أن يغادروا بمجرد نهاية القداس. وفي كل مرة كان جمهور القوات يصفق ويهتف فيها لجعجع تأييداً لمواقفه، لم يكن التصفيق يقتصر على المناصرين والحزبيين القواتيين فقط، بل أيضاً على عدد من هؤلاء من الآباء والكهنة. أسوأ من ذلك بكثير، تعمّد رئيس القوات اللبنانية في خطابه ولأكثر من مرة أن يهزأ ويسخر من رئيس الجمهورية وفريقه، وتفاعلاً مع هذه السخرية صفّق عدد من الآباء والكهنة المشاركين في القداس لها وضحكوا كما جمهور القوات وقد بدت ملامح الفرح والتأييد على وجوههم، وهنا، وكي، لا يقال بأننا نتّهم الكهنة بأمور لم تحصل، تكفي العودة الى فيلم القداس الذي نقل مباشرة على هواء أكثر من محطة تلفزيونية، ليتبيّن كيف تعمّد مُخرج القداس تلفزيونياً تسليط الكاميرات على الكهنة والآباء وهم يصّفقون ويضحكون تأييداً لمواقف جعجع.

وإذا كان ما قام به الكهنة من تعبير عن آرائهم وتأييدهم للقوات وخطّها السياسي مقبولاً كنسياً، كيف منعت بكركي عبر مطرانية بيروت المارونية المونسنيور كميل مبارك من الظهور الإعلامي بسبب مواقف سياسية أدلى بها عبر وسائل الإعلام؟ وهل يجوز أن تعامل بكركي الكهنة والآباء على قاعدة ناس بسمنة وناس بزيت؟ .!

أما الأخطر من كل ذلك، فهو السؤال التالي: منذ متى تعتمد الكنيسة المارونية ​سياسة​ زرع الشقاق بين الأفرقاء السياسين المسيحيين وذلك عبر تأييدها أحدهم على حساب الآخر؟!.

وكيف يمكن أن تقبل بكركي المشاركة بطريقة أم بأخرى بمهاجمة رئيس الجمهورية بهذا الشكل كل ذلك بغض النظر عن شخص الرئيس الحالي وإذا كانت تتفق معه أم لا، بل حفاظاً على ما تبقى من هيبة الكرسي الأول في الجمهورية اللبنانية والذي تكرس في ميثاق 1943 للطائفة المارونية حصراً بعدما شغل منصب الرئيس قبل إستقلال العام 1943 رؤساء للجمهورية من غير الموارنة كشارل دباس وبترو طراد وأيوب تابت؟.

فعلاً بكركي إرتكبت بالأمس خطيئة كبرى، وأن يأتي الإعتراف بها وتصحيحها متأخراً أفضل بكثير من ألا يأتي أبداً!.