لا مؤشر يدل على إمكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للعماد ميشال عون التي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل. كما أن لا أمل في حكومة جديدة ، كان من الطبيعي ان تؤلف بعيد الانتخابات النيابية الأخيرة، وتعكس تركيبتها ما افرزته النتائج من تنوع للقوى السياسية. لكن البلاد على ما يبدو هي أمام سيناريوهات بائسة تترجح بين الابقاء على الحكومة الحالية كما هي بتعويمها، أو ترقيعها ببعض اسماء، أو الابقاء على وضعيتها الراهنة: حكومة تصريف الاعمال.

هذا المشهد الحزين تتحمل مسؤوليته القوى السياسية على اختلافها، لأنها لم ترتق إلى مستوى المسؤولية الوطنية التي تحتم اجتماعها لمواجهة الكارثة المتعددة الوجه التي تصيب جميع اللبنانيين من دون استثناء، وفي أي موقع أو منطقة كانوا. فالفقر عضهم بنابه، والهجرة تفتك بابنائهم، وودائعهم سلبتها المصارف، وعملتهم تهاوت إلى قعر القعر. والعجب كيف أن الشعب بات بلا عصب، و"مسطّلا" يقدم الخد الأيمن والايسر لصفعات سارقيه، وينبطح أمامهم ليشبعوه رفسا وركلا من دون أن ينبس ببنت شفة. فيما سياسيوه، واولو أمره يمارسون اللعبة الجهنمية، ويرقصون على حافة قبره غير مبالين.

ينتظرون ماذا يحمل الفرنسي العاجز، الذي يوحي بأن له الدور الأكبر في معالجة الازمة اللبنانية، فيما حركته بلا بركة، بعدما بات غير ذي صدقية، من خلال ما يطرح من أسماء يرى فيها الأهلية للرئاسة الاولى، ومعظمها يصلح لرتبة مستشار وما دون، وبعض الـ"NGOS" التي يدعمها بسخاء، وهي التي فاحت روائح فسادها الكريهة، واستيلائها على المساعدات المفترضة لمنكوبي لبنان بعد انفجار الرابع من آب، وانفاقها بطرق ملتوية على ملذات القيمين عليها، أو تسريبها إلى جيوبهم. ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فلا ينبغي اغفال الدور الخبيث الذي تؤديه المانيا من خلال اقحام نفسها في ملفات قضائية. وقبولها القيام باعباء الغسيل الوسخ بتكليف أميركي وموافقة أوروبية.

إن هذه المواقف الغربية التي يقف منها الفاتيكان الموقف الحذر نظرا للتداعيات التي ترخيها على الصيغة اللبنانية التي يحرص عليها لعدم وجود بديل لها يضمن الأمان الاستراتيجي لمن تبقى من المسيحيين في لبنان والشرق، من شأنها تسخين الوضع والدفع به إلى مدارات بالغة الخطورة، قد تكون عصية على الاحتواء والحل.

انطلاقا من ذلك، وخوفا من مغبة تطور الأمور وتدحرجها على نحو كارثي، يجب على رئيس الجمهورية في الفترة الوجيزة المتبقية له من ولايته، وعلى الرغم من محدودية صلاحياته- أن يقوم بخطوة يجيزها له الدستور بتوجيه رسالة إلى المجلس النيابي، يشرح فيها خطورة ما يحصل، ويضع الجميع امام مسؤولياتهم، ويدعو الجيش اللبناني عبر قيادته إلى تحمل مسؤولياته الوطنية بمنع جنوح البلاد إلى الفوضى الشاملة، مع ما يحمل ذلك من خطر عودة التوترات الامنية وتمددها، مترافقة مع مزيد من التدهور الاقتصادي. وثمة من يزيد، فيقول أن على الرئيس ميشال عون أن يكشف المستور وغير المستور، وأن يقول ما امتنع عن قوله والافشاء به طوال سني ولايته، ليعرف اللبنانيون حقيقة ما كان يجري، ولتتبين لهم "العنزة من أم القرون".

فهل يفعلها الرئيس عون؟.