شدّد الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله،على "أنّنا أمام حكومة إسرائيليّة جديدة، ونحن جرّبنا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ سنوات. هذه الحكومة الجديدة هي خليط من فاسدين ومجرمين ومتطرّفين ومتشدّدين، ولا تخيفنا على الإطلاق، بل ربّما نتفاءل بتعجيل نهاية هذا الكيان الموقّت على أيدي هؤلاء، من خلال ارتكاب حماقات وأخطاء قد تودي بهم إلى الهاوية".

وأعلن،في كلمة له خلال مهرجان "الوفاء والكبرياء"، الّذي ينظّمه "حزب الله" في الذّكرى الثّالثة لاغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثّوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي العراقي" أبو مهدي المهندس، "أنّنيأريد أن أضمّ صوت المقاومة في لبنان إلى صوت فصائل المقاومة في فلسطين، لأقول إنّ التّعرض للمسجد الأقصى وللمقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في فلسطين، لن يفجّر الوضع هناك فقط، بل قد يفجّر المنطقة بأكملها؛ فشعوبنا لن تتحمّل اعتداءات من قبل هؤلاء المجانين على المقدّسات".

وتوجّه السيّد نصرالله إلى الدّول ورعاة "الكيان الغاصب"، قائلًا: "إذا كنتم لا تريدون حربًا ثانيةً في المنطقة، فعليكم كبح جماح هؤلاء المتطرّفين المجانين"، جازمًا "أنّنا مستيقظون وحذرون ولن نسمح بأيّ تغيّر في قواعد الاشتباك وموازين الرّدع مع لبنان، وهم يعرفون أنّنا كنّا جاهزين للذّهاب إلىأبعدمكان أيّام ترسيم الحدود البحرية".وأكّد "أهميّة استمرار مسؤوليّة الدولة اللبنانية في ملف النفط والغاز، والحقيقة أنّ العين مع هذه الحكومة الإسرائيليّة يجب أن تكون أكثر توجّهًا نحو فلسطين المحتلّة".

وفي ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، ذكّر بـ"أنّنيفي خطابي الأخير، قلت إنّنا لا نريد رئيسًا للجمهوريّة يغطّي المقاومة أو يحميها، بل حقّا الطّبيعي أن نطالب برئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها"، مبيّنًا أنّ "هذه الصّفة للرّئيس ليست للمزايدة، بل هذا طبيعي، لأنّ رئيسًا لا يطعن المقاومة في الظّهر أي لا يأخذ البلد إلى حرب أهليّة، ويريد الوفاق والحوار، ويساعد في حماية لبنان أمام التّهديدات الإسرائيليّة".

ولفت إلى أنّ "منذ اليوم الأوّل للمفاوضات النووية الإيرانية وحتّى اليوم الأخير، إيران لا تفاوض إلّا على الملف النووي، وقد ثبت ذلك خلال السّنوات الماضية، والأميركيّون هم من يريدون إدخال ملفات المنطقة إلى المفاوضات". واعتبر أنّ "مَن ينتظر المفاوضات النّوويّة، معناها أنّه قد ينتظر عشرات السّنوات، فهل لا يكون لنا رئيس إلى ذلك الحين؟ ومن ينتظرون توافقًا إيرانيًّا- سعوديًّا، نقول لهم "أنتم مطولين" أيضًا".

كما ركّز نصرالله على أنّ "إيران لا تناقش الانتخابات الرئاسية في لبنان مع أحد، ولا تتدخّل بالشّأن الدّاخلي اللّبناني على مدى 40 عامًا. كما أنّه حتّى لو جلس السّعوديّون والإيرانيّون، فإنّ أولويّة السعودية هي اليمن وليس لبنان". ووجد أنّ "المسؤوليّةالمترتّبة على القوى السّياسيّة اللّبنانيّة والكتل النّيابيّة أكبر من أيّ وقت مضى".

وخاطب الشعب اللبناني بالقول: "يجب أن نُجمع على رئيس لأنّه المدخل إلى إعادة تشكيل الدّولة من جديد، ويجب أن نعود إلى بعضنا البعض، وبعض اللّقاءات الثّنائيّة الّتي حصلت الأسبوع الماضي جيّدة، في ظلّ غياب حوار جامع بالطّريقة الّتي دعا إليها رئيس مجلس النّواب نبيه بري. وأقول لكم لا تنتظروا الخارج، فالأصل هنا والوقت ضاغط".

من جهة ثانية، أكّد "أنّنا حريصون على معالجة الإشكال بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بالتّواصل، وستكون هناك لقاءات قريبة، والأمر جدير بالمناقشة والتّقييم الدّاخلي؛ فنحن حريصون على العلاقة"، مشيرًا إلى أنّ "في السّياسة، إذا وضعنا يدنا بيد أحد، فلا نبادر إلى سحبها إلّا أراد الحلفاء ذلك، ونحن لا نجبر أحدًا على التّحالف أو الصّداقة أو التّفاهم".

