في هذا الوقت، وفق معلومات صحيفة "الأخبار"، فإن باريس مستمرة في حوارها مع ​حزب الله​ «حول الملف الرئاسي وبعض الملفات الأمنية الحساسة»، وتعمل في شكل مباشر على التنسيق معه في مخرج رئاسي يحفظ الوضع الداخلي في مرحلة دقيقة إقليمياً. وإذا نجحت في استقطاب ​السعودية​ لدعم خطتها، سياسياً ومالياً، فإنها تعتبر أنها ستحقق إنجازاً مهماً في سياستها الخارجية. ولا تريد باريس تخطي حزب الله في الملف الرئاسي أو الأمني، ولذا تحاول وضع بعض الأسماء على طاولة النقاشات، من أجل تقديمها كمرشحين توافقيين يمكن تحقيق إجماع عليهم.

في هذا الإطار، تصدّر اسم المرشح الوزير السابق ​زياد بارود​، في بعض المحافل أخيراً، غيره من المرشحين من خارج الائتلافات السياسية، انطلاقاً من أن اسمه، المطروح في دوائر فرنسية، موجود بقوة في سلة النواب التغيريين، وأنه يشكل تقاطعاً بين قوى سياسية كحزب الله، الذي نسج معه علاقة جيدة حين تولى وزارة الداخلية، و​التيار الوطني الحر​ الذي كان بارود مرشحاً على لائحته في كسروان في انتخابات 2018. ورغم أن باريس لم تدخل بثقلها في تسمية أي مرشح تدعمه علانية، إلا أن بارود بحسب مصادر دبلوماسية فرنسية تقدم في الآونة الأخيرة على مرشحين آخرين، علماً أن اسم قائد الجيش العماد ​جوزف عون​ لا يزال هو الآخر على طاولة المناقشات، من دون استبعاد قبول حزب الله به بعد مرحلة تطبيع العلاقات بينهما.

جلسة انتخاب الرئيس غداً كسابقتها

المفاجأة الوحيدة التي يمكن أن تشهدها الجلسة النيابية الثانية المنعقدة غداً الخميس لانتخاب رئيس للجمهورية تكمن في امتناع النواب المنتمين إلى تكتل «قوى التغيير» عن ترشيح أي من المرشحين من خارج الاصطفافات السياسية التقليدية، بخلاف ترشيحهم في الجلسة الأولى لسليم ميشال إده، برغم أنهم التقوا على دفعات المرشحَيْن الوزيريْن السابقَيْن ناصيف حتّي وزياد بارود والنائب السابق صلاح إدوار حنين، ولا يعود السبب فقط إلى احتدام النقاش بين النواب في مقاربتهم للاستحقاق الرئاسي، وإنما لوجود رغبة لديهم بتكثيف مشاوراتهم لتشكيل كتلة نيابية وازنة تتيح لهم لعب دور فاعل في انتخاب الرئيس انطلاقاً من تقديرهم بأن ائتلافهم مع عدد من النواب المستقلين سيمكّنهم من التعاطي معهم على أنهم يشكّلون بيضة القبّان لحجز مقعد لهم في عداد الكتل النيابية المقرّرة في انتخاب الرئيس.

لكن هذه المفاجأة يمكن أن تنسحب على المرشح ميشال رينه معوض إذا استطاع تسجيل خرق يؤمّن له توسيع مروحة المؤيدين له، وعينُه بالدرجة الأولى على كسب تأييد عدد من النواب المنتمين إلى تكتل «الاعتدال» النيابي الذين كانوا اقترعوا في دورة الانتخاب الأولى بورقة كُتب عليها اسم لبنان.

ولهذه الغاية التقى معوّض أمس النواب الأعضاء في تكتُّل «الاعتدال» في محاولة مدعومة من حلفائه لإقناع ما تيسّر منهم لتأييد ترشُّحه ل​رئاسة الجمهورية​، خصوصاً أن خصومه يتعاطون مع الجلسة النيابية غداً على أنها تشكّل محطّة لا يمكن تجاهلها لاختبار مدى صمود نواب التكتل على موقفهم بالاقتراع بورقة لبنان وعدم خضوعهم للضغوط والإغراءات التي يراد منها تنعيم موقفهم بتأييدهم لمعوض.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن حلفاء لمعوض بادروا للاتصال بعدد من نواب تكتل «الاعتدال» لإقناعهم بضرورة الوقوف إلى جانبه في المعركة الرئاسية على خلفية أن هناك مجموعة من القواسم المشتركة التي تشكّل نقطة للالتقاء بين الطرفين.

فهل ينجح معوّض في اجتماعه الحاسم أمس مع تكتل «الاعتدال» الذي يطغى عليه الحضور النيابي السنّي في تليين موقفه بمبادرة عدد منهم إلى تأييده؟ أم أن اقتصار تأييده على حلفائه سيفتح الباب في دورات الانتخاب المقبلة إلى إعادة خلط الأوراق ترشحاً وتأييداً باعتبار أن جلسة الغد ستكون نسخة طبق الأصل عن سابقتها؟ وبالتالي يبقى الرهان على جلسات الانتخاب المفتوحة التي تُعقد في الأيام العشرة من المدة المتبقّية للولاية الرئاسية ل​ميشال عون​، مع أن كل التوقّعات تُجمع على أن البلد سيسقط في شغور رئاسي قد يكون مديداً، إلا إذا حصلت مداخلات خارجية تضغط لانتخاب الرئيس، وإنما قبل أن يدخل الشغور في أمد طويل.