لفت مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ ​عبد اللطيف دريان​، خلاللقائه عددًا من النّواب السّنة في ​دار الفتوى، إلى أنّ "هذه الدّار اعتادت أن تكون حاضرة ومؤثّرة في الأحداث الوطنيّة، الّتيتَمَسّ الصّالح العام للمواطنين ، وكيف تُؤثّر إيجابًا إلّا بكم، أنتم الّذين ينبغي أنْ تمثّلوا النّاس بعد انتخاباتٍ صعبةٍ، وسط هذه الكارثة الّتي لم يشهد الوطن مثيلًا لها مِن قبل".

وأوضح "أنّنا نجتمع اليوم لهدفٍ هو أبعد ما يكون عن الضّيق الطّائفي أو المصلحي. لقد أردتُ جَمع الشّمل على أهداف وطنيّة سامية. ونحن في الأصل أهل شورى وتعاون، فعلينا بالوحدة مهما اختلفَت آراؤنا"، مشدّدًا على أنّ "وَطننا في خطر، دولتنا في خطر، ومواطنينا في أقصى درجات البُؤس، والمسؤوليّات مشتركة.أردت أن نكون يدًا واحدةً وصوتًا واحدًا في تحقيق ما يصبو إليه النّاس، من تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للجمهوريّة، لمعالجة الأزمات الّتي يعاني منها المواطنون على المستويات كافّة، اقتصاديّة واجتماعيّة ومعيشيّة وتنمويّة".

وذكر المفتي دريان، أنّ "لا شكّ في أنّ هناك كثيرِين بين النّواب، مِمّن يمكن أن تتعاونوا وإيّاهم، على جَمع الكلمة على الرّئيس الجدِيد المؤهَّل. همِّي أن يكون لنا صوت واضح، حسبما هي تقاليدنا وأعْرافنا في تشكيل اللّحمة الوطنيّة، في أصعب التّحدّيات والظّروف"، مركّزًا على أنّه "لا يُخفى عليكم أنّ البقاء للأوطان والدّول، منوط بفعاليّة مؤسّساتها الدّستوريّة، وعلى رأسها رئاسة الدّولة. فالرّئيس هو رمز البلاد وحامي دستورها، الّذي عليه يُقسم".

وأشار إلى "الأهميّة الفائقة لمنصب ​رئاسة الجمهورية​ في ​لبنان​ بالذّات، فالرّئيس المسيحي رمز وواقع للعيش المشترك، الّذي يقوم عليه النّظام الّذي اصطلح عليه اللّبنانيّون، ويَنظر إليه العرب باعتراف وتقدير للتّجربة اللّبنانيّة، لأنّه الرّئيس المسيحي الوحيد في ​العالم العربي​"، شارحًا أنّ "رئيس الجمهوريّة في النّظام السّياسي اللّبناني، هو رأس المؤسّسات الدّستوريّة القائمة، ولا ينتظم عملها ولا يتوازن إلّا بحضوره، من خلال انتخاب ​مجلس النواب​ له".

كما أكّد أنّ "لضرورات انتخاب رئيس جديد، ينبغي الحفاظ في الفرصة الأخيرة على وجود النظام اللبنانِي، وسُمعة لبنان لدى العرب والدّوليّين. فقد تكاثرت الأزمات، وتكاثرت الاستثناءات، وتكاثرت حالات الغياب أو الضّعف أو الانسداد في سائر المؤسّسات والمرافق، بحيث دخلنا في وضع الدّولة الفاشلة، ونحن سائرون بسرعة باتجاه اللّادولة،ويوشك العرب والعالم أن يتجاهلوا وجود لبنان، بسبب سوء الإدارة السّياسيّة على كلّ المستويات".ولفت إلى أنّ "لا بدّ من رئيس جديد للجمهوريّة، وأنتم أيّها النّواب المسؤولون عن حضوره أو إحضاره، وستكونون في طليعة المسؤولين عن غيابه لأيّ سبب كان".

وأعلن دريان، أنّه "لا بدّ من رئيس جديد يحافظ على ثوابت الوطن والدّولة. فيا أيّها النّواب، ساهموا في التّغيير وفي استعادة رئاسة الجمهوريّة لاحترامها ودورها بالدّاخل وتجاه الخارج"، مشدّدًا على أنّ "الرّئيس الّذي نريده جميعًا، مواصفاته واضحة، وأنتم جميعًا تعرفونها أكثر منّي، وهي:

أوّلًا- الحفاظ على ثوابت الطائف و​الدستور​ والعيش المشترك، وشرعيّات لبنان الوطنيّة والعربيّة والدّوليّة. ولا يمكن التّفريط بها مهما اختلفت الآراء والمواقف السّياسيّة، لأنّها ضمانة حفظ النّظام والاستقرار والكيان الوطني.

ثانيًا- إنهاء الاشتباك المصطنع والطّائفي والانقاسمي بشأن الصّلاحيّات، والعودة إلى المبدأ الدّستوري في فصل السّلطات وتعاونها.

ثالثًا- الاتّصاف بصفات رجل العمل العام الشّخصيّة والسّياسيّة، لأنّ رجل العمل العام كما يقول علماء السّياسة، تحكمه أخلاق المهمّة والمسؤوليّة.

4- الاتّصاف بالحكمة والمسؤوليّة الوطنيّة والنّزاهة، والقدرة على أن يكون جامعًا للّبنانيّين، والانصراف الكلّي مع السّلطات الدّستوريّة والمؤسّسات والمرافق المتاحة، لإخراج البلاد من أزماتها، ومنعها من الانهيار الكامل. لا بُدّ من رئيس بهذه الصّفات، أو نتفاجأ باختفاء النّظام ثمّ الدّولة".

إلى ذلك، ركّز على أنّ "البلد يمرّ بمخاطر كبيرة، ممّا يقتضي منّا تعزيز وحدة الصّف الإسلامي والوطني"، داعيًا إلى "عدم المسّ بصلاحيّات ​رئاسة الحكومة​، والعمل ما بوسعنا كي نساعد الرّئيس المكّلف لتسهيل مهمّته، وهذه مسؤوليّة مشتركة تقع على عاتق الجميع". وأشار إلى "أنّنا نتوسّم ونَستبشر خيرًا بتشكيل الحكومة العتيدة بالسّرعة المُمكنة وفي الأيّام القليلة المقبلة، لأنّ وطننا لبنان يحتاج في هذه الظّروف القاسية والصّعبة إلى حكومة كاملة الصّلاحيّات، لا إلى بقاء حكومة لتصريف الأعمال".

ورأى دريان أنّ "لبنان لا يقوم إلّا بالتّوافق، ولا خلاص إلّا بوحدته، بعيدًا عن التّشنّج والخطاب الطّائفي والشّحن التّحريضي. فلنكن لوطننا وشعبنا، ليبقى وطننا لنا ويثق شعبنا بنا"، جازمًا أنّه "لا بُدّ -وبإرادتكم وأصواتكم- من رئيس جديد، نستطيع أن نثق به لأمانَتِه للدّستور و​اتفاق الطائف​، والعيش المشترك وهويّة لبنان العربيّة وعلاقاته الدّوليّة؛ والنّزاهة أهمّ صفاته.". وأوضح "أنّنا نريد رئيسًا لا يكون هو جزءًا من المشكلة، أو سببًا فيها".

وفي الختام، عُقدت جلسة مغلقة دار فيها نقاش بين النّواب والمفتي دريان.