بدأت تعقيدات تعيين محقق عدلي إضافي بملف انفجار ​مرفأ بيروت​ تظهر يوماً بعد يوم، لا سيما لجهة تضارب الصلاحيات بين المحقق الأصيل طارق البيطار، والرديف المنتظر إعلان اسمه مطلع الأسبوع المقبل. وبخلاف التوضيحات التي صدرت عن مقربين من مجلس القضاء الأعلى بأن صلاحيات المحقق الجديد ستبقى محصورة في طلبات إخلاء السبيل والمسائل الإنسانية ونقل الموقوفين، أعطى مرجع قضائي بارز توصيفاً مختلفاً لدور القاضي الجديد، وكشف لـ"الشرق الأوسط"، أن المحقق الإضافي "يمتلك كامل الصلاحية العائدة للقاضي الأصيل، وتشمل النظر بإخلاءات السبيل والبت بالدفوع الشكلية، كما يحق له عقد جلسات الاستماع إلى الشهود واستجواب المدعى عليهم". وأقر بأن "القرار وإن اتخذ من قبل أعلى مرجعية قضائية، إلا أنه جاء متسرعاً ولم يُشبع درساً وتمحيصاً، لتدارك انعكاساته السلبية على القضاء ككل وليس على ملف المرفأ فحسب".

وتبدو الأمثلة كثيرة على الإشكالات التي ستواجه المحققين، إذا ما قدر لهما أن يعملا معاً، وسأل المرجع القضائي الذي رفض ذكر اسمه، "إذا حصل تضارب في القرارات بين القاضيين، من ينظم هذا التضارب أو الاختلاف في مقارباتهما للمسائل القانونية؟ وإذا تعارضت إجراءات القاضي الأصيل مع الرديف ماذا سنفعل؟ وأي مرجعية قضائية تحسم التباين بين الشخصين؟". ولفت إلى "وجود معلومات تتحدث عن إمكانية الطعن بقرار التعيين الذي سيصدر أمام مجلس شورى الدولة، ولا نعرف إذا كان مجلس الشورى مرجعاً صالحاً لإبطال مثل هذا القرار أو السير به".

خلية لـ"​داعش​" في البقاع

8 موقوفين هم حصيلة سلسلة عمليات أمنية شهدتها بلدة القرعون في البقاع الغربي على مراحل. وبحسب المعطيات التي توافرت لـ"الأخبار" من مصدرين أمني وقضائي، تضم الخلية 3 من الموقوفين الرئيسيين الأساسيين الذين خططوا لاستهداف مراكز للجيش اللبناني وأهداف أخرى، فيما توزع 5 آخرون على المجموعة كأفراد تم تجنيدهم للاستفادة منهم وقد شكلوا حضوراً ثانوياً. وتضم الخلية بمعظمها لبنانيين ويقودها أحد المغتربين في إحدى دول أميركا الجنوبية. وقد جرى إحباط ما كانت تنوي التحضير له في مهده قبل الوصول إلى مراحله التنفيذية.

رحلة التجسس من السويد إلى دمشق

جندت إسرائيل طبيباً ​سوريا​ً يعمل في السويد عبر "شركة"، زعمت أنها تريد تنقية شبكة المياه في سوريا مجاناً. كُلّفَ الطبيب معن يوسف بالحصول على خرائط شبكات المياه والصرف الصحي وجمع معلومات ذات بُعد أمني. ولعب دور الوساطة ليُجند والده وشقيقيه الضابطين في الجيش السوري للعمل معه لمصلحة الموساد لجمع معلومات أمنية مقابل آلاف اليوروهات.

وفي التفاصيل، ذكرت "الاخبار" بان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوقف طبيباً سورياً، دخل لبنان عبر مطار بيروت خلال شهر آب، يعمل لمصلحة الموساد الإسرائيلي. رُصِدَ الطبيب أثناء متابعة ضباط الفرع للحسابات الإلكترونية المستخدمة من قبل ضباط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي يتواصلون عبرها مع عملاء أوقفوا في وقت سابق، حيث حُدِد شخصٌ يستخدم أرقاماً سورية وسويدية تواصلت مع الموساد الإسرائيلي بين عامي 2020 و2022، ليتبين أنها تنشط في محيط مطار بيروت الدولي. فقد كان الطبيب يأتي من السويد إلى بيروت ثم ينتقل براً إلى سوريا. أُبلغ القضاء ليعطي إشارته لجهاز أمن السفارات لتوقيف الطبيب السوري أثناء محاولته مغادرة مطار بيروت، وهو من مواليد اللاذقية عام 1969 وتم تسليمه إلى فرع المعلومات.

