لا شكّ أننا بتنا نعيش في "عصفورية" ​الدولار الجمركي​ حالياً، ولا شكّ أيضاً أن الحكومة تنقضّ على الناس عبر سلسلة القرارات التي تتخذها سواء عبر رفع الدولار الجمركي، الذي سيؤدي حكماً الى رفع الضريبة على القيمة المضافة ​TVA​ ورفع الأسعار، مع العلم أنه "حتى الساعة لم يصار الى نشر لائحة بالسلع التي ستتضمّن إعفاءً من الدولار الجمركي"، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ"النشرة".

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فأتت موازنة 2022 لتسددّ الضربة القاضية أيضاً لناحية سلّة الضرائب التي تحملها، ومن يقرأها جيداً يدرك أن الدولة تريد أن تقضي على آخر أمل للقطاع الخاص بالاستمرار والموظفين فيه على حدّ سواء. اليكم مثلاً المادتين الـ7 والـ20: تعديل المادة 31 من قانون ضريبة الدخل المرسوم الاشتراعي رقم 144/1959 وتعديلاته، والمادة الثامنة والعشرين: تعديل المادة 32 من المرسوم الاشتراعي رقم 144/1956 وتعديلاته (قانون ضريبة الدخل) المعدلة بموجب القانون رقم 144 تاريخ 21/07/2019 (موازنة العام 2019)... ماذا يعني ذلك؟.

ببساطة اليوم من يتقاضى راتباً بالدولار يجب أن يدفع ضريبة الدخل بنفس العملة، ومن يتقاضى بالليرة يدفعها بالليرة. هنا يشرح العضو السابق في نقابة خبراء المحاسبة المجازين ربيع داغر لـ"النشرة" أنه "لا يوجد عدالة ضريبية في ​الموازنة​ أو في طريقة إستيفاء الضرائب، وما يقومون به مخالف للمعايير الدولية إذ وجب وجود سعر رسمي موحّد أو سعر دولار في ​السوق السوداء​ محدّد من الدولة وليس سعراً يقفز عشوائياً"، معتبراً أنه "أمام هذا المشهد لا يُمكن القول سوى أنّ ​مصرف لبنان​ و​وزارة الماليّة​ يسعيان الى تسديد عجز الدولة المتبقي من ضريبة الرواتب".

كذلك فإن هذا الأمر حكماً سيؤثّر على اشتراكات الضمان خصوصاً وأنه لم يعدّل قوانينه بعد. هنا يشير داغر الى أنه "وفي 30/03/2021 أصدر مجلس شورى الدولة قراراً منع فيه الضمان من استيفاء الاشتراكات على سعر السوق السوداء، لأن السعر الرسمي المحدد في الدولة كان لا يزال على 1515، والمفترض أن الضمان يجب أن يعمل بحسب ما تصدره وزارة الماليّة أي أنّه وبالمختصر أصبح لديه "حجّة" لرفع اشتراكاته".

تشير مصادر مطّلعة الى أنه "حتماً سيتمّ الطعن بالموازنة وهي لا يُمكن أن تبقى وتطبّق على ما هي عليه"، ولكن عدّة أسئلة تطرح أمام هذا المشهد، هل فعلاً تريد الدولة لابنائها البقاء والاستثمار في هذا البلد أم تريدهم أن يهاجروا، وإذا كانت فعلاً تريد النهوض ب​القطاع الخاص​ لماذا تلقي بثقلها عليه ربما لتمويل ​القطاع العام​؟ والسؤال الأهمّ الذي يراود أذهان الجميع، ألم يحن الوقت لاجراء جردة للقطاع العام؟ يعني بالمختصر المفيد تقليص حجمه تبعاً للحاجة فقط؟ والعمل على النهوض به عوضا عن تحميل القطاع الخاص لصالح القطاع العام ربما لـ"محسوبيات سياسية"؟!.