أكدت مجموعة المواقف التي صدرت عن شخصيات سياسية بارزة، في الأيام الماضية، أن مسار المخارج مقفل في الوقت الراهن، فلا يمكن الحديث عن حلحلة على مستوى ​تشكيل الحكومة​، في ظلّ الخلافات القائمة حول تضمنها 6 وزراء دولة، كما لا يمكن توقع التوافق على إنتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية، ما يعني أنّ البلاد تسير نحو الأزمة الدستوريّة التي يخشاها الجميع، أيّ الشغور في موقع الرئاسة في ظلّ حكومة تصريف أعمال.

في هذا السياق، يمكن القول أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان أول من أطلق شرارة المواجهة، بعد مواقف الأخيرة في مهرجان ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، لتأتي بعد ذلك مواقف كل من رئيس الحكومة المكلّف ​نجيب ميقاتي​ ورئيس حزب "القوات اللبنانيّة" ​سمير جعجع​، قبل أن يتولّى رئيس "التيار الوطني الحر" ​جبران باسيل​ الردّ الأولي، بينما الردّ الأساسي كان من رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ يوم أمس.

في حصيلة هذه الردود، ترى مصادر سيّاسية مطلعة، عبر "النشرة"، أنّ غالبية الأفرقاء يتحضرون للمواجهة المنتظرة، عبر العمل على تجميع أوراق القوّة التي لديهم، وهو ما يبرّر الإتصالات القائمة على محور كل من برّي وميقاتي ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​، بالإضافة إلى التحضيرات القائمة لعقد لقاء سنّي في دار الفتوى، من دون تجاهل تهديد النواب التغييريين باللجوء إلى الشارع في الأيام الأخيرة من ولاية عون، في حال عدم التوصل إلى إنتخاب رئيس جديد.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه الوقائع تعني أن الشهرين المقبلين سيكونان حاميين على المستوى الداخلي، بغض النظر عن المسار الذي ستسلكه مفاوضات ​ترسيم الحدود البحرية​ مع إسرائيل، الذي بات من المرجح أن يذهب إلى تأجيل إضافي، في حال عدم الوصول إلى إتفاق على تشكيل حكومة جديدة في لحظة ما، أو تقدم في مسار التوافق على شخصية تنتخب ل​رئاسة الجمهورية​، ما يحول دون الوصول إلى الأزمة الدستورية.

من وجهة نظر المصادر نفسها، ما تقدم يدفعها إلى التأكيد بأن حملات التصعيد قد تقود إلى حلّ قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية، بناء على تدخّلات من قبل أفرقاء محليين وخارجيين مؤثّرين، لكن في المقابل لا شيء يمنع أن تقود إلى تفجّر المزيد من الأزمات، لا سيما على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، بإنتظار الوصول إلى تسوية، سواء كانت تشمل الملف الحكومي أو الملف الرئاسي.

في هذا الإطار، تشدّد مصادر نيّابية، عبر "النشرة"، على أن لا حلّ إلا نتيجة تسوية، الأمر الذي لا تزال العديد من القوى ترفضه في الوقت الراهن، على أمل أن يقود تصعيدها إلى تحسين شروطها التفاوضيّة، لا بل تذهب أبعد من ذلك عبر الحديث عن أن البعض يراهن على أن يقود التصعيد إلى تدخلات خارجية تصب في صالحه، على قاعدة أن المسارات الداخلية مقفلة.

عند هذه النقطة، تطرح هذه المصادر الكثير من علامات الإستفهام حول الإهتمام الدولي بالساحة اللبنانية، نظراً إلى أن هناك ملفات أكثر أهمية تشغل بال اللاعبين الإقليميين والدوليين المؤثرين، وبالتالي قد لا يذهبون إلى التدخل الفاعل إلا بحال وجدوا أن الأمور قد تخرج عن السيطرة، كما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التدخل شخصياً في هذا الملف.

في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أن لا حل إلا بتسوية سياسية، قد لا تحصل إلا بتدخل خارجي، لكنها تشير إلى أن السؤال يبقى حول توقيتها: قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية أو بعد ذلك، نظراً إلى أن الظروف ستكون مختلفة بين الحالتين، بالإضافة إلى سؤال آخر حول الثمن الذي ستتطلبه، هل يكون إقتصادياً أو مالياً فقط، أم يكون أبعد من ذلك في ظل التهديدات المتبادلة باللجوء إلى الشارع؟!.