أفاد الموقوف المحققين بأنه طبيب أمراض داخلية وكلى، يرأس قسم أمراض الكلى في أحد مستشفيات استوكهولم، ويتقاضى لقاء عمله مبلغ 7.3 ألف يورو وأنه يسافر باستمرار. بدأ التحقيق معه ليخبر المحققين أن شخصاً تواصل معه عبر البريد الإلكتروني عام 2018 أعلمه أنه يدعى كريستوفر ويعمل في شركات تُعنى بالبيئة وتنقية المياه، عارضاً عليه المساعدة في مشروع تنقية المياه في سوريا، كاشفاً أن هذه المشاريع خيرية ومجانية. فأبلغه موافقته ليحصل تواصل هاتفي بينهما قبل أن يلتقيا بعد نحو شهر في فندق الشيراتون في استوكهولم حيث جرى الحديث عن المشروع، واقترح الطبيب أسماء أشخاص للعمل معه في المشروع هم شقيقاه لؤي ومازن، علماً أن الأول عقيد متقاعد في الجيش السوري والثاني عميد في الجيش السوري ويقع مركز خدمته في قسم الهندسة الطوبوغرافية (تقاعد بداية العام الحالي). إضافة إلى زوجة شقيقه التي تعمل مهندسة مدنية في البلدية.

أما المهمات التي كُلِف بها شقيقه الضابط في الجيش، فكانت إرساله خرائط لبلديات تابعة لمدينة دمشق وريفها تتضمن تفاصيل عن الطرقات والأوتوسترادات والجسور. كما تواصل معه في إحدى المرات شخص يتحدث بلهجة أردنية طالباً منه جمع معلومات عن شخصين موجودين في سوريا.

كما أن المشغل الإسرائيلي كان يسعى إلى جمع كل الخرائط التي تعطيه فكرة على كل ما هو موجود تحت الأرض في العاصمة السورية ومحيطها، سواء بما خص شبكات المياه أو الصرف الصحي أو الهاتف أو الأسلاك الكهربائية وخلافه. بالإضافة إلى معطيات حول الجهات المسؤولة وأسماء المسؤولين عنها ومعطيات عنهم وبياناتهم الشخصية.

هجوم استخباري إسرائيلي على سوريا

منذ اندلاع الأزمة في سوريا، وحصول الفوضى على أكثر من صعيد، لمست الجهات الأمنية الخاصة في الدولة السورية والقوى المساندة للنظام، تعاظم النشاط الأمني المعادي في أكثر من منطقة سورية. وكانت أصعب مهمة على الأجهزة الأمنية، التمييز بين عمليات التجنيد التي شملت مواطنين وموظفين وعسكريين من النظام لمصلحة دول تعمل على إسقاط النظام، وبين الذين تبين أن الاستخبارات الإسرائيلية هي من يقف خلف عمليات التجنيد لأجل القيام بجمع معلومات تخص مراكز عسكرية وأمنية ومدنية للنظام، وكذلك لقوات الحرس الثوري الإيراني ومراكز حزب الله في عدة مناطق من سوريا.

ومنذ أكثر من عامين، اعتقلت الاستخبارات السورية عدداً من المشتبه في تعاونهم مع العدو، سواء من عناصر عسكرية أو موظفين في الدولة أو مواطنين عاديين، بعد تعاون وثيق مع جهاز أمن المقاومة الإسلامية في لبنان. وبعد انكشاف شبكة التجنيد الكبرى بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي نهاية العام الماضي في لبنان، أمكن للأجهزة اللبنانية العثور على دلائل تشير إلى تجنيد سوريين موجودين داخل سوريا، وحصل تنسيق غير مباشر أدى إلى توقيف غالبية هؤلاء.

ومعلوم أن سوريا لم يسبق أن أعلنت رسمياً عن هذه التوقيفات أو غيرها، والمصادر الرسمية فيها لا تعلق على هذه الأخبار، لكن الأكيد أن السلطات السورية أقامت محاكمات عسكرية للعملاء الذين أدينوا بالتعامل مع العدو، وطبقت بحقهم العقوبات المنصوص عنها في القانون السوري والتي تقضي في غالبية الحالات الشبيهة بالإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاص.