على الرغم من الإشارات الإيجابية التي تضمنها خطاب أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله الأخير، بالنسبة إلى العلاقة مع "التيار الوطني الحر"، خصوصاً لناحية الحرص على معالجة الأزمة القائمة بالتواصل، والتأكيد على أنه سيكون هناك لقاءات قريبة. إلا أن هذا لا يلغي أن هذه الأزمة تتصاعد يوماً بعد آخر، خصوصاً أن التيار تعمد، في اليوم التالي للخطاب، تسريب معلومات عن أن ما تضمنه غير كاف لمعالجة الخلل.

حتى الآن، لا زال الجانبان يصران على معادلة عدم الرغبة في فك التحالف، وهو ما يظهر من خلال التشديد على أهمية التواصل بينهما، لكن في المقابل لدى بعض أوساط قوى الثامن من آذار قراءة مختلفة، تنطلق من معادلة أن رئيس التيار النائب ​جبران باسيل​ يذهب بعيداً في مواقفه، تحديداً منذ اللقاء الذي جمعه مع السيد نصرالله، الأمر الذي بدأت تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول أسبابه، مع العلم أنه كان من الممكن تجنب الإشارات السلبية التي تم تسريبها يوم أمس.

في هذا السياق، تشير هذه الأوساط، عبر "النشرة"، إلى أن كلام السيد نصرالله المتعلق بأن الحزب لا يجبر أحد على الإستمرار بالتحالف معه، أو أنه إذا كان يرغب التيار بالخروج من التحالف لا مشكلة في ذلك وليس بالجديد، بل أن باسيل تبلغه في أكثر من مناسبة في الجلسات المغلقة، لكنها تلفت إلى أن رئيس التيار كان دائماً ينفي الرغبة بذلك، خصوصاً في الفترة التي سبقت ​الإنتخابات النيابية​، لكن على ما يبدو نقطة التحول كانت الخلاف حول ​الإستحقاق الرئاسي​، لناحية تبني الحزب غير المعلن لترشيح رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​.

بالنسبة إلى "حزب الله"، ما حصل على المستويين الإعلامي والسياسي، في الفترة الماضية، ليس بالأمر العادي، بالرغم من تأكيده أنه سعى إلى "لملمة" الموضوع بعد البيانات المتبادلة التي تلت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، الأمر الذي يتم التأكيد عليه من خلال حجم العتب المعّبر عنه في بعض الأحيان.

في هذا الإطار، تستغرب أوساط قوى الثامن من آذار ربط "التيار الوطني الحر" مسألة الخلاف حول المرشح الرئاسي بالشراكة، وتسأل: "هل إذا قرر فرنجية الإنسحاب من المعركة أو تم الإتفاق على إسم الوزير السابق ​جهاد أزعور​ تحل مشكلة الشراكة"؟ وتضيف: "أين قصّر الحزب مع التيار في مسألة الشراكة على مدى السنوات الماضية"؟ أما بالنسبة إلى معركة بناء الدولة أو مكافحة الفساد، فتذهب أبعد من ذلك، لتشير إلى أن الحزب نفسه قدم ما يقارب 600 ملف إلى القضاء، وبالتالي لا يمكن لومه في هذا المجال.

بالإضافة إلى ما تقدم، تشير الأوساط نفسها إلى أنكلام باسيل عن ​السعودية​ و​إيران​، في الأيام الماضية، لم يمر مرور الكرام، حيث تلفت إلى أن توقيت هذا الكلام ليس من السهل هضمه، نظراً إلى أن طهران تمر، في الوقت الراهن، بأزمة، وبالتالي كان من المفترض عدم الذهاب إلى هذا النوع من المواقف، خصوصاً أنها لم تكن مقصرة في العلاقة مع التيار، من دون تجاهل الكلام الآخر الذي تناول فيه إتفاق مار مخايل، حيث تحدث أنه يقف على "إجر ونصف"، بعد أن إختار 3 بنود من كامل الإتفاق.

في المحصلة، تفضل هذه الأوساط عدم الدخول في تحليل أسباب ذهاب باسيل إلى هذا المكان، بالنسبة إلى الرسائل التي يتوجه بها إلى الحزب، بالرغم من أنها تضع أكثر من سيناريو لذلك، لكنها تشير إلى أنه يوحي بأن العلاقة لم تعد كما كانت عليه في الماضي، حيث تصف الواقع بالقول: "هو خرج من التحالف ذهنياً بالرغم من إمكانية إستمرار العلاقة بين الجانبين"، الأمر الذي من المفترض أن يتوضّح أكثر في المرحلة المقبلة.