شدد مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في حديث مع شبكة "الشرق"، على "أنني قرأت لأعوام عن سفير أميركا الأسبق في بيروت جيفري فيلتمان، الآن أخذت دوره كرأس المؤامرة الأميركية في لبنان بنظر حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وغيرهم".

ولفت إلى "انني أعتقد أن الوقت حان للعديد من الفرقاء في لبنان لتحمل مسؤولية فشلهم، والكف عن لوم الخارج بكونه مسؤولاً عن فشلهم"، مشيرًا إلى أنّ "جبران باسيل على سبيل المثال، لامني على خسارته بعض المقاعد في الانتخابات النيابية، واتهمني بأنني موّلت مرشحي المعارضة. ما الذي يقوله هذا الشخص؟ لقد تركتُ الإدارة الأميركية قبل عام من الانتخابات النيابية في لبنان".

وذكر شينكر، أنّ خطاب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخير "أعطى الضوء الأخضر للحكومة اللبنانية بتوقيع الاتفاق"، حول الحدود البحرية الجنوبية، و"بحسب معلوماتي فإن لبنان نال مكاسب في الاتفاق، تقريباً نال مئة في المئة من كل ما طلبه لبنان، هناك نقاط خلافية صغيرة يمكن تخطيها بسهولة".

ورأى، ردًا على سؤال بأنه "هل يمكن اعتبار هذا التوقيع بمنزلة انتصار لحزب الله"، أنّ "حزب الله حتمًا سيعلنه الانتصار الإلهي الثاني. لا نعلم ما الذي يوجد في البلوكين 9 و 10 ولا نعلم ما الذي يوجد في حقل قانا. ولكني أعتقد أن حزب الله لم يرِد أن يظهر بمظهر المعطِّل للاتفاق في ظل كل ما يعانيه الشعب".

وردًا على سؤال عبر "الشرق"، بأنه "هل يمكن القول إن إسرائيل خضعت لمطالب لبنان خوفاً من تهديدات نصرالله"، أجاب شينكر بـ"لا"، مشيرًا إلى "أنني أعتقد أن إسرائيل لم تقم بأي عمل يمكن أن يضيف تعقيدات لا طائل منها، وأعطت الموضوع بعض الوقت لإفساح المجال أمام الدبلوماسية. وإسرائيل ستنتفع من حقل قانا، وإن عبر الشركة المنقبة. وقد أرادت أن تتخلص من إحدى مشكلات ترسيم الحدود مع لبنان، في خطوة تفرغ سلاح حزب الله من قيمته وذريعة وجوده، بما يلقي بثقل هذا السلاح على الداخل اللبناني".

وكشف "أنني أعتقد أن التوقيع بات قريباً. ما يؤسفني أن لبنان سيوقع هذا الاتفاق، من دون أن يكون هناك أي تغيير بالمشهد اللبناني. وفي ظلّ غياب الإصلاحات الاقتصادية، من المؤسف رؤية أن الطبقة المسؤولة عن انهيار البلد، ستقوم بإدارة هذه العملية التي يمكنها مساعدة لبنان اقتصادياً بشكل كبير".

ولفت شينكر تعليقًا حول امكانية تسبب استيراد الفيول من إيران بعقوبات على لبنان، إلى "أنني لا أظن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستعاقب لبنان، لقد وصلت سفينتَيْ فيول من إيران، ونقلت تلك المادة من سوريا عن طريق البر. والجميع تناول الموضوع على أنه أمر عظيم وحدث ضخم، ونصرالله أعلن أنه ينقذ لبنان، وقد دامت الكمية لثلاثة أيام. إن هذا الأمر مثير للشفقة والسخرية. ما الذي يمكن لإيران أن تقدمه، إيران بلد مفلس وشعبه جائع".

وأوضح أنّ "الشعب اللبناني يعاني بشكل حقيقي، لقد خسر أمواله، ويهاجر بالآلاف، ويعيش في ظل أزمة اقتصادية خانقة. ويظهر نصرالله وباسيل ليلقيا باللوم عليّ شخصياً بذلك. حاولوا اتهام الولايات المتحدة بأنها وراء انهيار المصارف بسبب فرضها للعقوبات، ونحن لم نعاقب إلاّ مصرفاً واحداً، وهو جمّال ترست بنك، وأتى ذلك بعد تخفيضه الائتماني في مؤشر موديز".

واعتبر شينكر، أنه "لا دخل للإدارة الأميركية بالانهيار الحاصل في لبنان، إذا قرأتِ تقرير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فستجدين أنه يصف ما جرى بأنه أكبر كارثة اقتصادية من صنع بشر في العالم".

