منذ إنتهاء جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية الماضية، لا تزال مختلف القوى السياسية تطرح مجموعة من الأفكار بالنسبة إلى المعادلة التي لم تنضج بعد، حيث بات من الواضح أن هناك مجموعة من أوراق القوة التي تستخدم، من قبل العديد من الأفرقاء، قبل الوصول إلى اللحظة الحاسمة.

في هذا السياق، يبدو أن القوى، التي كانت قد ذهبت إلى تسمية رئيس حركة "الإستقلال" النائب ​ميشال معوض​، أيّأحزاب: "القوات اللبنانية"، "الكتائب" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، لا تزال مُصرة على موقفها، وهو ما أكد عليه كل من رئيس "القوات" سمير جعجع ورئيس "الاشتراكي" وليد جنبلاط، في الأيام الماضية، لكن من الناحية العمليّة يدرك الجميع أن فرص معوّض شبه معدومة.

في هذا الإطار، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن قوى الثامن من آذار لا يمكن أن توافق على معوّض كمرشح توافقي، حيث تعتبره مرشح تحدٍّ أكثر من رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيّة، في حال كان المطلوب إعتماد المعايير التي يطرحها الفريق الآخر، لا سيّما أنّ مواقف رئيس حركة "الإستقلال" معروفة مسبقاً، لا بل هو في فترة الإنتخابات النيابية الماضية كان يزايد حتى على "القوات"، ناهيك عن تموضعه الواضح.

في قراءة هذه المصادر، يبدو أنّ المطلوب من ترشيح معوّض، الّذي تمّ إختياره بعناية من قبل الفريق الآخر، إستبعاد ترشيح فرنجيّة، قبل أي شيء، لا الوصول إلى إتفاق على الإسم، وترى أنّ الإستمرار به يعود إلى أنّه لم يحقّق حتى الآن الغاية من ترشيحه، خصوصاً أنّ ذهاب قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" إلى خيار الورقة البيضاء حال دون إحراقها الأوراق التي بين يديها.

بناء عليه، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ المعادلة الرئاسيّة، على مستوى الخطوط العريضة، باتت واضحة، أي أنّ المطلوب رئيساً توافقياً لا يشكل إستفزازاً لأيّ فريق، لكن مع الأخذ بعين الإعتبار التوازنات الموجودة في البلاد، سواء على المستوى السياسي أو النيابي، أي أنه من المفترض أن يكون أقرب إلى قوى الثامن من آذار، أو على الأقل لا يثير شكوكاً لديها بالنسبة إلى الموقف من سلاح "حزب الله" بعد إنتخابه.

على هذا الصعيد، تعتبر مصادر نيّابية مقرّبة من قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن المطلوب مقاربة الإستحقاق بطريقة موضعيّة، حيث ترى أن الأمور بين حدّين: لا يمكن العودة إلى رئيس يشبه ​ميشال عون​، لكن في المقابل لا يمكن القبول برئيس يشبه ميشال سليمان، وبالتّالي المواقف التصعيديّة لن تقود إلى المعالجة، مع العلم أنّ الظروف الحالية لا تسمح بمقاربة الإستحقاق الراهن بالطريقة نفسها التي تم التعامل بها مع الإستحقاق الماضي، لا سيما لناحية تمسك "حزب الله" بمرشّح واحد حتّى النهاية.

من الناحية العمليّة، تلفت هذه المصادر إلى أنّ الأمور لا تزال صعبة المنال، نظراً إلى أن تركيبة المجلس الحالي، منذ ظهور نتائج الإنتخابات النيابية، أكدت أن الواقع لن يكون سهلاً على الإطلاق، وبالتالي كل الجلسات، سواء كانت تشريعية أو إنتخابية، ستشهد معاناة كبيرة في حال عدم توفر التوافق، ما يعني أنّ الوصول لرئيس يتطلّب توافقات يمكن، على عكس ما يرى الكثيرون، أن تصنع في لبنان، بالرغم من صعوبة الأمر في المرحلة الحرجة الآن.

في المحصلة، تؤكد المصادر نفسها أن الجميع، من الناحية العملية، يدرك ما هو ممكن وما هو غير ممكن في الإنتخابات الرئاسيّة، لكن الرهانات على إمكانيّة تعديل موازين القوى لا تزال قائمة حتى الآن، وترى أنّه في اللحظة التي تقتنع الغالبيّة بأنّ الأمور لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل، أو يفرض عليها ذلك من الخارج، لن يكون من الصعب إيجاد الشخصية التي تعكس التوازنات القائمة.