جاء في صحيفة "الأخبار"، أنّه على غير عادة، عبّر تقرير الأمين العام للأمم المتحّدة أنطونيو غوتيريش إلى مجلس الأمن حول تطبيق القرار 1701، من الفترة الممتدة من 21 حزيران إلى 2 تشرين الثاني 2022، عن «ارتياح اليونيفيل» للأجواء في منطقة جنوب الليطاني.

وبكلّ وضوح، أشار التقرير إلى أنه أخيراً صارت للقوات الدولية قدرة على الوصول إلى كل النقاط على الخطّ الأزرق، بعد سنوات من الشكاوى الدائمة التي كانت تتقدّم بها القوات الدولية ممّا تسميه الحدّ من حرية الحركة الذي تتعرّض له، والتي تؤكّد تقارير الونيفيل السابقة أن وتيرتها ازدادت خلال المرحلة الماضية، قبل أن تهدأ بعد 18 تشرين الأول الماضي. ومع كل «النقّ» الذي أبداه تقرير الأمين العام، حول 23 حادثة اعتراض حصلت في الجنوب في الفترة الممتدة من 21 حزيران وحتى منتصف تشرين الأول، فإنها تكاد لا تحتسب بالمقارنة مع عدد العمليات التي تقوم بها اليونيفيل، والتي ناهزت حوالي 14000 نشاط كل شهر كمعدل وسطي.

النقاش الذي علا في البلد بعد التمديد للقوات الدولية نهاية الصيف، حول حرية الحركة من دون الجيش اللبناني، احتل حيّزاً مهماً من التقرير. وفيما أشاد غوتيريش بالجهود التي بذلتها اليونيفيل لتوضيح موقفها من المسألة والتمسك بحرية الحركة، إلا أن التقرير يظهر بوضوح أن الأمر الواقع فرض على اليونيفيل مواكبة الجيش في كل المناطق الإشكالية التي كانت قواتها تحاول الوصول إليها من دون مؤازرة من الجيش.

التقرير لم يوقف اعتراضاته على المنشآت التي عملت على توزيعها جمعية «أخضر بلا حدود» على الحدود الجنوبية من بيوت جاهزة صغيرة، ذاكراً أنها تبلغ الآن 17 في 16 موقعاً، وأنه تمت إضافة 10 بيوت جديدة وإزالة أربعة. لكن التقرير يعترف بأنه لم تعد هناك من إشكالية للوصول إلى الخط الأزرق.

ويُعتقد أن هذه التغيّرات سببها سلسلة الإجراءات العلنية التي اتخذتها المقاومة في الأشهر الأخيرة التي سبقت الترسيم، لتعكس حالة الجاهزية العسكرية لخوص معركة مع إسرائيل تزامناً مع التفاوض الذي رافق مسألة الترسيم البحري. وما إن حصل الترسيم، حتى خففت المقاومة من إجراءاتها.

حرية الحركة لليونيفيل لم تحل دون مرافقة الجيش لهذه القوات في كل المناطق الإشكالية التي كانت تحاول الوصول إليها

ويعترض التقرير أيضاً على وجود ما يسميه أربعة حقول رماية في منطقة جنوب الليطاني تظهر فيها أسلحة فردية. إلّا أن أغرب اعتراضات التقرير هو الإشارة إلى حادثة تعرّضت فيها مروحية للقوة الدولية إلى نيران مفرقعات نارية فوق أحد الحقول قرب بلدة دير عامص في القطاع الغربي، مع اعتراف التقرير بأن المروحية كانت تحلق على ارتفاع منخفض جداً قرب الأبنية، خارقة بذلك قواعد التحليق التي تمنع اليونيفيل من التحليق فوق الأماكن المأهولة دون الـ 500 متر وفوق المناطق المفتوحة دون الـ 300 متر.

أما مسألة احتلال إسرائيل لبلدة الغجر، فبدت منسيّة وعاديّة بالنسبة لتقرير الأمين العام، الذي اعترف بقيام إسرائيل بأشغال في البلدة واكتفى بدعوة إسرائيل للانسحاب من دون القيام بإجراءات على الأرض كما يفعل في الجانب اللبناني. إذ إنه وفي الوقت الذي يقوم به الإسرائيلي بتجهيز بنية عسكرية في شمال الغجر، لا تزال اليونيفيل تمنع الجيش اللبناني من الوصول إلى تخوم البلدة، بحجة عدم وقوع احتكاك مع الجيش الإسرائيلي. المستغرب هو الموقف اللبناني، الذي لا يعير اهتماماً لمسألة الغجر، التي تحوّل احتلالها إلى أمر واقع.

