لا يزال سعر صرف ​الدولار​ في السّوق السّوداء يشهد تقلّبات يوميّة، متفلّتة في معظم الأحيان من أيّة أسباب أو تفسيرات اقتصاديّة. فبعدما كان قد انخفض سعر الصّرف إلى ما دون عتبة الـ35 ألف ليرة، عقب تعميم ​مصرف لبنان​ في 23 تشرين الأوّل الماضي، الّذي ينصّ على "أنّه سيقوم من خلال منصّة SAYRAFA ببيع الدّولار الأميركي حصرًا ابتداءً من يوم الثّلثاء 35 تشرين الأوّل، علمًا أنّه لن يكون شاريًا للدولار عبر منصّة SAYRAFA من حينه وإلى إشعار آخر"، إلّا أنّه ارتفع بشكل كبير ومتسارع في الأيّام الأخيرة.

في هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي ​وليد أبو سليمان​، في حديث إلى "​النشرة​"، أنّ "بدايةً، لم يكن هناك سبب لانخفاض سعر صرف الدّولار الشّهر الماضي. صحيحٌ أنّ ​المصرف المركزي​ أصدر بيانًا بأنّه سيبيع الدّولار ولن يشتريه، لكنّه في الواقع كان يشتري الدّولارات إلى حدّ أن أصدر هذا البيان".

وأشار إلى أنّ "المشكلة الأساسيّة أنّه حصل ارتفاع ملحوظ بالكتلة النّقديّة باللّيرة اللّبنانيّة، إذ ارتفعت أكثر من 60 بالمئة خلال شهرين، وهذا ملفت جدًّا، ويدل على أنّ المصرف المركزي كان يشتري الدّولار لقاء طبع اللّيرة"، مبيّنًا أنّه "لم تكن هناك أيّ مؤشّرات اقتصاديّة أو سياسيّة مشجّعة لانخفاض اللّيرة".

ولفت أبو سليمان إلى أنّ "المصرف كان قد اتّخذ إجراءات مماثلة سابقًا، إلّا أنّها لم تؤدِّ غرضها"، مذكّرًا بأنّ "بعد تعميم مصرف لبنان عقب تشكيل الحكومة الأخيرة، انخفض سعر صرف الدّولار ومن ثمّ سجّل مستويات مرتفعة وصلت إلى حدود 37- 38 ألف ليرة. وقبل ​الانتخابات النيابية​، أصدر المركزي تعميمًا أدّى إلى تراجع طفيف بسعر الصّرف ليعود بعدها إلى الارتفاع. والآن انخفض السّعر عقب تعميم المصرف، وبعد ذلك أكمل مساره التّصاعدي".

وشرح أنّ "مفعول التّعاميم لم يعد طويل المدى، لأنّ أيّ شخص يحمل الدّولارات لم يعد يتهافت لبيعها، بسبب عدم الثّقة". وعمّا إذا كنّا سنشهد ارتفاعًا إضافيًّا في المرحلة المقبلة، رأى أبو سليمان أنّ "المسار يكون تصاعديًّا بظلّ المضاربات وعدم الشّفافيّة والتّلاعب في السّوق. ومن الممكن أن يتدخّل مصرف لبنان مجدّدًا ويخفّض سعر الصّرف، لكنّ التّحدّي الكبير هو في استدامته".

كما أكّد أنّ "المصرف المركزي لم يعد لديه ما يكفي من سلاح للجم ارتفاع سعر الصّرف"، مشدّدًا على أنّ هذا الأمر يتطلّب "مسارًا من الإصلاحات، إبرام اتّفاق مع صندوق النّقد الدّولي واستعادة الثّقة. لكنّنا في الواقع لا نرى خطوات تقوم بها الدّولة والمؤسّسات الدّستوريّة والمصرف المركزي، لتحقيق هذه الشّروط المرجّوة والمسبقة الّتي طلبها الصّندوق".