ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "التوتر عاد ليسيطر على البلاد سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وأمنياً. محاولة تشكيل الحكومة تعثّرت من جديد. ونصاب المجلس النيابي صار في يد تحالف سياسي يمنع انعقاده أو يعطّله في لحظة، كما حصل أمس في جلسة نقاش الموازنة، وعدم إقرار أيّ تعديلات على رواتب موظفي القطاع العام، ما يعني مزيداً من الاحتجاجات على مستوى الإدارة العامة، وسط انهيار متسارع في قطاعَي التعليم والصحة، وبوادر أزمة جديدة تنتظر عدداً كبيراً من ال​لبنان​يين على أبواب فصل الشتاء"، مشيرةً إلى أنّ "فوق هذا كله، ضغوط كبيرة لإلزام لبنان التوقيع على اتفاقية ترسيم للحدود البحرية ترضي كيان العدو الإسرائيلي".

ولفتت إلى أنّ "صحيحا أن الأجهزة الأمنية الرسمية تلجأ دوماً الى التحذير من "مؤامرات" تستهدف الأمن في البلاد، وصحيح أن الفوضى في حالة لبنان قد تقود الى أوضاع غير مرغوبة لا من السلطة ولا من الناس أيضاً، لكن عدم مبادرة السلطة بكل قواها الى تقديم علاجات معقولة، يفتح الباب أمام احتمال توسع الاحتجاجات التي تتركز اليوم على إضراب في القطاع العام وغزوات للمصارف بقصد استرداد الودائع بالقوة، وصولاً إلى وضع البلاد أمام اختبارات صعبة في حال توسع التفلّت. إذ لن يكون بمقدور القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأجهزة أمنية ضبط الوضع".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "الوقوف الى جانب أصحاب الحقوق، من المودعين والموظفين وأصحاب المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة، أمر تلقائي من غالبية ساحقة من اللبنانيين المتضررين مما يحصل. لكن القلق الذي يفترض التوقف مليّاً أمامه، مردّه تحذيرات سمعها سياسيون كثر، من "دبلوماسيين وقناصل"، من فوضى كبيرة مقبلة على لبنان، كما تحدّث الأميركيون عن مخاطر عودة للقوى التكفيرية الى أكثر من منطقة لبنانية؛ فيما تحدث زوار السفارة السعودية عن احتمال حصول انتفاضات شعبية في أكثر من منطقة لبنانية للمطالبة بإنهاء سريع لولاية رئيس الجمهورية ​ميشال عون​".

وبيّنت أنّ "ذلك يترافق مع حملة غير مسبوقة من الخصوم المسيحيين لرئيس الجمهورية، وصلت إلى حد توجيه الشتائم كما حصل في الأشرفية قبل أيام، وبعيد خطاب قائد "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ في معراب، وتلميحات قيادات سياسية ودينية الى أن الوضع لم يعد يحتمل تسويات، وأنه في حال عدم القدرة على فرض تغييرات سياسية كبيرة، فإن الفيدرالية ستكون الشعار الذي يتبعه حكماً المطالبة بحماية دولية في مواجهة... ​حزب الله​".

وشدّدت "الأخبار" على أنّ "هذا المنطق يستدعي انهياراً كاملاً لمؤسسات الدولة بما في ذلك القوى الأمنية والعسكرية والأجهزة المعنية، بحفظ الأمن وسلطة القضاء أيضاً، وهو ما شهدنا إرهاصاته بقوة في الأسابيع القليلة الماضية".

الحكومة: ميقاتي يؤجّل أسبوعين

علمت "الأخبار" من مصادر سياسية أن "الاتصالات التي تولاها حزب الله في الأيام الأخيرة لتسهيل عملية تشكيل الحكومة، أثمرت في مرحلة أولى، بإقناع الرئيس عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي​، بالاتفاق على تشكيلة لا تتسبب بمشكلة لأحد. وبعد التشاور مع عون، طُرح على ميقاتي أن يبقي على تشكيلة الحكومة الحالية كما هي، وأن يعرضها على رئيس الجمهورية لتعويمها وإصدار المراسيم الكفيلة بتحويلها الى المجلس النيابي لنيل ثقة غالبية مقبولة"، مشيرةً إلى أنّ "هذا الطرح جاء بالتوافق مع رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وقيادات أخرى لديها تمثيلها النيابي".

وأفادت بأنّ "بناءً عليه، أبدى ميقاتي ليونة، وخصوصاً أنه تلقى نصائح خارجية بتشكيل الحكومة خشية أن يقترب لبنان من لحظة فوضى دستورية خطيرة. فوافق على الإبقاء على التشكيلة الحالية كما هي، باستثناء وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال ​عصام شرف الدين​، إذ أصرّ على تغييره، مشيراً إلى "مشكلة شخصية كبيرة" معه، بما يصعب عليه أن يبقيه في حكومة برئاسته".

وشدّدت "الأخبار" على أنّ "بعد مشاورات شملت كل المعنيين بالملف، أُبلغ ميقاتي بالموافقة على استبدال شرف الدين بوزير آخر، وأثمرت الاتصالات التي شملت جنبلاط والنائب السابق طلال أرسلان ورئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على الوزير السابق صالح الغريب لتولي المنصب".