تكرار تقرير الأمين العام الإشارة إلى ما أسماه «المعلومات المغلوطة»، في وصفه على سبيل المثال الاعتراضات التي ظهرت حول التنقّل من دون الجيش، من دون تحديد ماهية المعلومات المغلوطة، بدا تهديداً لحرية التعبير، حيث يمكن أن تندرج أي مساءلة علنية لليونيفيل تحت خانة التضليل أو المعلومات المغلوطة، خصوصاً أن التقرير يذكر بوضوح أن اليونيفيل تعدّ استراتيجية «لمكافحة المعلومات المضللة والمغلوطة».

المطران الحاج «راجع» إلى فلسطين عبر الناقورة

أفضت وساطة الوزير السابق ناجي البستاني في قضية راعي أبرشية حيفا وتوابعها للموارنة والنائب البطريركي على القدس والأراضي الهاشمية المطران موسى الحاج إلى «حل بالتراضي» يقوم على «الفصل بين الملف القضائي والواجبات الكنسية، والتوازن بين متطلبات القانون ومضمون مذكرة الخدمة الصادرة عن المديرية العام للأمن العام عام 2006»، ما يعني السماح للمطران بالتوجه إلى فلسطين المحتلة من معبر الناقورة على أن يبقى ملفه القضائي مفتوحاً.

وكان المطران أوقف لساعات الصيف الماضي على معبر الناقورة لنقله أموالاً «مشبوهة» من الأراضي المحتلة إلى مستفيدين في الداخل اللبناني. وأصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي مذكرة في حق المطران الذي رفضت بكركي مثوله أمام المحققين، قبل أن يوقف العمل بالمذكرة عبر «فتوى» أصدرها مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أتاحت للمطران مغادرة الأراضي اللبنانية والدخول إلى فلسطين المحتلة.

إشارة عويدات أنزلت الجميع عن الشجرة وساهمت في تسريع الحل، إضافة إلى ما تعرّض له الحاج في الأردن حيث قضى حوالي 8 ساعات في غرفة تابعة للمخابرات الأردنية، أخضع خلالها لتحقيق دقيق.

ويتيح «التفاهم» للمطران العبور من الناقورة، لكن ضمن التزامات محددة. وعلمت «الأخبار» أن معاودة المطران لنشاطه الرعوي باتت قريبة، ويتوقع أن يُغادر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر الناقورة منتصف الشهر الجاري على أبعد تقدير. وأشار مصدر متابع إلى أن الزيارة كان من المفترض أن تحصل قبل هذا الموعد، لكن وجود القائد العام للقوات الدولية «اليونيفيل»، أرولدو لازارو، خارج البلاد أدى إلى تأخير، لكون جزء من الحل يرتبط بالقوات الدولية التي سبق أن أبلغت السلطات اللبنانية أنها تنتظر موقفها لمعرفة كيفية التصرف في حالة عبور المطران، كون الشرطة العسكرية التابعة للقوات الدولية مسؤولة عن تفتيشه.

لكن ما الذي جرى حتى انتهاء الملف إلى هذه الخلاصة؟

في معلومات «الأخبار» أن اجتماعات متعددة عقدها البستاني في بكركي ومع ممثلين عن القضاء والأمن العام أدت إلى تضييق الهوة القانونية، وأفسحت في المجال أمام «التزامات»، قامت على قاعدة الاستفادة المتبادلة من مذكرة عويدات والالتزام بمقتضيات مذكرة الأمن العام، وهو ما أدى إلى تفاهم حول العبور وفق الآلية التالية:

يصل المطران عند الموعد المحدد إلى نقطة القوات الدولية في الناقورة. يدخلها، ثم ينتقل للعبور من خلال الحاجز التابع لاستخبارات الجيش اللبناني. وعند بلوغهِ نقطة الأمن العام، ينتظر وصول الشرطة العسكرية التابعة لقوات اليونيفيل، التي تتولى تفتيشه على طاولة في خيمة قريبة من نقطة الأمن العام تطبيقاً لمضمون مذكرة الخدمة الصادرة عام 2006. وبعد التأكد من عدم حيازته لما يخالف المذكرة، يسمح له بالعبور إلى داخل فلسطين المحتلة. وعلمت «الأخبار» أن «التفاهم» رعى التزام المطران التصريح عن أي شيء يحمله عند عودته. من جانب آخر، علمت «الأخبار» أنه جرى إدخال تعديل على «مذكرة الخدمة»، فجرى استبدال الصيغة القديمة (السماح بعبور المطران بولس صياح راعي أبرشية حيفا السابق) إلى صيغة جديدة هي «السماح بعبور راعي أبرشية حيفا وتوابعها».

في الشق القضائي، أبقيَ الالتزام سارياً في شأن متابعة ملف المطران لناحية الأموال التي حملها سابقاً. وعلم أن القرار يتجه إلى توزيع الأموال شرط التدقيق في مصدرها وتأكد خلوها من أي شائبة، على أن تصادر الأموال التي يثبت أن مصدرها مشبوه (عميل أو سوى ذلك)، والتصرف بها تحت إشراف القضاء المختص.