أشار رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق ​محمد شقير​، عقب لقائه مع وفدٍ من الهيئات برئيس الجمهورية ميشال عون، إلى أن "الهيئات الاقتصادية قدّمت للرئيس ​خطة التعافي​ المالي التي تظهر كيفية إعادة الأموال الى المودعين. ونحن وجدنا أنه من واجباتنا ان نبادر، لأن المواطنين يسألون يوميا متى يسترجعون أموالهم، وكم من هذه الأموال سيتم استرجاعها، وعلى مدى كم سنة؟".

وأوضح "أننا وضعنا خطة واقعية، قابلة للتنفيذ، وبعيدة عن الشعارات والشعبويات، لأن البلد لم يعد قادرا على الاستماع الى المزيد منها. ان هذه الخطة تمت دراستها بحضور اكثر من 13 شخصية من خبراء واقتصاديين، إضافة الى رجال قانون، لنرى ما اذا كان كل من الأرقام المطروحة قابل للتنفيذ وللتحقيق. ونحن نتمنى دعم فخامة الرئيس لهذه الخطة، ونأمل ان يضع الجميع الشعبوية جانبا، خلال أسبوعين، لنتمكن من انقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا البلد".

وفي سؤالٍ عن غياب ممثل عن جمعية المصارف ضمن أعضاء الوفد، أوضح شقير أن "لدى رئيس ​جمعية المصارف​ ​سليم صفير التزام، ونحن علمنا بالأمس بموعدنا مع الرئيس. لكن جمعية المصارف مواكبة لهذه الخطة، وموافقة عليها. ونحن ما اردنا القيام به، هو عدم التفرد بأمر لوحدنا. فإذا استفردنا برأينا، و​صندوق النقد​ لم يوافق عليه، او وضعنا تصورا والمصارف ليس باستطاعتها التحمّل، فكأننا لم نقم باي امر".

ولفت إلى "أننا حمّلنا المصارف المسؤولية، ولكن علينا ان نحافظ على قطاعنا المصرفي. واكبر جريمة يرتكبها من يعتقد انه يجب افلاس القطاع المصرفي، فلا اقتصاد ولا لبنان ولا بلد ولا شركات ولا قطاع خاص من دون قطاع مصرفي قوي. ان خطتنا مبنية على ارقام ووقائع. والمواطنون شبعوا شعارات. كيف علينا ان نعيد اموال المودعين؟ نحن بقينا عشرات وعشرات الساعات، لنرى ما اذا كان اي رقم قابلا للتحقيق من دون ان يؤدي الامر الى أي تضخم. وأكثرية الذين استمعوا الى الخطة يدعمونها لأنها تحاكي الواقع".

وعن الصدى الذي يتلقونه بعد عرض الخطة، ذكر شقير أنه "كما قلت، هناك دعم للخطة، لأنه ليس فيها شعارات ولا شعبويات. نحن نريد ان نجد حلا. وكهيئات اقتصادية نحن مسؤولون عن القطاع الخاص وعن اقتصاد البلد، ونرى انه لو توصلنا الى نوع من اتفاق سياسي يمكننا ان نخرج من الازمة. نحن لسنا اول بلد يعاني من انهيار اقتصادي، لكننا اول بلد انهار منذ 3 سنوات، ولم نقم بعد بأي امر. هذه هي الجريمة بحق المودع والشعب اللبناني".

من جهته، شرح عضو الوفد رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين ​صلاح عسيران​ جوانب الخطة، لافتا الى "محاولة الفريق الذي اعدها التزام الواقعية في نظرته الى الوضع المصرفي في لبنان، وإعطاء الامل للمودعين باستعادة أموالهم على مراحل وذلك بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا، في المقابل، على ضرورة وجود حد ادنى من التوافق السياسي للسير فيها".

وذكر ان "الخطة تأخذ في الاعتبار المسؤوليات المختلفة ومحاولات الحصول على مساهمة عادلة من مختلف الجهات المعنية، مع الإشارة الى انه بموجب الخطة ستخرج الدولة من عملية الهيكلة بنسبة الدين الى الناتج الإجمالي بحوالي 50% مما سيسمح لها بالعودة في المستقبل الى أسواق التمويل الدولية المتعددة الأطراف لتحفيز اقتصادها، وتعتمد المساهمة المتوقعة من الدولة في اطارها بشكل كبير على نجاح شركات إدارة الأصول وعلى سندات ليس لها تاريخ استحقاق فلا تثقل كاهلها".