وفي رد على سؤال "هل المسؤول عن الانهيار في لبنان هو الحكومة، أم حزب الله، أم الفساد؟"، رأى أنّ "الكل مسؤول، الحكومة لا تتخذ أي قرارات حاسمة، تتواطأ في تلزيمات يطبعها الفساد، ولا يوجد أي رقابة على مرافقها، والكهرباء أكبر دليل. وحزب الله مستفيد من الفساد وغياب الدولة ومن النظام المصرفي لأنه يقوم بتبييض الأموال عبر بعض المصارف، وتصريف وتمويل صناعة الكبتاجون. والفساد المستشري الذي يتغذى بالتسويات وتوزيع الحصص. يجب تغيير القيادات، لأنها جزء لا يتجزأ من الفساد".

وأكّد "اننا نقدم المساعدات بشكل دوري إلى لبنان، ولكن ليس للحكومة، لأنه لا أحد يثق بالحكومة. ولا أحد يريد مساعدة لبنان، ولن يساعد أحد لبنان ما لم يساعد لبنان نفسه. ومن دون أدنى شك الدولة ضمن الدولة التي يديرها حزب الله علامة صارخة بأن لا ثقة بهذا البلد".

وأشار، ردًا على سؤال بأنّ "حزب الله جزء من النسيج اللبناني، كيف يمكن التعامل معه من دون إلحاق الأذى باللبنانيين؟"، إلى أنه "لا جواب عندي لهذا السؤال. دعوني أقول إذا نجح الشعب الإيراني بمواجهة النظام في الداخل، فإن ذلك سيؤثر في حزب الله المعتمد بشكل شبه كلي على إيران. لأنه عندما ضاق به التمويل الإيراني، لجأ إلى الاتجار بالمخدرات من الكوكايين والحشيش والآن الكبتاجون".

وأوضح، ردًا على سؤال بشأن ما سيحصل إذا تم انتخاب باسيل، المدرج في لوائح العقوبات الأميركية، رئيساً للجمهورية، أنه "يمكن للبنان أن ينتخب جبران باسيل، تماماً كما انتخب الإيرانيون الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي قتل آلاف المدنيين، هذا خيار اللبنانيين. وسيكون هذا رئيسهم الثاني على التوالي الحليف لحزب الله. وهناك العديد من الأصوات في الولايات المتحدة تعارض مساعدة لبنان. على اعتبار أن لبنان هو حزب الله، وإذا قام البرلمان بانتخابات كهذه فسيكون مؤشراً لمشكلات أعمق، وستكون مؤشراً خطيراً".

وذكر شينكر، ردًا على سؤال حول من يسمي لرئاسة الجمهورية في لبنان، أنه "منذ كنت في الإدارة لم أسمِ يوماً أحداً، ولن أفعل اليوم. ولكني أعتقد أن هناك قلقاً حقيقياً من ألاّ يترك رئيس الجمهورية ميشال عون القصر، وأن يبقى بالقوة، وهذه ستكون صورة سيئة جداً للبنان".

وحول العلاقة التي تربطه بـ"النواب التغييرين" الـ13 الذين فازوا بالانتخابات الأخيرة، أكّد أنه "علاقة لي بهم حتى إنني وصفتهم بالنرجسيين. لا لم ألتقِِ بأي منهم ولا تواصل بيني وبينهم، كنت أزور لبنان عندما كنت في الإدارة ثلاث مرات سنوياً، ولدي العديد من الأصدقاء، إلاّ أنني لم ألتقِ نواب التغيير، ولم أموّلهم والإدارة الأميركية لم تمولهم، وترويج مثل هذه الاتهامات استهتار بعقول الناس".

وذكر أنّ "لقمان سليم كان يحصل على تمويل من مؤسسات دولية، ليدير بها مؤسسة غير ربحية وغير حكومية، كان يقوم بتعليم النساء الشيعيات اللغة الإنجليزية، ويدير مشروعه الثقافي التوثيقي. لقمان سليم لم يكن يوماً مرشحاً للانتخابات، ولم يموِّل مرشحين. وهو خسارة كبيرة. المتهم الأول في اغتياله حزب الله، لأنه لا قدرة لأحد على تنفيذ مثل هذه العملية في مناطقه. لكن للأسف لن يُصار إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الاغتيال، تماماً كما حصل في اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ووزير المالية الأسبق محمد شطح وكل الذين تم اغتيالهم".