"بوحي من خطة التعافي وبالتنسيق مع صندوق النقد جهّزنا رزمة أولى من المشاريع الإصلاحية،التي تتضمّن اقرار الموازنة والكابيتال كونترول ورفع السرّية المصرفيّة وتوحيد سعر الصرف".

هذا ما صرح به مؤخرا وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، بالرغم من كل الانتقادات للخطّة المذكورة التي وصفت بالتدميريّة، تقضي على الثقة بالقطاع المصرفي الى الأبد بدل وضع قانون لحماية الودائع على غرار الذهب، فهل هذا ما يمليه صندوق النقد ونحن مجبرون عليه؟!.

الخبير المالي والمصرفي نيكولا شيخاني علّق عبر"النشرة" على تعاطي الدولة مع الأزمة متّهما اياها بالمسؤوليّة عمّايحصل بالدرجة الأولى،فهي التي تهدر المال على مدى 30 سنة جرّاء سوء الإدارة والفساد،ومسؤوليّتها تتجاوزالـ50 %، خصوصا أن دينها العام وصل الى 100 مليار دولار، وخسارتها حسب الموازنة تُعدّ مزمنة،اذ ان آخر 20 سنة لم يكن عندها فائض وكانت سلبية، واذا أضفنا سلبية ميزان المدفوعات آخر 12 سنة،يصبح العجزعجزا مزدوجا "twin deficit".ونحن نعلم اقتصاديا انه حين يكون لدينا سلبية في هاتين النقطتين،يذهب البلد الى انهيار اقتصادي حتمي بعد سنتين او ثلاثة. والدولة رأت هذه السلبية المتلازمة ولم تفعل شيئا،وكل ما حصل هو لإطفاء النار بدل تطوير الإقتصاد وتحسين المؤسسات واعادة هيكلتها وتخفيض الانفاق وتطوير خطة ورؤية اقتصاديّة.

شيخاني أضاف أنه بظل هذا العجز الضخك كان مصرف ​لبنان​ مُجبرا على تثبيت الليرة خلال 15 سنة كلفتنا 50 مليار دولار نضيفها على دينها 100 مليار دولار.واذا فنّدنا المسؤوليّات بين سوء ادارة دين الخسارات، التعثر والميزانيات السلبيّةفإنّ الدولة مسؤولة عن قرابة50% والمصرف المركزي 25% والمصارف 25 %، اذن لا يمكن للدولةالقول بأنها"لن تمد يدها الى جيبتها "ولا مال لديها لأنّها غنيّة وليست مفلسة، هي متعثّرة على ديونها يمكنها أن تخلق أصولا من لا شيء، خصوصا ان لديها القوة والقدرة بأصولها وسيّدة عليها مثل كل بلدان العالم لكن وجب تحسينها وتطويرها كي تنتج أكثر لتمويل الاقتصاد والإنتاج وتغطّي الخسائر".

اذن اعادة الهيكلة مهمّة جدا مع وجوب وضع خطة متكاملة متماسكة للمحافظة على أموال المودعين لاسترداد الثقة بالقطاع المالي والمصرفي في الجمهوريّة اللبنانيةللبنانيين داخليا وللمستثمرين من الخارج.

وتابع نيكولا شيخاني الخرّيج جامعة هارفرد "اليوم ضمن خطّة الدولة التي يحاولون تمريرها فقرة 24/1 تعمل "هيركات" على أموال المودعين 57 الى 60 مليار دولار، وهذا أمر غير مسموح به، لأن ضرب المودع من خلال خطّة وقانون داخلي يضرب الثّقة الى الأبد بالبلد وبالقطاع المصرفي وباقتصادنا.وهذا ممنوع بشكل حاسم،فجميع الإقتصاديين العالميين يشدّدون على أن الثقة هي المصدر الأساس. والأهم الحفاظ على أموال المودعين.واصفا الخطّة بالتدميريّةوالمرفوضة معتبرا اياها تصفية وليس أعفاء، وعلى المعنيين إعادة النظر لدعم الاقتصاد والشعب اللبناني ومساعدة المودع لاستعادة ماله وهذا ما يضع شبكة أمان للبنان عبر مدّ الدولة ليدها على جيبها ومن أموالها.

واستغرب شيخاني "الكلام الّذي يتحدث عن عدم مسؤوليّة الدولة أو عدم وجود اموال لها. وهي الّتي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة وعلى ​مصرف لبنان​ والمصارف"،وطالب بالمحاسبة وليسالهروب، ورأى أن قطع أموال المودعين هو هروب من المحاسبة،ودعا لعدم التلطّي اختباء خلف ​صندوق النقد الدولي​.

تجدر الاشارة الى ان لدى شيخاني خطة من 10 نقاط للخروج من الازمة 3 منها تفرض تدخلا سياسيا:

لإنماء سريع للإقتصاد بأقل من سنة يمكن ان نحسّن الناتج المحلي بـ50%:

*يجب اصلاح الكهرباء لأنها تقوّي الانتاجيّة المحلّية للصناعة والزراعة والخدمات،وتقوي القدرة الشرائيّة لأنها تخفّف الضغط على جيوب العائلات،لجهة المدفوعات للمولّدات واعادة النمو.

*ضبط الحدود بحرا برا وجوا،مما يدخل الى الخزينة 3 مليار دولار ضافية سنويا. والحد من خروج الاموال والسيولة من خلال النازحين الذين يخرجونكل عامأكثر من مليارين و500 مليون دولار الى بلادهم.

*النقاط الاخرى غير سياسية، تتمثل بتوحيد سعر صرف الدولار،ووضع خطة نقدية ملائمة في بلد مُدَولر بنسبة كبيرة،ثم يجب اعادة هيكلة الدين العام هذا الموضوع لا يذكرونه انما يتكلمون عن الخسائر.فالدين العام 100 مليار دولار يجب اعادة هيكلتها، بعدها يأتي وضع خطّة اصلاحيةللمصارف لاعادة الثقة بالقطاع ليصبح اصغر، لكن أقوى،ويجب وضع قانون لحماية الودائع على غرار قانون حماية الذهب الذي أقر سنة 1986، بعدها لا نبيع اصول الدولة بل نخلق خطّة لإعادة السيولة تكلّف حوالي 10 مليار دولار،وهي موجودة في البنك المركزي والمصارف والمنازل، وبهذه الركائز نعيد الثقة الى القطاع المصرفي.