على وقع العجز الداخلي عن إنجاز ​الإستحقاق الرئاسي​، الأمر الذي يعبر عنه إصرار بعض الأفرقاء على رفض الحوار، تلوح في الأفق معالم حراك دولي، لا يزال حتى الآن غير واضح، نظراً إلى أنه لم يصل إلى المرحلة التي يكون فيها ناضجاً، في ظل ترجيحات بإمكانية أن يتبلور أكثر مع إنطلاقة العام المقبل.

في هذا السياق، لا ينبغي تجاهل الإشارة التي حملها بيان مجلس المطارنة، أول من أمس، الذي تحدث عن الإتصالات الدولية والعربية، الجارية في الشأن الرئاسي، تُعطي مزيداً من الأمل بوصول ‏​المجلس النيابي​ إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتي تؤكد على المواقف التي كان قد عبر عنها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في أكثر من مناسبة، لناحية عجز المجلس النيابي عن إنتخاب رئيس جديد.

في هذا الإطار، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الدورين الأبرز على هذا الصعيد هما الفرنسي وال​قطر​ي، الأمر الذي يعبر عن مصالح الدولتين في الحفاظ على الإستقرار المحلي، بسبب دورهما المرتقب في التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وتذكر بأن ​باريس​ وقطر لعبتا دوراً أساسياً في الوصول إلى إتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.

على الرغم من ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أن الحراك الفرنسي والقطري لا يملك القدرة وحده على إنضاج تسوية في لبنان، نظراً إلى أن الأمر يتطلب مشاركة لاعبين دوليين وإقليميين اخرين، أبرزهم ​الولايات المتحدة​ و​السعودية​ و​إيران​، وبالتالي فرص نجاحه تتوقف على إمكانية تقديم طرح يقنع هؤلاء اللاعبين بالمضي به، من المفترض أن ينطلق من معادلة عدم الرهان على حصول تقلبات في التوازنات القائمة في المرحلة الراهنة.

من وجهة نظر المصادر نفسها، واشنطن، التي تعطي تفويضاً لباريس بإدارة الملف اللبناني ضمن حدود معينة، ليست بعيدة عن هذا التوجه، نظراً إلى أن لا مصلحة لديها بالذهاب إلى الإنهيار الشامل، وترى أن الأمر نفسه ينطبق على طهران، التي تترك إدارة الملف إلى "حزب الله"، في حين برزت، في الأيام الماضية، مؤشرات على دخول الرياض على الخط، بعد أن كانت ترفض ذلك، أبرزها كان اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

على هذا الصعيد، ترى المصادر السياسية المتابعة أن هناك 3 محطات من المفترض رصدها، في الأيام المقبلة، أبرزها مؤتمر عمان، في 20 الشهر الحالي، التي تشارك فيه الدول المعنية بالملف العراقي، نظراً إلى الحضور الإيراني والسعودي فيه، بالإضافة إلى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، من أجل تفقد كتيبة بلاده العاملة في "اليونيفيل"، أما الثالث فهو إنتهاء فعاليات كأس العالم لكرة القدم في قطر، على إعتبار أن الدوحة كانت، طوال الفترة الماضية، منشغلة بها.

في إعتقاد هذه المصادر، أي حراك دولي فاعل من المفترض أن تظهر معالمه بعد الإنتهاء من المحطات الثلاث المذكورة في الأعلى، بعد أن كانت غالبية مواقف اللاعبين المؤثرين تصب في إطار العموميات، خصوصاً لناحية التشديد على أهمية أن يبادر القادة اللبنانيون إلى القيام بواجباتهم والتشديد على ضرورة الحفاظ على الإستقرار الأمني، حيث تشير إلى أن هؤلاء اللاعبين يدركون جيداً أن القوى المحلية عاجزة عن هذا الأمر من دون تدخل من قبلهم.

في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن العنوان الأساسي لهذا الحراك هو الحرص على الإستقرار المحلي، أي منع الوصول إلى الإنهيار الشامل، الأمر الذي ترى أن من الممكن أن يتحقق عبر مسارين: الأول هو تسوية مرحلية، عنوانها الأساسي الإستمرار في معادلة تقطيع الوقت، أما الثاني فهو تسوية كبرى تقوم على أساس الإنتقال إلى مرحلة جديدة في البلاد، وتضيف: "لكل مسار ظروف من المفترض أن تتأمن، ونتائج من المفترض أن تنتج عنه".