تشبه أزمة ​جوازات السفر​ إلى حدّ كبير أزمة ​المصارف​، فيوم علقت ​أموال المودعين​ في البنوك وقلصت السحوبات، بدأت الناس تتهافت لسحب ودائعها، وفي موضوع جوازات السفر أيضاً يوم بدأت المشكلة تهافت اللبنانيون إلى منصّة ​الأمن العام​ لحجز موعد لهم، حتى ولو لم يكونوا يحتاجون إلى الجواز في وقت قريب. وعندما تسأل أي لبناني عن السبب يأتيك الجواب "مين بيعرف شو بيصير لبكرا"؟!.

إتفاق مُبرم

على قاعدة "مين بيعرف شو بيصير لبكرا"، الاف من الطلبات لجوازات السفر لدى الأمن العام سُجّلت، ومن يريد عليه أن يحجز موعدًا على المنصة، في حين أن التأخير سببه العدد الهائل لطلبات المواعيد، بحسب ما تؤكد مصادر الأمن العام لـ"النشرة"، لافتةً إلى أن "مشكلة "الباسبور البيوميتري" على طريق الحل"، مؤكدة أن "العقد أُبرم لشراء مليون و100 الف "باسبور" بقيمة 14 مليون دولار"، موضحة أن "الأزمة نشأت في بدايتها عند ابرام الاتفاق مع الشركة لطباعة جوازات السفر، والاجراءات تأخرت بين ​مصرف لبنان​ وديوان المحاسبة و​وزارة المالية​ لإبرام الاتفاق مع الشركة المعنية".

"وصل عدد من جوازات السفر البيومترية إلى الأمن العام اللبناني منذ أكثر من شهرين، بإنتظار أن تأتي الدفعة الثانية مع بداية العام المقبل". هنا تشير المصادر إلى أنها "قد تصل إلى 150 الف جواز سفر بيومتري، ولكن وبانتظار وصول الدفعة الثانية طلب الأمن العام المباشرة باستقبال طلبات جوازات السفر نموذج 2003 ولمدة خمس سنوات". فهل هذا يعني أن المواعيد على المنصة توقفت؟.

قصة النموذج

طبعا لا. تؤكد مصادر الأمن العام، التي تشير إلى أنه "وبعد صدور هذا البيان بدأت تتهافت الناس الينا، معتبرة أن الأمور عادت الى طبيعتها السابقة، ولكن كلّ ما في الأمر أن من لديهم مواعيد على المنصة سيحصلون، ابتداء من 15 ايلول، على جواز سفر نموذج 2003 المعترف به دولياً، لحين حل مشكلة جواز السفر البيومتري والدفعة الثانية"، أي أنه، بحسب المصادر، "الأمور ستبقى كما هي اليوم عبر الحجز على المنصة، ولكن سيحصل المواطن على جواز سفر من النموذج المذكور لمدة 5 سنوات".

بالنسبة للحالات الخاصة، ك​الطلاب​ الذين يتابعون دراستهم في الخارج أو الطبابة أو حتى من لديهم عقد عمل ويجب أن يسافروا معاملة أخرى، حيث تؤكد مصادر الأمن العام أن "أي شخص يريد الحصول على جواز سفر عليه أن يحجز طلباً على المنصّة، وفي حال كان مستعجلاً، فبعد حجز الموعد، ولو كان بعيداً، يستطيع الحضور إلى مركز المديريّة العامة في المتحف، وإبراز كل الأوراق اللازمة التي تؤكّد أنه مضطر إلى السفر، وبعدها تدرس لجنة طلبه ويحصل على الجواز".

التكلفة

إذا ذهبنا أبعد من ذلك في موضوع "الباسبور" فهو ليس بصفقة خاسرة، كـ"الدعم" مثلاً الذي كلّف الدولة مليارات الدولارات، فصحيح انّ العقد كلّف 14 مليون دولار ولكن جوازات السفر تدرّ مداخيل على الدولة. وتشدد المصادر أنه "إذا إحتسبنا على سعر صرف 30 الف ليرة للدولار الواحد، ما بين كلفة الباسبور على الدولة وما يدفعه المواطن ثمن الحصول على الجواز، يبقى مدخول الخزينة بحوالي 45 دولار على الباسبور"... أمام هذا المشهد يراود المواطن سؤال مهمّ إذا كانت جوازات السفر تدر مداخيل على الدولة، فما هي أسباب الأزمة؟!.

قد يظنّ البعض أن مشكلة الجوازات هي محلّية داخلية تعود إلى الأوضاع التي نواجهها في لبنان، لكن ما يجب أن نعرفه أن دولاً عديدة كفرنسا وكندا وغيرها تواجه الأزمة نفسها. ويقول ايلي صفير، وهو مقيم في فرنسا منذ أكثر من عشرين عاماً، أن "المشكلة في فرنسا هي في مسألة حجز موعد لطلب "الباسبور"، فتحاول حجز موعد قريب قد يكون في باريس أو مارسيليا وبعد أشهر". وما يحدث في لبنان مشابه لما يحصل في بلدان عديدة لا تعاني نفس أزمتنا، فهل قضيّة عدم إعطاء جوازات سفر هي أبعد من مشكلة داخلية؟!.