وردا على سؤال للرئيس عون، كشف عسيران انه "بموجب الخطة لا يحق للمواطنين حيازة اسهم في شركات الدولة لوجوب عدم حيازتهم حق بملكيتها"، لافتاً إلى ان "هذه النقطة لا تزال موضع نقاش بين المعنيين لا سيما في ظل رفض صندوق النقد الدولي استعمال أملاك الدولة لاعادة الأموال للمودعين. اما بالنسبة للمصارف فانه بعد إعادة رسملتها فيمكن تحويل جزء من الودائع لاسهم او حيازة المودع الكبير سندات فيها".

بدوره، أشار الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس ​جمعية تجار بيروت​ نقولا الشماس، إلى "أن الهيئات الاقتصادية راغبة في المشاركة في التعافي الاقتصادي الوطني، فتراكم إنجازاتها واقتراحاتها مع خطة الحكومة السابقة. وقد وضعنا لهذه الغاية نصب اعيننا هدفين: حماية ​أموال المودعين​، واطلاق النمو الاقتصادي في البلد. وقد ارتكزنا على عدد من المبادئ، من بينها: احترام الملكية الخاصة وتراتب المسؤوليات، لأن هناك اكثر من فريق مسؤول في البلد. وقد انطلقنا من رقم الودائع الدولارية الموجودة حاليا في المصارف، واذا ما حسمنا منها مبلغ التسليفات الى القطاع الخاص، يبقى حجمها مجتمعّة بحدود 84 مليار دولار، هو ما يجب إيجاد حل له".

وأضاف: "إن الحل الذي طرحته الهيئات الإدارية ينقسم الى 5 أجزاء: الجزء الأول حوالي 12 مليار دولار هي الفوائض على الفوائد التي تم دفعها بين سنة 2015 و2020 نتيجة الهندسات المالية والتي يجب ان يتم اقفالها على سعر 1500 للدولار. والجزء الثاني هو حوالي 16 مليار دولار، هي أموال تم تحويلها بعد 17 تشرين الأول 2019 من الليرة اللبنانية الى الدولار على سعر 1500 ولا يجوز ان تعود فريش، لأننا نكون بذلك نأكل من ودائع المودعين الأصليين. هذه الأموال ستعود في نهاية السنة السابعة على سعر صرف 8000 ليرة لبنانية للدولار".

وأوضح الشماس: "اما التدبير الثالث، فهو على غرار التعميم 158 وحجمه 19 مليار دولار، فسيتم بموجبه الرد الى أصحاب الودائع من قيمة 100 الف وما دون، ثلاثة ارباع أموالهم بالدولار والربع بالليرة اللبنانية على أساس سعر السوق. وستتحمل المصارف هذا التدبير، بنحو الثلث، ومصرف لبنان بالثلثين. ويبقى التدبير الرابع، فيقع حصرا على عاتق المصارف، وكلفته نحو 7 مليار دولار، هناك 4 مليار منها فريش ستتم اعادتها على امتداد 5 سنوات، و3 مليار دولار ستعاد الى المودعين على شكل سندات يصدرها المصرف او أسهم فيه. والجزء الخامس، وهو الأبرز في الخطة، فهو مساهمة الدولة في إعادة جزء من الأموال الى المودعين، وحجم هذا الجزء 30 مليار دولار، ستنشىء الدولة شركة قابضة: "هولدنغ"، وتحفظ فيها ملكية نحو 15 مؤسسة عامة في مختلف القطاعات من ​الكهرباء​ الى الماء والاتصالات وصولا الى شركات سيادية يتم انشاؤها في ما بعد. نحن نقول بشكل واضح ان أموال الدولة ستبقى لها، ولكن إدارة هذه الشركات ستكون لدى القطاع الخاص".

وأردف: "وعندما تنتج هذه الشركات مردودا اعلى من المستويات العالمية، فإن هذه الأموال تذهب لتغذية صندوق دفع أموال المودعين. وكل مودع لديه سند، لا يكون سند دين إنّما يخوله على فترة 10 الى 12 سنة ان يستعيد أمواله بالكامل. والميزة لاساسية لهذا التدبير انه ليس دينا إضافيا على الدولة، ولا يشكل أعباء إضافية. ونقطة التفاوض الكبيرة مع صندوق النقد ستكون حول هذه الموضوع. وإذا ما سارت هذه الأمور على ما يرام، والظروف السياسية والاقتصادية كانت مؤاتية، يمكن للمودع اللبناني ان يستعيد 74% من أمواله".