ذكرت صحيفة "الأخبار"، أنّ "أمس، استفاق الجميع على صراخ مرتفع في إسرائيل. قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد رفض التعديلات اللبنانية على مسوّدة الاتفاق البحري. وعشنا ساعات طويلة من التهديد والوعيد، قبل أن ينتهي المجلس الوزاري المصغر مساء إلى موقف ملتبس لا يحمل رفضاً للاتفاق، بل يحصر مشكلته مع بعض التعديلات التي طلبها لبنان".

ولفتت إلى أنّه "لنفترض أن إسرائيل تريد، من خلال رفض التعديلات اللبنانية، خوض مغامرة تهدّد بنسف الاتفاق، أو أنها تريد كسب مزيد من الوقت والمماطلة والتسويف سعياً إلى ظرف أفضل لها على صعيد طبيعة الاتفاق، فما الذي يعنيه ذلك؟".

وأوضحت "الأخبار" أنّ "بعد جولات التفاوض الأخيرة، تعرّف العدو إلى تفاصيل لم يعتدها سابقاً من السياسيين اللبنانيين. وأدرك العدو، أيضاً، أن موقف المقاومة شكّل عامل كبح لأي تنازل إضافي يمكن أن يقدم عليه أحد في لبنان. لكن المقاومة لم تكن لتقف عند هذا الحد، خصوصاً عندما أعلمت العدو، بالخطاب وفي الميدان، أنها جاهزة لما هو أبعد بكثير من ضربة تذكيرية؛ على غرار ما حصل يوم أرسلت المسيّرات فوق حقل كاريش".

وأشارت إلى أنّ "العدو يقول لنا اليوم، إنه مستعد لنسف الاتفاق، وإنه في هذه الحالة يهدّد لبنان بحرمانه من الغاز والنفط وبتهديد أمنه وما تبقى لديه في حال حصول مواجهة عسكرية.

وما يهم العدو اليوم، ليس موقف الحكومة اللبنانية فقط، بل ضمان تكبيل المقاومة من جهة، ومنع لبنان من البحث في أي واقع على الحدود البحرية أو البرية لاحقاً".

كما ركّزت على أنّ "في هذه الحالة، يُستحسن بالعدو أن يقرأ الموقف اللبناني بطريقة أخرى. ولمساعدته على ذلك، على العدو أن يعلم جيداً أن تعنّته سيقود إلى واقع مختلف تماماً:

- إن نسف الاتفاق يعني نسف المسار التفاوضي الذي عرفناه خلال الأشهر الماضية، والعودة إلى النقطة الصفر تعني العودة إلى سقف لبناني مختلف عما جرى التداول به. وهناك بحث جدي وجوهري بأنه في حال إصرار العدو على رفض الاتفاق، فإن السقف الجديد سيكون انطلاقاً من الخط 30+، وليس الوقوف عند الخط 23.

- إن نسف الاتفاق بحجة أن لبنان يرفض ترسيم الحدود البحرية والدولية الآن، لا يُقلق المقاومة التي لا تعترف أساساً لا بالحدود القائمة الآن كأمر واقع، ولا بالحدود كما رسمها الاستعمار. بالتالي فإن العدو سيكون معنياً بالجواب على سؤال يسبق كل هذا الكلام: هل يريد استخراج الغاز أم لا؟

وشدّدت الصّحيفة على أنّه "إذا كان في إسرائيل، أو في الولايات المتحدة، من يراهن على أن تأخير الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات، سيسهّل الأمر في ظل تغييرات يتوقع الغرب حصولها لبنانياً على صعيد الرئاسة والحكومة، فإن هؤلاء لا يفهمون أهمية ثقة المقاومة برئيس الجمهورية ميشال عون على وجه الخصوص، وأنه في حال الشغور الرئاسي، أو في ظل الانقسام السياسي الجديد، فإن المقاومة ستستعيد هامشها الأكبر الذي قلّصته بنفسها لثقتها بالرئيس عون. بالتالي، فإن الرهان على تغييرات تقود لبنان إلى تنازلات في مرحلة لاحقة، ينمّ عن عدم فهم جدي لاستراتيجية المقاومة وآلية تفكيرها".

هاتف هوكشتين مفتوح مع بيروت: لبنان يتمسك بالتعديلات ويحذّر من الحرب

على صعيد متّصل، أفادت "الأخبار" بأنّ "بعد أقلّ من ساعة على بدء التسريبات الإعلامية عن رفض حكومة يائير لابيد الإسرائيلية التعديلات اللبنانية، تلقى لبنان رسمياً، عبر الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتين، الموقف الإسرائيلي، مشيراً إلى أن أبرز نقاط الاختلاف ما يتعلق بخط الطفافات والاتفاق على العمل في حقل قانا وشكل الاتفاق النهائي".

وبيّنت أنّ "طوال نهار أمس، وحتى ساعة متأخرة، أجرى هوكشتين عبر تقنية الفيديو والاتصالات الهاتفية، مفاوضات مكوكية بين تل أبيب وبيروت. وكانت أجواء الفريق المفاوض في لبنان حاسمة، لجهة أن النقاش حول أصل الموقف من مسألتي الحدود وخط الطفافات وحرية لبنان بالعمل في حقل قانا، غير قابلة للنقاش".

وأوضحت "الأخبار" أنّ "الجانب اللبناني بدا مستعدا للتساهل في عمليات الصياغة، ولو أن في لبنان من أدرك سريعاً أن ما يقوله العدو، يندرج في سياق تصعيد له خلفيته المتصلة بالانتخابات الداخلية من جهة، وبمحاولة تحصيل مكاسب على حساب لبنان من جهة ثانية".

وأشار مصدر رسمي معني للصحيفة، إلى أنّ "لبنان أبلغ الوسيط الأميركي بأنه لن يتراجع عن التعديلات التي أرسلها، وأن على الولايات المتحدة أن تفي بوعودها لتسيير الأمور مع العدو. وكان الكلام الرسمي العلني هو ما قاله رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، من أن على العدو أن يختار بين الاتفاق أو الحرب".

وكشفت أنّ "مسؤولين فرنسيين أجروا اتصالات بعدد من الجهات اللبنانية المعنية بالمفاوضات، وبينها شخصيات رسمية، وقالوا إن الاجتماعات التي عقدت بين إدارة "توتال" والجانب الإسرائيلي، أفضت إلى قبول الطلب اللبناني، وأن الشركة الفرنسية ملتزمة الطلب اللبناني بأن أي تسوية بينها وبين إسرائيل لا تخص لبنان، وأن عملها لن يكون مرتبطاً بأي موافقة مسبقة من إسرائيل".