ذكر رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، خلال مؤتمر خصص لإعلان خطة الهيئات للتعافي الأقتصادي والمالي، أنّ "البلد يمر في ظروف مأسوية، لكن حتى الآن الدولة ليست مفلسة، فلبنان ليس دولة الأولى في العالم التي يحصل فيها انهيار اقتصادي، لكن بالتأكيد الدولة الوحيدة التي لم تتخذ خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة خطوات وإجراءات ثابتة وفعلية لمواجهتها والخروج منها".

ولفت إلى أنه "أمام هذا الواقع المرير واستمرار الخلافات الحادة بين أهل السلطة على أي مشروع يتم تقديمه، كان من واجب الهيئات الاقتصادية، الممثل الشرعي للقطاع الخاص اللبناني والمؤتمنة على الاقتصاد الوطني والمصلحة الوطنية، أخذ زمام المبادرة، بوضع خطة تعاف مالي واقتصادي متوازنة وعادلة وموثوقة، وهي كلفت لهذه الغاية فريق عمل مؤلفا من 13 شخصا يمثلون قطاعات أساسية وخبراء اقتصاديين وماليين وقانونيين".

وأشار شقير، إلى "أننا تمكنا بعد حوالى الشهرين من العمل المتواصل والتصميم والإرادة الصلبة، من إنجاز خطة تعاف متوازنة تنطلق من هدف أساسي، وهو إنماء الاقتصاد".

وأوضح أن "الخطة تستند إلى كل المعلومات والمرتكزات المالية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية والواقعية، وتستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي ومختلف المعايير المحاسبية والشفافية والحوكمة، وكذلك للحفاظ على حقوق المودعين وإيجاد حل لتخلُّف الدولة عن الإيفاء بديونها، الذي يرتكز على تسلسل المسؤوليات، الدولة، مصرف لبنان، والمصارف".

وشدد شقير، على أن "الهم الأساسي، الذي كان يطغى على الهيئات الاقتصادية والذي عكسته بقوة في هذه الخطة، هو تحقيق العدالة الاجتماعية بإعطاء الأولوية لصغار المودعين وتوفير الحماية الاجتماعية للبنانيين من دون إغفال حقوق جميع المودعين".

واعتبر أن "مما لا شك فيه، أنه رغم مسؤولية جميع الأفرقاء بتحمل الخسائر المالية الحاصلة، فإن الخطة لحظت بشكل واضح تحمل المصارف ما يتوجب عليها في هذا الإطار، لكنها حرصت في الوقت نفسه، على ضرورة الحفاظ على القطاع المصرفي وعدم دفعه إلى الإفلاس لأن تحقيق أي نهوض اقتصادي يعتمد بشكل أساسي على سلامة القطاع المصرفي عبر توفير التمويل وتشجيع الاستثمار، لأن إفلاس القطاع المصرفي سيكون بالتأكيد مقدمة لهلاك أموال المودعين".

وذكر شقير أنّ "جل ما تريده الهيئات الاقتصادية وتعمل من أجله في خطة التعافي، هو النهوض بالإقتصاد الوطني لإنهاض لبنان. وهنا، الطريق معروفة، وهي: الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، إقرار القوانين الإصلاحية، العودة الى الأسواق المالية العالمية، إصلاح القطاع العام وإعادة هيكلته وتحفيزه، تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحفيز الإستثمار، واستدامة الدين العام".

ولفت إلى أنه "بالتوازي تصر الهيئات الاقتصادية عبر الخطة على ضرورة وضع شبكة أمان اجتماعي فعالة ومجدية لتقليص أثر هذه الإصلاحات على الفئات الضعيفة، لأنه حقيقة، فهذ الطريق شاقة وصعبة ومؤلمة، لكن النتائج على المدى الطويل ستكون مجدية للجميع".

وبالنسبة إلى الودائع، أكد شقير أن "الودائع تبقى هدفاً أساسياً في خطة التعافي، ومن خلال المقاربات العلمية والمحاسبية التي إرتكزت عليها والآليات التي إعتمدتها يمكن أن يصل معدل استرداد الودائع الى 74% على مدى سنوات خطة التعافي، حيث ستتم إعادة الودائع حتى 100 ألف دولار كاملة لكل مودع. أما بالنسبة لكبار المودعين، تلحظ الخطة برنامجاً طموحاً لإعادة الودائع لهذه الفئة، عبر العائدات الناتجة من إدارة أصول الدولة من قبل شركات متخصصة ومتميزة، مع المحافظة على هذه الأصول".

أما نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد فتحدث عن "المبادئ التوجيهية الأساسية التي بنيت الخطة على أساسها وعن النمو الاقتصادي"، وأشار إلى "أننا وضعنا الهدف الأول والأساسي، وهو حماية الإقتصاد وإعادة إطلاق النمو الاقتصادي".

ولفت إلى أنه "مثلاً من ناحية الكابيتال كونترول، إذا تضمّن أي إجراءات تحد من النمو أو تلجم قدرة البلد على النهوض الإقتصادي، يجب أن نتجنّبها ونتوجه إلى حلول أخرى تجعلنا نصل إلى هدفنا. وفي هذا الاتجاه، كانت مشاركتنا بدراسة موضوع قانون الكابيتال كونترول".

وذكر فهد، أن "تعدد سعر الصرف يضر بالإقتصاد ويسمح للبعض بتحقيق أرباح على حساب المواطنين ويعرقل عملية وضع خطط للقطاعات الإقتصادية على المدى القصير والطويل، ما يجعل توحيد سعر الصرف أمراً أساسياً"، مؤكدًا أن "لا تفرقة بين المودعين، أي بين مودع مقيم وغير مقيم، أو مودع لديه وديعة كبيرة أو صغيرة، فجميع المودعين يجب أن تصل إليهم حقوقهم، لكن طبعا طرق المعالجة ستختلف بين الفئات المختلفة بين المودعين".

ورأى في موضوع المساهمات في المصارف، أنه "يجب أن يكون هناك تحفيز للمساهمين حتى يعودوا إلى إدخال الأموال إلى القطاع المصرفي من أجل إعادة رسملته، فهناك مبدأ أساسي، وهو أن المصارف يجب أن تتحمل حصتها من الخسائر، لا سيما خسائرها في سوق القطع".