سيعقد الاجتماع الـ22 لمجلس رؤساء دول الأعضاء لمنظمة شانغهاي للتعاون يومي 15 و16 من الشهر الجاري في سمرقند بأوزبكستان. وسيناقش قادة الدول الأعضاء مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك الأمن والتمويل والترابط والتبادلات الإنسانية، بالإضافة إلى التحديات الجديدة مثل تغير المناخ وأمن سلاسل التوريد والطاقة والأمن الغذائي، وذلك وفقا لما ذكره تشانغ مينغ، الأمين العام لمنظمة شانغهاي للتعاون.

نبذة عن المنظمة

تأسست المنظمة عام 2001 وتضم في عضويتها وقت تأسيسها كازاخستان والصين وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، وضمت الهند وباكستان لاحقا في عام 2017. ونمت المنظمة لتصبح المؤسسة الإقليمية الأكبر من حيث المساحة و تعداد السكان في العالم، حيث أن إجمالي المساحة الإقليمية للدول الثماني الأعضاء يتجاوز ثلاثة أخماس القارة الأوراسية ويمثل ما يقرب من نصف سكان العالم.

بالإضافة إلى الدول الأعضاء الثمانية، تضم منظمة شانغهاي للتعاون أيضا أربع دول مراقبة وهي أفغانستان وبيلاروسيا وإيران ومنغوليا؛ وستة شركاء حوار وهي أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا.

تتمتع منظمة شانغهاي للتعاون بحيوية قوية وزخم تعاون قوي. والسبب الأساسي يعزي إلى روح شانغهاي، وهي رؤية إبداعية أطلقتها واتبعتها المنظمة، تجسد الثقة والمنفعة المتبادلين، والمساواة، والتشاور، واحترام التنوع الحضاري، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة. وتحت هذا الإطار، تمكنت جميع الدول الأعضاء من الشروع في مسار جديد متمثل في "تكوين شراكة بدلا من تحالف، وإجراء حوار بدلا من مواجهة"، مما خلق نموذجا جديدا للتعاون الإقليمي، وقدمت مساهمات جديدة للسلام والتنمية الإقليميين.

الأمن والاستقرار الإقليميين

إن الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار الإقليمي وتعزيزهما هو الهدف الأساسي المنصوص عليه في إعلان وميثاق تأسيس منظمة شانغهاي للتعاون. عملت الدول الأعضاء جاهدا على وضع إطار قانوني للتعاون الأمني بينها حيث تم إصدار مختلف وثائق مثل "اتفاقية شانغهاي لمكافحة الإرهاب والانفصال والتطرف" و"اتفاقية الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون بشأن الهيئة الإقليمية لمكافحة الإرهاب" وغيرها. ونظمت الدول الأعضاء حتى الآن أكثر من 10 مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب، مما لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين. وفقا للهيئة الإقليمية لمكافحة الإرهاب التابعة لمنظمة شانغهاي للتعاون، أوقفت المنظمة أكثر من 960 جريمة ذات طبيعة إرهابية واعتقلت أكثر من 2600 عضو في منظمات إرهابية دولية وذلك خلال الفترة من عام 2013 إلى عام 2019.

التنمية وازدهار الدول الأعضاء

على مدار السنوات الـ21 الماضية، وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة في مستوى التنمية الاقتصادية ومطالب تنميتها، فقد وقعت الدول الأعضاء سلسلة من اتفاقيات التعاون مما أرسى أساسا قانونيا هاما للتعاون الاقتصادي الإقليمي، وأنشأت آلية تعاون رسمية وشبه رسمية متعددة المستويات لدفع التعميق المستمر للتعاون الاقتصادي والتجاري. وبفضل الجهود المتضافرة التي بذلتها الدول الأعضاء في توسيع مجالات التعاون وابتكار نماذج التعاون، تحسن مستوى التنمية الاقتصادية الإقليمية بشكل كبير، وعزز النمو الاقتصادي للدول الأعضاء، وزادت رفاهية الشعوب فيها.

حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون حوالي 23.3 تريليون دولار أميركي في عام 2021، وهو ما يمثل ما يقرب من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 13 مرة مما كان عليه في بداية إنشاء المنظمة، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق نشاطا من حيث التنمية الاقتصادية في العالم.

الصين والازدهار

باعتبارها عضوا مؤسسا في منظمة شانغهاي للتعاون، التزمت الصين بتعزيز التعاون البراغماتي لمنظمة شانغهاي للتعاون، وخاصة التعاون البراغماتي المتعدد الأطراف، وتبنت سلسلة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والمالية لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك مواصلة الدفع بالمواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" واستراتيجيات التنمية لمختلف الدول الأعضاء ومبادرات التعاون الإقليمي مثل الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي، إضافة إلى تقوية الترابط وتعزيز التكامل العميق لسلاسل الصناعة والتوريد والقيمة، وتسهيل الدورة الاقتصادية الإقليمية.

ساهمت مشاريع البنية التحتية المتعلقة بمبادرة "الحزام والطريق" بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد وتحسين معيشة الشعوب لدول منظمة شانغهاي للتعاون. وهناك كثير من الوعود الصينية تم ترجمتها على أرض الواقع وعادت ثمارها بالفائدة على شعوب الدول الأعضاء، بما في ذلك التنظيم بشكل ناجح لمؤتمر التعاون والتنمية الصيدلانية لمنظمة شانغهاي للتعاون، وتأسيس الكلية الاقتصادية والتجارية للصين ومنظمة شانغهاي للتعاون، وكشف النقاب عن لجنة الخدمات القانونية للصين ومنظمة شانغهاي للتعاون، وتنفيذ 30 مشروعا للتعاون في مجالات الصحة والتخفيف من حدة الفقر في إطار عمل مبادرة بناء مجتمع طريق الحرير...

وبفضل كل تلك الإجراءات، بلغ حجم التجارة بين الصين والدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون 343.1 مليار دولار أميركي في عام 2021، وهو ما يعادل 28 مرة عما كان عليه في بداية إنشاء المنظمة في عام 2001؛ وقد تم تعزيز التعاون في مجال الاستثمار والتمويل حيث أنه حتى حزيران من العام الجاري، تجاوز حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول الأعضاء 37.5 مليار دولار أميركي، أما من حيث الترابط، فوصل العدد الإجمالي لرحلات قطارات الشحن بين الصين وأوروبا في العام الماضي إلى 15 ألف قطار مما يضمن بشكل فعال استقرار سلاسل الصناعة والتوريد في المنطقة.

تنعقد قمة سمرقند هذا العام في ظل تفشي وباء كورونا والصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، والتحديات العالمية المتزايدة. وتتوقع جميع الأطراف أن تستمر منظمة شانغهاي للتعاون التي تبلغ من العمر 21 عاما في لعب دور أكبر في التنمية الإقليمية والعالمية، وبناء توافق جديد في الآراء وكتابة فصل جديد من التعاون.

*صحفية صينية