في ظل حالة الجمود القائم على كافة المستويات، برز في الأيام الماضية حراك النواب التغييريين، بعد المبادرة التي كانوا قد أطلقوها على مستوى ​الإستحقاق الرئاسي​، في ظل الكثير من علامات الإستفهام التي تطرح على هذا الصعيد، خصوصاً حول إمكانية أن تقود هذه المبادرة إلى النتائج المرجوة، في ظلّ الرهانات الكبيرة التي يضعها هؤلاء.

في المواقف العلنية، يسعى "التغييريون" إلى التشديد على إمكانية إنتخاب رئيس "صنع في لبنان"، أي من دون التدخلات الخارجية التي يعرف الجميع أنها ستلعب الدور الأساسي في هذا الإستحقاق، وهو ما يبرّر رهان مختلف القوى السياسية على مجموعة من التطورات الإقليمية التي من الممكن أن تحصل في الفترة المقبلة.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن هؤلاء النواب ينطلقون أصلاً من مجموعة من المسلمات، التي ستكون مؤثرة في الخطوات التي من الممكن أن يذهبوا إليها، بغض النظر حول ما إذا كانت هذه المبادرة ستنجح، فالحديث عن وجود نقاط مشتركة مع مختلف القوى السياسية هو لا يخرج عن إطار العموميات التي لا يختلف عليها أحد، لكن عند الوصول إلى التفاصيل ستبرز التباينات التي ليس من السهل معالجتها.

وتلفت هذه المصادر إلى أنه من حيث المبدأ هم سيقفون، إلى جانب مختلف ​الكتل النيابية​ المعارضة، سداً منيعاً بوجه أي محاولة لإيصال مرشح ينتمي إلى قوى الثامن من آذار، الأمر الذي لم يتردد عدداً منهم في الإعلان عنه صراحة، أي أنهم قد يذهبون إلى إعتماد سياسة مقاطعة جلسات الإنتخاب، لكنهم في المقابل لا يتفقون مع ما يطرحه حزب "القوات اللبنانية" بالنسبة إلى التوافق على رئيس "تحدي"، ما قد يصعب من مهمة الإتفاق مع الحزب على اسم يخوضون الإستحقاق على أساسه.

من وجهة المصادر نفسها، لن يتأخّر النواب "التغييريون" حتى يكتشفوا عدم قدرتهم على احداث خرق كبير في مواقف القوى السياسية الأخرى، التي لا تزال حتى الساعة تعتمد سياسة رفع السقف من أجل تحصيل مكاسب، الأمر الذي لا يمكن الحسم فيه من دون قوة دفع خارجية تقودهم إلى الإتفاق على تسوية، لم تظهر معالمها حتى الآن، في حين أن ذهابهم إلى تنفيذ تهديدهم باللجوء إلى الشارع لن يكون إلا جزءاً من أدوات الضغط التي قد تعتمد من قبل مختلف القوى.

من ناحية أخرى، تكشف مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أن الجولات التي قاموا بها على الكتل النيابية لم تسر بالشكل الذي كان يتصوره النواب، فجاءهم الانتقاد من جمهورهم الذي اعتبر تحركهم باتجاه قوى السلطة ضرباً لكل الثورة التي قامت في لبنان، وتضييعاً لكل الجهود الرامية إلى ضرب ​الطبقة السياسية​ التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه، في حين كان تبريرهم هم أن هناك وقائع أفرزتها الإنتخابات لا يمكن تجاوزها، لا سيما بالنسبة إلى تمثيل القوى الأخرى.

وتوضح هذه المصادر أنه بالسياسة لا يمكن لهذا الجمهور التفكير بأن فعل النواب التغييريين هو معاداة الكتل النيابية الأخرى، بل العكس ينبغي العمل مع من يمكن العمل معه لتحقيق مشاريع هذا الفريق النيابي، أو على الأقل منع الآخرين من تحقيق مشاريعهم التي لا يراها هؤلاء النواب مفيدة للبلد، بمعزل عن وجهة النظر الأخرى التي تعتبر أن الجولات لن تحمل أي فائدة تُذكر، لأنها تُعقد مع نواب يحملون مشاريع معادية لمشروع المعارضة.

في المحصلة، هذه الجولات كانت الخطوة الأولى على طريق التعامل بواقعية مع الملفات المحلية من قبل النواب التغييريين، بعد أن كانت طروحاتهم في البداية تصب في إطار رفض التعاون مع أي من الأفرقاء الذين يصنفونهم على أساس أنهم يمثلون "السلطة"، لكن هذا الأمر قد يكون من دون أي نتائج عملية، في مقابل تداعيات سلبية على مستوى علاقاتهم مع جمهورهم.