وكشف نصرالله "أنّني كنت أقول دائمًا لرئيس "التّيّار الوطني" النّائب الصّديق جبران باسيل، إنّه في أيّ وقت تشعرون بالحرج والضّغط، وأنّ الاستمرار في التّفاهم يشكّل لكم عبئًا أو حرجًا، كونوا مرتاحين ولن نكون منزعجين، ويمكن القيام بأيّ صيغة أخرى نتعاون بها كأصدقاء". وركّز على أنّ "ملاحظتنا الأساسيّة أنّ سلوكنا دائمًا مع أصدقائنا وحلفائنا، أنّهم ينتقدوننا ويناقشوننا في العلن، ولكنّنا في المقابل لا نفعل ذلك إلّا نادرًا؛ فنحن نفضّل النّقاش الدّاخلي".

إلى ذلك، لفت إلى "أنّني كنت أعتقد أنّ الوقت لن يتّسع في مهرجان شعبي، للتّحدّث عن جميع القضايا المحليّة والإقليميّة، ففكّرت أن أتحدّث يوم الجمعة الماضي، وأركّز على الملفّات المحليّة وأتطرّق إلى عدد من الأحداث الّتي حصلت في لبنان، وأيضًا الموضوع السّياسي والانتخابات الرّئاسيّة وغيرها؛ لكنّ مشيئة الله كانت مختلفة".

وأوضح أنّ "بعد إلغاء الكلمة، كان ممكن أن تكون هناك تأويلات، بعضها قد يكون خاطئًا. وأنا أعتذر من جميع المحبّين لما جرى معنا في الأيّام القليلة الماضية، وأنّني "شغلت بالكم" وأشكر كلّ الّذين دعوا وتصدّقوا، وأطمئنكم بعد ما قيل في الإعلام الإسرائيلي والخليجي حول وضعي الصحّي، وأقول إنّه لا داعي للقلق". وكشف أنّ "لديّ تحسّسًا في القصبة الهوائيّة منذ نحو 30 عامًا".

ورأى الأمين العام لـ"حزب الله" أنّ "أحد العوامل الّتي تكشف لنا عن عظمة أيّ شخص أو مكانته أو جوهره، هو عمله في الدّنيا وما أنجزه، ونحن نكتشف من خلال عظيم عمل سليماني حقيقة جوهره ومكانته"، مبيّنًا أنّه "عندما دخل سليماني إلى ساحتنا ومنطقتنا قبل أكثر من 20 عامًا، كان تتوفّر له وبين يديه عوامل أساسيّة، من بينها شخصيّته هو، بصدقه الكبير وإخلاصه العظيم، وأنّه كان يستند إلى قيادة، إلى قائد حكيم وعظيم وشجاع هو السيّد على الخامنئي".

وذكر أنّ "سليماني لم يكن جنرال الولاية بل جندي الولاية، وهكذا عاش في حياته. وهو استطاع من خلال عقله وحضوره الدّائم ودأبه، أن يربط قوى المحور وأن يوجِد تنسيقًا قويًّا، وأن يدخل إلى كلّ قوة ليزيدها قوةّ ودعمًا، وهو ساهم في إعطاء الأمل في الشّدائد من خلال الحضور في الخطّ الأمامي". وأشار إلى أنّ "للأسف البعض يصوّر أنّ القوى الوطنيّة وحركات المقاومة هي تابعة لإيران، لكنّ الحقيقة هي عكس ذلك".

كما شدّد على أنّ "خلال عقدين من الزّمن، واجه سليماني نسختَين من المشروع الأميركي، أوّلها المشروع الأميركي الثّابت في منطقتنا، القائم على الهيمنة والتّسلّط والإمساك بالنفط والغاز والموارد الطّبيعيّة والأسواق والقرار السّياسي؛ وفي قلب المشروع هناك إسرائيل التّي هي الثّكنة العسكريّة الأميركيّة المتقدّمة".

وركّز نصرالله على أنّ "النّسخة الأولى من المشروع الأميركي بدأت عام 2001، بعد استلام الرّئيس الأميركي السّابق جورج بوش الابن الرّئاسة، وأفغانستان لم تكن في الخطّة وفق ما نُشر، بل ذُكر العراق، سوريا، لبنان، إيران، ليبيا، السودان والصومال. هذه الدّول كان من المفترَض احتلالها في النّسخة الأولى من المشروع الأميركي، لأنّها دول خارج السّيطرة، وبعضها متمرّد وبعضها يشكّل تهديدًا للمشروع الأميركي- الإسرائيلي".

ورأى أنّ "حادثة 11 أيلول 2001 أعطت قوّة دفع للمشروع الأميركي، لدخول أفغانستان والعراق والاقتراب من إيران وسوريا"، لافتًا إلى أنّ "المشروع الأميركي الأوّل في المنطقة انتقل في ما بعد، إلى ضرب المقاومة في فلسطين ولبنان، ولو نجحت الحرب في لبنان لأكملت على سوريا والمقاومة في فلسطين،لكنّ ذلك لم يحصل. وهنا يحضر سليماني، بمقدّراته الشّخصيّة وبما يمثّل، بعيدًا عن الإعلام".

وأكّد أنّ "النّسخة الأولى من المشروع الأميركي سقطت وفشلت، وانتهت مع انسحاب القوّات الأميركيّة من العراق عام 2011"، موضحًا أنّ "العراقيّين هم من أطلقواالمقاومة في العراق، والمقاومة العراقية هي الّتي فرضت على الإدارة الأميركية أن توقّع اتّفاقًا مع الحكومة العراقية عام 2008، وهي الّتي صعّدت حتى فرضت على القوّات الأميركيّة أن تخرج من العراق".