اللئيم إنسان لا يعرف الله، فالله إله محبة وغفران وتسامح وعطاء، إنه إله الرّحمة، أمّا اللئيم فبعيد كلّ البعد عن هذه الفضائل الإلهية، بل أكثر من ذلك، إنه أقرب إلى حيل الشرير، إنه شرّ بحدّ ذاته.

اللئيم لا يقل خطيئة عن الظالم، فهما وجهان لعملة واحدة. فالظالم لئيم بالقول والفعل، يمنع الطعام والشراب والخير عن المسكين، والمنافق يحيّيه ويعتبره نبيلًا، ربما لأنّ هذا المنافق يستفيد من هذا الظالم. ولكن بعد أن يدخل هذا المرء في معرفة الله ويتفتح قلبه وبصره على النِعم السماويّة، تجده يبصر الحقيقة ويدعو اللئيم لئيمًا، والظالم ماكرًا.

نعم، اللؤم مرض بحد ذاته، واللئيم إنسان بلا فائدة "أو "عديم النفع"، لا يبني الآخر. الإنسان مهما تعلَم ومهما نال من شهادات وحاز مناصب رفيعة، دينيّة أم زمنيّة، ونفسه مجبولة باللؤم والظلم، فهو نكرة.

تعلّمنا من الكتاب العزيز، أن من يكون أمينًا في استخدام حياته على الأرض لعمل الخير، يأتمنه الله على ميراث ملكوت السموات، أما من يستخدم العالم لشهواته وأنانيته ويظلم المحتاجين ولا يساعدهم، فلا يؤتمن على ميراث الملكوت. نجد هذا التعليم من خلال مثل وكيل الظلم الوارد في الاصحاح 16 من إنجيل لوقا، ومعناه أنّ المسيح يؤكد أهمية الأمانة ولا يمتدح خيانة وكيل الظلم، ويدعونا فقط للتمثّل بحكمته، فنكون أمناء أثناء حياتنا على الأرض لأننا وكلاء من الله على أجسادنا وكل إمكانياتنا، فيهبنا بعد ذلك الملكوت مكافأة لنا.

كثر يظنون أنهم بلؤمهم وظلمهم ينالون ما يشتهونه من مجد هذا العالم الفاني. يؤسفني، تحديدًا، بعضُ العاملين بحقل الرب والأعمال الإجتماعيّة، ويمتازون بشخصية فيها من اللؤم والظلم الشيء الكثير. يحقّرون المستعطي ويستعبدونه. أولئك دينونتهم اكبر بكثير من غيرهم.

طبعًا هذه خطايا يستطيع الإنسان تخطّيها إذا تقرّب من الله، وفهم أنّ خلاصه يأتيه من باب الرحمة الإلهية والمحبّة الأخويّة. كلّ واحد مدعو إلى احتضان الخاطئ، بما فيه الظالم واللئيم. وقد دعانا بولس الرسول إلى إصلاح بعضنا بعضًا، "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا"(غلاطية 6: 1).

طريق الخلاص متاح للجميع، وباب المراحم مشرّع لكل خاطئ، الأمر يعوزه جرأة وقرار.

في المحصّلة، إن لم يعرف الإنسان ذنوبه على الأرض، لن ينال رحمة من لدن الله، الذي احبّنا وتنازل لأجل أن يمحو صك خطايانا. فاللئيم والظالم مع كل الصفات التي تدور في فلكهما، إذا عرفا المحبّة، التي هي السمة الأساسية لمفهوم الله، سلكا طريق الخلاص.

نحن مدعوون، في زمن الميلاد المجيد، أن نلقي عنا كل صفة تسيء لخلاصنا، ونخلع الإنسان العتيق، المليء بالشهوات الرديئة، ونلبس الإنسان الجديد على صورة خالقنا، وهكذا يصبح كل واحد منا مغارة يولد فيها المسيح إلى العالم.