ركّز حزب "تقدم"، لمناسبة "قمة المناخ"، على أنّ "في وقت لم يتمكّن لبنان من الإيفاء بالتزاماته الدّوليّة المتعلّقة بتخفيف انبعاثات الغازات الدّفيئة المسبّبة للتّغيّر المناخي، وفي خضمّ الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الّذي يؤثّر سلبًا على قدراتنا، وفيما نحيّي المبادرات الصّغيرة في مجال الطّاقة المستدامة، لا يسعنا سوى أن نجرؤ على الحلم بالمساواة مع المجتمع الدولي، حيث يمكننا التّفكير بشكل جماعي في استخدام البيانات المحليّة والعالميّة لتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتفعيل العمل المبكر والذّكاء الاصطناعي للتّكيّف مع كوارث التغير المناخي".

ولفت في بيان، إلى أنّ "التزام لبنان على مستوى التّخفيف من الغازات الدّفيئة، في ظلّ أزمة الكهرباء المزمنة، فإنّ البديل الرّئيسي للشعب اللبناني للكهرباء هو المولدات الخاصة الّتي تنتشر عشوائيًّا ومن دون أيّ رقابة بين الأحياء السّكنيّة"، مشيرًا إلى أنّ "بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الطّرق تعجّ بالدّراجات النّاريّة والسّيارات الّتي يبلغ متوسّط مدّة تصنيعها عشرين عامًا".

وأوضح الحزب أنّ "بسبب الأزمة الاقتصاديّة، لا يمكن استبدال المحرّكات غير الفعّالة وذات التّلوّث العالي في المستقبل القريب. علاوةً على ذلك، ليس لدى العديد خيار سوى حرق الأخشاب للتّدفئة في الشّتاء، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بعمليّات قطع الأشجار غير القانونيّة، ما يهدّد الغطاء الأخضر المتبقّي في غابات لبنان".

واقترح "التّدابير الآتية على المدى القصير، للحدّ من انبعاثات الغازات الدّفيئة: تنظيم انبعاثات محرّكات الديزل، تعزيز وسائل النقل العام من خلال استخدام الخمسين حافلة الّتي تبرّعت بها فرنسا في شهر أيّار الماضي (وهي متوقّفة لأنّ الحكومة لم تضع على الأرجح خطّةً لتشغيلها)، تخفيف الانبعاثات من معمل توليد الكهرباء في الذوق والجية، والحدّ من تهريب زيت الديزل عبر الحدود الّذي لا يتوافق مع المعايير المحليّة".

كما أكّد بموضوع التزام لبنان على مستوى التّكيّف مع التغير المناخي، أنّ "التّكيّف يتطلّب حماية مواردنا المائيّة والطّبيعيّة، تطوير أساليب زراعيّة جديدة، وتطوير تدابير السّلامة الصحّيّة العامّة. لكن لسوء الحظّ، لا يزال لبنان يواجه العديد من الإشكاليّات الّتي تعيق تحقيق هذه الأهداف. ولعلّ أبرز أوجهها، هو تفشّي "الكوليرا" أخيرًا، بسبب اختلاط خطوط الصرف الصحي بمصادر مياه الشّرب، على كلّ المستويات الدّاخليّة والسّاحليّة".

وشرح الحزب أنّ "السّبب الآخر، هو عدم تشغيل معظم محطّات التّكرير الّتي كلّفت مئات ملايين الدولارات (أكثر من 750 مليون دولار مشاريع نفّذها مجلس الإنماء والإعمار خلال 20 عامًا بين 2001 و2020، و1.5 مليار دولار منح وقروض خصّصت لمشاريع الصّرف الصحّي خلال 30 عامًا بين 1990 و2021)". وبيّن أنّ "لذا، ومع المخاطر الّتي تواجه لبنان في القطاعَين الصحّي والزّراعي، فإنّ التّكيّف مع التّغيّر المناخي أصبح هدفًا بعيد المنال. وبالتّالي، الأولويّة اليوم هي للتّدخّل من أجل تصحيح ممارسات معيّنة".

وذكر حول التزام لبنان على مستوى تمويل مشاريع الطاقة المستدامة، أنّ "التّكلفة الاقتصاديّة للتّدهور البيئي مرتفعة على الصّعيد العالمي، خصوصًا في الأماكن حيث لم يتمّ تنفيذ تدابير التّخفيف والتّكيّف. قُدّرت التّكلفة المتعلّقة بالمخاطر الصحّيّة المرتبطة بالتّغيّر المناخي في لبنان، بنحو 47.2 مليار دولار قبل تفشّي "الكوليرا".

وكشف أنّ "من المتوقّع أن يتسبّب تغيّر المناخ بارتفاع معدّلات انتشار الأمراض المعدية، زيادة معدّلات الوفيّات والمرض الّتي يتسبّب بها ارتفاع درجات الحرارة، زيادة سوء التّغذية بسبب انخفاض الإنتاج الزراعي، وزيادة تواتر الظّواهر الجوّيّة المتطرّفة".

إلى ذلك، شدّد الحزب على أنّ "لبنان قد فشل في تنفيذ خطّة التّنمية المستدامة لعام 2030، وهو غير قادر حاليًّا على التّخفيف من انبعاثاته أو اعتماد ​سياسة​ مناخيّة شاملة. ولكن وعلى الرّغم من أنّ الحكومة اللبنانية فشلت في تحقيق هدفها المتمثّل في توليد 12% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجدّدة بحلول عام 2020، فإنّ ارتفاع نسبة تركيب ألواح الطاقة الشمسية للمنازل والشّركات الخاصّة قد ساهم في تخفيف الانبعاثات من مولدات الكهرباء الّتي تعمل على الديزل".

وأفاد بأنّ "في العام 2020، كانت الجمهوريّة اللّبنانيّة قد صادقت على اتفاقيّة باريس ضمن إطار اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطاريّة بشأن تغير المناخ (UNFCCC). بنتيجة ذلك، التزمت الحكومة العمل على تخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة وعلى التّكيّف مع التّغيير المناخي وتمويل مشاريع الطّاقة المستدامة، بالإضافة إلى التزامها المساهمة المحدّدة وطنيًّا (NDC) لتخفيق البصمة الكاربونيّة وفقًا للمادّة 4.9 من اتّفاقيّة باريس (والقانون 115/2019)".

وخلص إلى أنّ "إيفاء لبنان بالتزاماته أصبح بعيد المنال، بسبب الانهيار المعقّد والمتعدّد الأوجه الّذي يشهده منذ خمسة أعوام. لذا، وانطلاقًا من مبادئ العدالة المناخيّة، ندعو الجميع إلى المساعدة للتّمكّن من إدراك تحدّيات المستقبل القريب، والتّحقيق في مصادر المشكلة، واقتراح الحلول الفعالة. وهذا الهدف ليس بمستحيل".