لفت متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عودة، إلى أنّ "منذ قديم الأزمنة، مرّ حكّام كثيرون على هذه الأرض، منهم من عظّمهم التّاريخ لأعمالهم الصّالحة، ومنهم من لا يذكر التّاريخ إلّا تعسّفهم وظلمهم بسبب عشقهم للعروش أكثر من محبّتهم للمواطنين".

وتوجّه، خلال ترؤسّه قدّاس الأحد في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس في وسط بيروت، إلى المسؤولين، سائلًا: "كيف تريدون أن يذكركم تاريخ وطنكم؟ وماذا ستتركون للأجيال القادمة؟ أبلدًا بنيتموه بالجدّ والسّهر والتّعب والتّضحية، أم بلدًا كان مفخرة أبنائه والمنطقة، وقد أضعتموه بسبب مصالحكم ونزاعاتكم وأنانيّاتكم وحقدكم؟".

وأكّد المطران عودة أنّ "على المسؤول أن يكون بحسب قلب الله، والقديس يوحنا ينصح المسؤولين قائلًا: "يجب ألّا يضع أحد هدفًا لحياته كيف سيتسلّق منبر السّلطة، وكيف سيتمتّع بالمنصب، بل كيف سيصبح بارًّا وإنسانًا حكيمًا. مرّات كثيرة تجذبنا السّلطة إلى أعمال مخالفة لناموس الله. إذا ما استلمنا منصبًا رئاسيًّا، فنحن نحتاج إلى شجاعة نفس كبيرة لكي نمارس إدارةً صالحةً، ولا نعمى بالكبرياء الّذي يولّده المجد".

وشدّد على أنّه "على مسؤولينا، خصوصًا النّواب الّذين شاؤوا بإرادتهم واختيار الشّعب، خدمة الوطن، أن يصغوا إلى ما يقوله القديس يوحنا الذّهبي الفم: "إذا طرد القبطان من قيادة سفينة ما تبتلعها الأمواج، أو القائد من قيادة جيش ما فسيهزمه الأعداء، أو الحكّام من دولة ما فستصبح غابة. كما هي الدّعامات الخشبيّة لثبات البيت، كذلك هم الحكّام لحسن سير مجتمع ودولة منظّمة".

كما ركّز على أنّ "في ظلّ الشّغور في كرسي رئاسة الدّولة، لا تساهم الخفّة السّياسيّة والمصالح الضيّقة في إنقاذ السّفينة من الغرق المحتّم. إنّ جلسةً تُعقَد مرّةً في الأسبوع ولا توحي بالجدّيّة، ثمّ ينصرف النّواب وكأنّهم أتمّوا واجباتهم، تشعرنا وكأنّهم يستخفّون بعقولنا وبمسؤوليّتهم"، متسائلًا: "ماذا يمنعهم من عقد جلسة مفتوحة يتوالى فيها الاقتراع تلو الاقتراع، حتّى انتخاب رئيس؟ أليس هذا ما يجب أن يحصل؟ إلّا إذا كان التّعطيل مقصودًا والمماطلة أمرًا واقعًا يفرضونه، بانتظار غاية نجهلها، وهذا يسيء إلى سمعتهم ومكانتهم ومكانة لبنان".

واعتبر عودة أنّ "الانتخابات على أنواعها، أمر طبيعي وروتيني في الدّول الدّيمقراطيّة. وعوض تضييع الشّهور والسّنين بانتظار إتمام هذا الواجب الدّيمقراطي، ينصرفون إلى أمور هامّة أخرى كسعادة المواطنين والتغير المناخي والبيئة والإنماء والتّطوّر وما شابه"، مؤكّدًا أنّ "وجود رئيس يطمئن الشّعب، ويعمل من أجل إنقاذ الدولة وإصلاح إداراتها، بالتّناغم مع حكومة متجانسة تحمل رؤية واضحة، وبرنامج عمل، هو ضرورة. ما ينقص الشّعب هو الشعور بالأمان، النّاتج عن تكامل السّلطات وتناغم عملها من أجل المصلحة العامّة".

وأوضح أنّ "دعوتنا اليوم أن نعرف أخبار قدّيسينا الّذين عاشوا الكلمة الإلهيّة، وشعروا بلذّتها، وأرادوا نقلها إلى الجميع، حتّى الحكّام، من أجل تحويل الحياة على هذه الأرض إلى تذوّق مسبق للملكوت السّماوي. دعاؤنا أن يسمع الحكّام صوت الرّبّ ويحبّوا شعبه الّذي ائتمنهم على رعايته".