إنتهى عهد ميشال عون وإنتهت معه كلّ الرهانات بإمكانيّة تغيّر العديد من الأمور منها إنخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة، فيوم الأحد 23 تشرين الأوّل 2022 وبسحر ساحر إنخفض سعر الدولار دفعة واحدة خمسة آلاف ليرة... كيف ذلك؟ ويوم الأحد هو يوم تقفل فيه البورصة هذا إذا إعتبرنا أن ما يحصل في لبنان من الطبيعي ونتيجة الاوضاع فقط وليس "تلاعباً" بالدولار، كانت النتيجة أن السبب بيان أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

كثُرت في تلك اللحظة التساؤلات، لماذا في هذا التوقيت؟ هل لأنّ عهد الرئيس ميشال عون شارف على الإنتهاء وربما الرسالة أن الإنفراج قادم؟ لم تكد يمرّ بضعة أيام حتى بدأت الصورة تتوضّح، العملة الخضراء عادت الى الارتفاع ولم يكن بيان سلامة سوى "إبرة بنج" للتخفيف من تحليقها الصاروخي إذ تتسيّد اليوم متجاوزة عتبة 38 الف ليرة... والسؤال ماذا عن المرحلة المقبلة؟.

عملياً وبحسب الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان كلما تدخّل مصرف لبنان ينخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ولكن التحدي الأكبر بالإستدامة، ففي المرحلة السابقة إشترى 400 مليون دولار وأكد انه سيبيعه على منصة صيرفة، وبحدّ أقصى أسبوعين يكون باع ما اشتراه، فما الّذي سيحصل بعد أسبوعين من اليوم؟.

"في محطات سابقة تدخّل مصرف لبنان لينخفض الدولار ولا يجب أن ننسى هذا الأمر". هذا ما يؤكده أبو سليمان لـ"النشرة"، واحداها يوم تشكيل حكومة نجيب ميقاتي مثلاً حين إنخفض الدولار الى 15 الف ليرة والبيان الاخير هو محطّة من المحطات، مشدّدا في نفس الوقت على أن "المصرف المركزي لا يستطيع أن يستمر بالاستنزاف وهو يتدخّل لمرحلة وجيزة"، مختصرا الموضوع بالتالي "في المستقبل الطلب أكثر من العرض وبالتالي في ظلّ غياب الاصلاحات الماليّة والاقتصاديّة والاستقرار السياسي فمن المرجّح أن يعاود الدولار الارتفاع".

بدوره الخبير في المحاسبة وعضو نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان ربيع داغر يلفت الى أننا "لم نعد نفهم كيف يرتفع وينخفض الدولار حسابياً، والواضح أن هذا الامر يتم بالسياسة فقط"، متسائلا "ماذا حصل يوم أحد 23 تشرين الأول الفائت حتى إنخفض الدولار 5 الف ليرة، في وقت حصل ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ولم يتراجع الدولار أبداً، كذلك دخل لبنان في شغور رئاسي وفي ظلّ حكومة مستقيلة ولم يرتفع أيضاً، فكيف ذلك"؟ شارحا أنه "لا يوجد حسابات دقيقة في مصرف لبنان لمعرفة ماذا لدى رياض سلامة من "كاش" وماذا يوجد في الاحتياطي"، مضيفاً: "الاكيد أن كل فارق الدولار بين صيرفة والسوق السوداء تتحمّلها خزينة الدولة".

يعتبر التعميم الأخير الذي أصدره رياض سلامة محطّة من محطّات تدخل المصرف المركزي للجم إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ويبقى الهدوء في هذه العملة الّتي تشغل بال اللبنانيين لاسبوعين كحد أقصى، قبل أن يعاود إرتفاعه مجدداً بإنتظار الاستقرار السياسي المتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة والقيام بخطط ماليّة واقتصاديّة تضع لبنان على سكة النهوض، هذا اذا شاءت مافيات السلطة المتسلّطة أن تفعل ذلك، فعسى أن تنقذ ما تستطيع انقاذه حتّى يبقى لها أي شيء ممكن أن تمدّ يدها عليه!.