قبل نهاية العام المنصرم، كانت غالبية القوى السياسية تتوقع أن تشهد البلاد، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، حراكاً جدياً على مستوى ​الإستحقاق الرئاسي​، على قاعدة أن هناك بين القوى الخارجية من يستعجل الوصول إلى تسوية تقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل، لكن على ما يبدو هذه التوقعات تبخرت في الوقت الراهن، حيث عاد الحديث بقوة عن حالة من الجمود قد تستمر ما بين 3 أو 4 أشهر.

في حصيلة الإتصالات والمشاورات، التي رافقت عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، كان هناك شبه إجماع على أن الأمور لا تزال تدور في حلقة مفرغة، حيث الجميع عند مواقفه الأساسية، من دون أي تقدم خطوة إلى الإمام، بإستثناء الدعوات المتكررة إلى الحوار، على أساس أنه باب الوصول إلى تسويات.

بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، هذا الواقع تم التأكيد عليه في خطاب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي كان واضحاً لناحية الدعوة إلى عدم الرهان على التطورات الخارجيّة، سواء لناحية الحوار الأميركي الإيراني حول الملف النووي أو لناحية الحوار السعودي الإيراني، بينما الحراك على المستوى الداخلي لم يبدل من مواقف الأفرقاء الأساسيين، في ظل الخلافات القائمة على أكثر من جبهة.

وتشير هذه المصادر إلى أنه بالرغم من كل ما يُحكى، في بعض الأروقة السياسية، ليس هناك من تحرك خارجي جدي، بل على العكس، ما يتم التداول به لا يخرج عن الإطار التحليلي، الذي قد يصدق أو لا يصدق، وبالتالي من يراهن عليه قد ينتظر طويلاً قبل أن يبدأ بلمس المعطيات العملية، في حال حصول ذلك، أما بالنسبة إلى الحديث الداخلي عن تقدم بعض الأسماء، التي تصنف من الخيارات الثالثة، فهو أيضاً لا يخرج عن الإطار التسويقي.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، تلك الأسماء، بحسب المعادلة الرقمية، كل منها يحظى بعدم ممانعة فريق أو أكثر، لكن من دون أن يقود ذلك إلى تأمين عوامل الإجماع حولها، لا بل ان بعض من يدعم أسماء محددة ينطلق من معادلة أنها لا تملك فرص النجاح، وبالتالي ليس هناك ما يستدعي الخلاف مع الجهة التي تطرحها، خصوصاً إذا ما كان التقارب معها، في المرحلة الراهنة، مفيد.

إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر السياسية المتابعة، تقدم معادلة الظروف المتعلقة بكل إسم، أي أن الأمور مرهونة بالمعطيات التي ستكون قائمة في لحظة الإنتخاب، مع تشديدها على أن كلاًّ من رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​ وقائد الجيش اللبناني ​العماد جوزاف عون​ لا يزالان الأبرز، على قاعدة أن كل واحد منهما ينطلق من أرضية ثابتة على مستوى دعمه، أي أنه لا يبدأ في السباق من الصفر، لكن الوصول إلى إنتخابه لا يزال يحتاج إلى الكثير من العمل.

بناء على ما تقدم، تنطلق هذه المصادر في قراءة واقع المرشحين، حيث تلفت إلى أنه بالنسبة إلى فرنجية هناك قناعة، حتى داخل القوى الداعمة له، أن معركته صعبة، فهو لا يملك أكثر من 50 صوتاً، وبالتالي من المستحيل، في حال لم تتبدل المعطيات، تأمين أغلبية من 65 نائباً له، قبل البحث في كيفية تأمين النصاب الذي يتطلب 86 نائباً، وتشير إلى أن الأمر نفسه ينطبق على عون، بالرغم من التفضيل الخارجي له.

في المحصلة، ترى المصادر نفسها أن إنطلاق البحث الجدي في هذا الإستحقاق مرتبط بمعادلتين: الأولى هي أن يتعب الأفرقاء المحليون، أما الثانية فهي أن يظهر تدخل خارجي يقود إلى تسوية، وتضيف: "حتى الآن، لم تتوفر المعطيات التي توحي بتقدم أي من المعادلتين، ما يعني صعوبة توقع الوصول إلى تفاهم قريب".