إنطلاقاً من حالة الجمود القائمة على المستوى الداخلي، الأمر الذي تأكد بعد النتيجة التي وصلت إليها الدعوة إلى الحوار الذي كان يسعى إليه رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، بدأت الأنظار تتجه إلى ما قد يأتي من الخارج من مؤشرات، لا سيما مع ضخ معلومات عن حراك يحصل على أكثر من صعيد، وكان الرهان الأساسي على إحتمال أن يقوم الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ بزيارة ​لبنان​، خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة.

في اليومين الماضيين، بدأ التداول في الأوساط السياسية اللبنانية بمعلومات عن تأجيل موعد هذه الزيارة، من دون أن تتضح الأسباب التي من الممكن أن تقود إلى هذه النتيجة، مع العلم أن الزيارة نفسها لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، وبالتالي هي، على الأرجح، مرتبطة بنتائج كان من الممكن أن يتوصل إليها الحراك الفرنسي.

في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، بأن أي حراك فرنسي، لا سيما على مستوى زيارة ماكرون، مرتبط بإمكانية أن يكون بين يديه ما يمكن أن يطرحه، خصوصاً على المستوى الرئاسي، الأمر الذي لم يتوفر حتى الساعة، حيث لا تزال الأمور على حالها من دون تحقيق أي تقدم جدي، بسبب إنشغال القوى الدولية والإقليمية بملفات أخرى تعتبرها أكثر أهمية من الملف اللبناني، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى باريس.

بناء عليه، تدعو هذه المصادر إلى إنتظار ما قد ينتج من اللقاءات التي ستعقد على هامش مؤتمر عمان، الذي يبدأ اليوم، على إعتبار أن الرئيس الفرنسي، الذي سيكون حاضراً في هذا المؤتمر، من الطبيعي أن يسعى إلى طرح الملف اللبناني مع بعض ممثلي الدول المشاركة فيه، خصوصاً السعودية وإيران، وترى أنه بناء على ذلك من الممكن ترقب ما قد يقوم به في الفترة المقبلة.

على الرغم من ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن عمق الأزمة اللبنانية يحتاج إلى ما هو أبعد من ذلك، وبالتالي لا يمكن الوصول إلى نتائج حاسمة على هامش مؤتمر يعقد في الأصل لبحث الملف العراقي بشكل أساسي، خصوصاً أن وجهات النظر، بين اللاعبين المؤثرين، لا تزال متباينة، حيث هناك من يريد طرح حل مرحلي مقابل من يريد طرح تسوية شاملة، تشمل رئاستي الجمهورية والحكومة معاً.

في مطلق الأحوال، هناك قناعة جازمة لدى غالبية الأفرقاء المحليين بأن مفتاح الحل هو خارجي بالدرجة الأولى، والبعض يذهب إلى الدعوة لانتظار ما قد ينتج عن الإتصالات التي يقوم بها الجانبين القطري والفرنسي، على أساس أنهما الأقدر على لعب دور الوسيط أو رعاية تسوية ما، لا سيما أن لهما مصالح مشتركة في ذلك.

في هذا الإطار، تؤكد مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن كل ما يُحكى حول ​الإستحقاق الرئاسي​، خصوصاً بالنسبة إلى الإتصالات الدولية، يفتقد إلى الدقة، لا بل من الممكن الحديث عن وجود مبالغات كبيرة في هذا المجال، الأمر الذي يدفعها إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام حول أسباب الإصرار على ضخ هذا النوع من المعلومات في المرحلة الراهنة.

من وجهة نظر هذه المصادر، السبب الأساسي قد يكون الواقع الداخلي، لا سيما بالنسبة إلى إنقطاع سبل التواصل الجدية بين الكتل المختلفة، بالرغم من إقتناعها بأن لا إمكانية لإنجاز الإستحقاق الرئاسي من دون حوار، يفتح الباب أمام الأفرقاء المعنيين لطرح وجهات نظرهم أو رؤيتهم، وتأكيداً على هذا الواقع تشير إلى أن فريق الثنائي الشيعي لا يزال، حتى الساعة، يتمسك بترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، حتى ولو يتم الإعلان عن الترشيح رسمياً.

في المحصّلة، تؤكد المصادر نفسها أن لا جديد يمكن الركون إليه على المستوى الرئاسي، بإستثناء إهتمام تبديه باريس والدوحة، عبر سلسلة من الإتصالات والمشاورات، لكن الوصول إلى أي طرح جدي، على ما يبدو، لا يزال يحتاج إلى المزيد من الوقت.