كثّفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، جهودها لإغلاق معتقل "غوانتانامو"، من خلال تعيين دبلوماسية بارزة تشرف على عمليات نقل السجناء، وفق ما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأصدرت الإدارة الأميركية، قراراً بتعيين الدبلوماسية تينا كايدانو، ممثلة خاصة لها بشأن تسريع إجراءات إغلاق معتقل "غوانتانامو"، وهي سفيرة سابقة لشؤون "مكافحة الإرهاب"، خلال فترتي رئاسة باراك أوباما (2009-2017).

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة قولها، إن بايدن "يقترب من الوفاء بوعده الانتخابي بإغلاق المعتقل"، بعدما أبدى اهتماماً أقل بهذه القضية في العام الأول من ولايته الرئاسية تجنباً للجدل السياسي.

وذكرت المصادر أن إدارة بايدن "لن تتدخَّل في مفاوضات الإقرار بالذنب التي قد تحسم الملاحقات القضائية المتوقفة منذ فترة طويلة، للعقل المدبِّر لأحداث 11 أيلول خالد شيخ محمد، وأربعة متهمين آخرين".

ويقول بعض منتقدي إجراءات إدارة بايدن بشأن إغلاق السجن، داخل الإدارة وخارجها على حد سواء، إنَّ موظفي الأمن القومي في الولايات المتحدة كانوا مشغولين بالأزمات الأخرى، كما أن المخاوف من اتهام الإدارة بأنها "تتساهل مع الإرهاب"، أدت أيضاً إلى إبطاء جهودها في هذا الصدد.

وأشارت الصحيفة، إلى أنَّ البيت الأبيض يسعى إلى تجنب رد الفعل العنيف الذي أحبط خطط الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بعد دعواته لإغلاق السجن.

هارفي ريشيكوف، الرئيس السابق للجان العسكرية في "غوانتانامو"، والذي ساعد في صياغة تقرير صدر أخيراً حول إغلاق المعتقل، قال إن "إدارة بايدن لا تريد أن تبدو متهاونة مع الإرهاب، وتنتظر التوصل لإجماع سياسي حول الأمر".

ويقول النقاد أيضاً، إن منصب الممثل الخاص الجديد لبايدن "يفتقر إلى النفوذ" الذي كان يتمتع به المسؤولون المماثلون في إدارة أوباما، إذ كان مبعوثو "غوانتانامو" السابقون يتمتعون بإمكان الوصول المباشر إلى وزير الخارجية الأميركي، فيما تم وضع المبعوثة الخاصة الجديدة، في مرتبة أدنى في التسلسل الهرمي لوزارة الخارجية.

وتمضي وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" قدماً في مشروع يعود إلى عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لبناء قاعة محكمة ثالثة في "غوانتانامو" بكلفة 4 ملايين دولار، رغم أنه من غير المتوقع انعقاد أي محاكمات إضافية في القاعدة البحرية.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم اللجان العسكرية الأميركية في "غوانتانامو"، لم تكشف عن هويته، قوله إن "التوسع الكبير في بناء قاعات المحاكمات، بما في ذلك قاعة المحكمة الجديدة، سيسمح للقضاة العسكريين بإجراء محاكمات مطولة متزامنة للعديد من المتهمين".

في غضون ذلك، عارض بعض المشرعين الجمهوريين اتخاذ أي إجراءات قد تؤدي إلى مغادرة المعتقلين لـ"غوانتانامو".

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن عضو مجلش الشيوخ تيد كروز قوله، في جلسة استماع للجنة القضائية في غوانتانامو في كانون الأول الماضي: "تريد إدارة بايدن تحرير المزيد من الإرهابيين، ونعلم بيقين تام أنَّ نتائج ذلك ستؤدي إلى قتل المزيد من الأميركيين".

وكان "مركز أبحاث بنسلفانيا" أصدر تقريراً من 197 صفحة، الاثنين الماضي، يقدم خارطة طريق لإغلاق المعتقل، مع اقتراح طرق بديلة لحماية الأمن القومي الأميركي.

وأوصى التقرير الذي صاغه خبراء في الأمن القومي، بما في ذلك المدعون العسكريون السابقون في غوانتانامو ومحامو الدفاع، بإلغاء اللجان العسكرية التي تم إنشاؤها للمحاكمة من دون منح المعتقلين حقوقاً دستورية، وحل المحاكمات العشر العالقة من خلال صفقات الإقرار بالذنب التي قد تؤدي إلى السجن مدى الحياة لبعض المتهمين بدلاً من الإعدام.

ووفقاً للتقرير، فإنَّ كلفة تشغيل المعتقل في كوبا تبلغ 540 مليون دولار سنوياً، بما في ذلك حوالى 100 مليون دولار للجان العسكرية، مما يعني أنَّ كلفة المعتقل الواحد تصل إلى 15 مليون دولار، مقارنة بحوالي 78 ألف دولار سنوياً لأي سجين داخل الولايات المتحدة في فلورنسا وكولورادو، والذي يحتجز فيه المتهمون بـ"الإرهاب"، وغيرهم من المعتقلين الذين يحتاجون إلى إجراءات أمنية مشددة.

ولطالما دعا بايدن إلى إغلاق المعتقل، بما في ذلك خلال حملته الرئاسية عام 2020، ومع ذلك، فقد ترك الأمر التنفيذي لعام 2018 الذي أصدره ترامب بإلغاء توجيه أوباما في عام 2009 بإغلاقه.

ويقول عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جون كورنين: "لو كان الأمر سهلاً، لكان الأربعة رؤساء السابقون قاموا بتنفيذه خلال الـ20 عاماً الماضية".