كثر الكلام مؤخراً مع إرتفاع ​الدولار الجمركي​ عن أنه لن يطال السلع الأساسية بل هو فقط سيطال الكماليات، ولكن ما يجتاح الأسواق حالياً مخيف لناحية الغلاء الفاحش. وعند السؤال عن السبب يكون الجواب "ولو مش عارف إنو الدولار الجمركي صار 15 ألف ليرة". تحدّق في السلعة فتجد عندها أنها يُفترض ان تكون معفاة، عندها أيضاً يأتيك جواباً آخرَ "يا عمّي الدولار صار فوق 42 ألف ليرة"... كلّها أجوبة، لكن الأكيد أن الحجج والتبريرات كثيرة والتجار يجنون الأرباح الطائلة والخيالية.

أواخر الأسبوع الماضي، إرتفع سعر ثمن ربطة الخبز النخالة من Wooden Bakery، الّتي تباع في أحد السوبرماركات الكبرى، من 18 ألف ليرة إلى 30 الف ليرة في يوم واحد، وعندما سألت سامية عن السبب وعما إذا كان هناك من خطأ ما أجابها العامل أنا أيضا ظننت بوجود خطأ، سألت الإدارة عن الموضوع فأتاني الجواب "لا مظبوط صار سعرا هيك".

هذه عيّنة من الفلتان الحاصل في الأسواق، فإذا كان سعر ربطة الخبز ارتفع مرة واحدة 12 ألفا في يومين. هنا تشير مصادر مطّلعة إلى أن "الضغط الأساسي على الدولار هو من التجار،وهو الذي يؤدي حكماً إلى رفع سعر صرفه في السوق السوداء"، مشيرة في نفس الوقت إلى أنّ "التجار تهافتوا على تخزين البضائع تمهيداً لرفع الأسعار بعد ارتفاع الدولار الجمركي،والحقيقة أنّ هذا الإرتفاع أثّر بشكل أو بآخر على المواطن اللبناني، ولكنه أدّى الى جني التجار لأرباح غير مشروعة والدولة النائمة غارقة في أحلامها الوردية في وقت أنّ اللبناني يُسرق "عينك بنت عينك" دون أي رادع".

على مقلب آخر، تسأل المصادر عن الأوضاع المتردية، مضيفة: "لماذا كميّة الاستيراد كبيرة، والتي قد تصل إلى 14 مليار دولار هذا العام، في وقت تعاني البلاد من الأزمات وسعر صرف الدولار مقابل الليرة مرتفع جداً"، لتعود وتشير إلى أن "التجّار يستفيدون من إخراج الدولارات من البلاد"، وهنا السؤال الأهمّ:"هل فعلاً كلّ هذه الكمية التي تصرف من خلالها الدولارات هي لشراء البضائع، أم أن الدولار يهرّب بهذا الشكل".

وهنا تطرح علامات إستفهام حول إرتفاع الأسعار، فهل يعقل أن يصل سعر علبة الطحينة 200gإلى ما يفوق 184 الف ليرة؟ ولماذا الاختلاف بالأسعار بين سوبرماركت وأخرى؟ الجواب بحسب المصادر هو أن "الرقابة غائبة". إذ أن وزارة الاقتصاد، بحسب ما أكدت مصادرها مراراً لـ"النشرة"، تقوم بدوريات للكشف على المحال التجارية ولكن بحسب إمكاناتها، ولكن في نفس الوقت شدّدت مصادر أخرى على أن "هذا مجرّد كلام في الهواء فلا أحد يقوم بدوريات والحديث عن مراقبة هو مجرّد عراضات اعلاميّة".

في المحصّلة، أصبحت المليون ليرة تساوي أقل من مئة ألف ليرة سابقاً، وما كنت تشتريه قبل الأزمة بـ100 دولار اليوم تشتريه بأكثر من المبلغ نفسه وبالدولار، ولا شك أن التجار إستفادوا من جمركة العملة الخضراء والارتفاع غير المسبوق لهذه العملة،فخزّنوا البضائع ويجنون حالياً ما يسمّونه بالأرباح الخيالية ولكنّها بالفعل سرقات، فاذا كانت الدولة سارقة فهي حكمًا تغطّي اللصوص والاّ لأقفلت العديد من المتاجر وصادرت مخازن عدّة.